نظراً إلى الموسمية التي يعمل بها قطاع العقارات السعودي، تصدَّر فرع تأجير العقارات الترفيهية في العاصمة السعودية المشهد العقاري خلال إجازة عيد الفطر المبارك في أهم موسم له طوال العام، حيث بدأ الحجز عليها مبكراً قبل حلول العيد بفترة تصل إلى عدة أسابيع، وذلك لضمان الحصول على مكان مناسب لقضاء أيام العيد فيه، وهو الأمر الذي دفعها إلى الوصول إلى قيم مرتفعة تصل إلى الضِّعف، في ظل محدودية الأماكن الترفيهية المتوفرة محلياً في الوقت الذي تبذل فيه المتوفرة أقصى طاقاتها التشغيلية لاستيعاب أكبر عدد ممكن.
وتلعب درجات الحرارة المرتفعة التي تعيشها السعودية بشكل عام والرياض بشكل خاص دوراً في الدفع بهذا النوع من العقارات لتسجيل معدلات تشغيل مرتفعة، وتشمل هذه العقارات الشاليهات الترفيهية، والمباني الترويحية، وتسمى محلياً «الشاليهات»، وهي عبارة عن مبانٍ تحتوي على مسطحات خضراء ومسابح مائية، وتكون عادةً ذات خصوصية كاملة لعائلات بمفردها دون الاختلاط مع غيرها، وبلغت نسبة تشغيل هذا النوع من العقار نحو 100%، في ظل غياب قانون يقنن الأسعار وتركها لأغراض العرض والطلب.
وأوضح عبد اللطيف العبد اللطيف الذي يمتلك عقارات مخصصة للمناسبات، أنهم في شهر رمضان المبارك يسجلون أدنى معدلات الإشغال على مستوى العام، خصوصاً «الشاليهات» الكبيرة المخصصة للمناسبات، نظراً إلى انشغال الناس عن الخروج لها وقضاء الشهر في العبادة والاستعداد للعيد، لذا فإنهم يستغلون هذه الفترة لعمل صيانة عامة استعداداً للعيد والفترة التي تليه، لذلك تجد أن معظم الاستراحات تتغير بعد العيد، باعتبارها فترة للتجديد، ملمحاً إلى أن هناك ارتفاعاً خاصاً في الأسعار في فترة العيد لا يقل عن الضِّعف في أحسن الأحوال، موضحاً أنهم يغطون نسباً صغيرة مقابل الإقبال الكبير، حيث تحتاج السوق المتنامية إلى عشرات السنين لتغطيتها، وهو ما لن يتم.
يذكر إلى أن تسعيرة «الشاليهات» في السعودية بشكل عام، يتم تحديدها عن طريق المالك، ولا توجد أي جهة حكومية تتبنى تحديد الأسعار ومراقبتها منعاً للاستغلال، لذلك تشهد المواسم أسعاراً خاصة تكون غالباً ذات قيمة مبالغ فيها، ويكون رأي العميل فيها القبول بالاستئجار أو الرفض والبحث عن غيرها، رغم تشابه أسعارها إلى حد كبير مع أسعار الاستراحات في العيد.
وأوضح العبد اللطيف أنها تختلف باختلاف منطقتها أولاً، وحسب حجمها وتجهيزاتها، مبيناً أن بعض الاستراحات تكون ذات تكاليف باهظة تصل إلى ملايين الريالات، تتميز بفخامتها ومساحتها الشاسعة وتجهيزاتها الحديثة، لافتاً إلى أن بعضها تكون استراحات ذكية، تنفرد عن غيرها بإدخال التكنولوجيا والتقنية عليها لخدمة كبار العملاء، إلا أنها تبدأ على العموم من مبلغ 900 ریال (240 دولاراً)، لتصل إلى 15 ألف ریال (4 آلاف دولار) في اليوم الواحد أو خلال فترة عطلة العيد، وهناك حالات شاذة، إلا أن هذه الأرقام تعد متوسطة بشكل عام.
يذكر أن السعوديين يفضلون الخروج إلى مثل هذه النوعية من المتنزهات، لتميزها بالخصوصية الكاملة التي توفرها، مقارنةً بالمتنزهات العامة أو المختلطة، التي تجمع العائلات جميعها في مكان واحد، إلا أن العادات والتقاليد كان لها أثر كبير في إنجاح هذه النوعية من العقارات الترفيهية الخاصة، التي تحرص على الخصوصية قبل كل شيء.
