خالد القشطيني
صحافي وكاتب ومؤلّف عراقيّ
TT

شيء من الفكاهات البريجنيفية

ربما لم يعد أحد يتذكر الآن من هو بريجنيف، أو من كان. لقد كان الرئيس السوفياتي الذي دأب على التواري وحكم البلاد من فراش النوم. والواقع أنه كان في آخر أيامه طريح الفراش بالفعل. وإذا لم يترك بريجنيف شيئاً نتذكره به، فإن هناك كثيراً من النكات التي تبقيه حياً في ذاكرة المواطنين الروس.
وكما قلت، قضى بريجنيف بقية أيامه طريح الفراش. وكان عندما يضطر لحضور حفل رسمي يظهر بشكل متعب، يغلب عليه الإعياء بوضوح. وفسر الجمهور ذلك بالقول بأن الأوسمة التي منحت له بلغت حداً يثقل كاهله. وقالوا إن مجلس السوفيات الأعلى أصدر أمراً للخياط، بأن يعمل الجانب الأيسر من سترة بريجنيف بحجم أكبر، ليتسع لكل الأوسمة التي يهديها له المجلس. وقالوا: لهذا يظهر بريجنيف في الصور، والجانب الأيسر أكبر من الجانب الأيمن!
ويدور كثير من النكات البريجنيفية حول بلاهته وسقم تفكيره. حضر احتفالاً بزيارة المسز ثاتشر لموسكو. وبدأ بإلقاء كلمته قائلاً: «عزيزتي المسز غاندي...»، فجرّ المرافقون سترته وهمسوا له: «مسز ثاتشر، مسز ثاتشر...»، فعاد واستأنف كلمته: «عزيزتي المسز غاندي...»، فأعادوا الكرة عليه: «كلا يا رفيق. إنها المسز ثاتشر، المسز ثاتشر، وليست المسز غاندي». وتكرر ذلك حتى ضاق بريجنيف ذرعاً بمرافقيه، فالتفت نحوهم وقال: «يعني أنا أعمى؟ أعرف من هي أمامي، إنها المسز ثاتشر، ولكن الورقة التي بيدي تقول: «عزيزتي المسز غاندي»!
وعندما انعقدت المباريات الأولمبية في موسكو، كان بريجنيف في حالة ذهنية متدهورة كلياً، ولا سيما عندما طلب منه إلقاء كلمة بمناسبة الافتتاح، فبدأ كلامه قائلاً: 0، 0، 0، 0، فأسرع مساعدوه لتصحيحه فهمسوا في أذنه: رفيق ليونيد، هذه الحلقات الأربع رمز الأولمبياد، وليست جزءاً من الخطاب!
وردد المواطنون كثيراً من التعليقات بشأن كتاب «الأرض الصغيرة» الذي أصاب نجاحاً كبيراً، وادعى بريجنيف أنه هو الذي كتبه. قالوا إنه كان في مكتبه جالساً يلهو بوسام لينين للأدب، ودخل عليه سوسلوف، فدار بينهما هذا الحوار:
بريجنيف: هل قرأت كتابي «الأرض الصغيرة»؟
سوسلوف: نعم، ووجدته في منتهى الروعة.
بريجنيف: أصادق أنت في كلامك هذا أم تتملق لي؟
سوسلوف: كلا أيها الرئيس. لم أتملق لك طيلة حياتي.
يشكره على ذلك، ويدخل باريشا، ويدور بينهما حوار مشابه، ويقول له باريشا: «والآن تسمح لي أن أنصرف