ويقول أحمد هلال الذي يدير سلسلة من الشاليهات المتخصصة بالتأجير اليومي، إن أيام العيد ورغم محدودية مدتها تشكل رقماً لا يستهان به في تحقيق الأرباح عبر زيادة نسبة الحجوزات التي يصاحبها ارتفاع طبيعي في الأسعار، نظراً إلى ارتفاع الطلب إلى مستويات كبيرة تقفز بشكل مستمر حتى ليلة دخول العيد إنْ وجدت، حيث يفوق العرضُ الطلب بأضعاف مضاعفة، إلا أن ذلك لم يتسبب بتاتاً في العزوف عنها، بل إن بعض الشاليهات تم حجزها قبل دخول شهر رمضان المبارك، وذلك لضمان الحصول على مكان مناسب لقضاء العيد، خصوصاً للعائلات الصغيرة التي لا ترتبط عادةً بالاجتماعات الكبرى، لافتاً إلى أن هذه الفئة في ازدياد، وذلك ابتعاداً عن النمطية المعروفة لقضاء الأعياد.
وأضاف هلال: «نمتلك ما يزيد على 30 وحدة سكنية ترفيهية (شاليه) مجهزة بتجهيزات مختلفة وبأسعار متفاوتة، تبدأ من 1200 ریال (320 دولاراً) للأصغر، وتنتهي بـ4800 ریال (1280 دولاراً) بالنسبة إلى الجناح الملكي، إلا أن آخر شاليه شاغر تم حجزه قبل حلول يوم العيد بأسبوعين، رغم عدم إعلانهم أو تسويقهم له»، لافتاً إلى أن حرارة الطقس أسهمت وبشكل فعّال في اللجوء إليهم، خصوصاً أن أيام العيد من أهم المناسبات التي تحرص فيها العائلة السعودية على الخروج من المنزل وقصد المزارات السياحية.
ورغم اتساع مدينة الرياض على النطاق العمراني والسكني، فإنها لا تزال تفتقر إلى حد كبير لوجود المتنزهات الكبرى أو حتى الأماكن الترفيهية العامة، وحتى إن وُجدت فإنها لا تستطيع تغطية التوسع الجغرافي والسكاني الكبير للعاصمة السعودية التي تعد من أكبر العواصم على مستوى الشرق الأوسط، بل وجودها يعد محدوداً ولا يعتبر جاذباً بشكل كبير لقضاء فترة الأعياد فيها خصوصاً للعائلات كبيرة العدد.
من جهة أخرى، برّر ريان المقيرن، المستثمر في القطاع الترفيهي، الأسعار الموضوعة خلال عيد الفطر على الاستراحات، إذ أكد أن التكاليف العامة ارتفعت بشكل كبير، وأنهم، ومع حلول شهر الصيام، صاموا أيضاً عن تحقيق الأرباح، نتيجة عزوف العملاء، إلا أن أيام العيد ما هي إلا بداية لتحقيق الأرباح، مبيناً أن الأسعار بشكل عام معقولة بدليل إتمام تأجير معظم الشاليهات والاستراحات قبل العيد بفترة، لافتاً إلى أن معظم العملاء لا يفكرون في الارتفاع الحاصل، نظراً إلى أنها من المناسبات السنوية القليلة التي تجمع أبناء العائلة في زمان ومكان واحد.
وزاد المقيرن أن متطلبات العناية بالمنشأة الترفيهية مكلفة للغاية، مثل مبالغ الاهتمام بالمسطحات الخضراء، التي تحتاج إلى عناية خاصة في ظل الطقس الحار، إضافة إلى ضرورة تجديد المياه بالنسبة إلى المسطحات المائية، من فترة لأخرى، وهي عملية باهظة السعر، مروراً بارتفاع أجور العمالة والأثاث الذي يجب تبديله من فترة إلى أخرى، موضحاً أن هذه الأيام تشهد تشغيل جميع القطاعات الترفيهية طاقاتها الممكنة للاستفادة الكاملة من عيد الفطر المبارك. هذا ويتراوح العائد المتوسط على هذا النوع من العقارات ما بين 10 و15% سنوياً، وشهد خلال فترة ماضية ازدياداً في الاستثمار، ويُنتظر أن يشهد حركة واسعة خلال الأشهر المقبلة، مع اعتدال الجو وانخفاض درجات الحرارة.
وتستحوذ الأحياء الجديدة من العاصمة، الرياض، على النسبة الكبرى من وجود مثل هذا النوع من العقارات، وتعد ذات توجه كبير من قبل المستثمرين، وتتطور بشكل كبير في تصميمها وتجهيزها.
يشار إلى أنه لعدم وجود مسطحات مائية طبيعية في الرياض، فقد أسهمت هذه التركيبة الجغرافية الصحراوية في ضرورة إيجاد مسطحات مائية صناعية، التي بدورها ضغطت على الأسعار نحو الارتفاع، نتيجة تكلفتها المرتفعة، حسب تأكيدات عدد من أصحاب الشاليهات والأماكن الترفيهية.
السعودية: قطاع العقارات «الترفيهية» الأكثر نشاطاً خلال إجازة العيد
يحقق عوائد بنسبة 10 إلى 15 % سنوياً... والأحياء الجديدة تستقطع النسبة الكبرى منه
السعودية: قطاع العقارات «الترفيهية» الأكثر نشاطاً خلال إجازة العيد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة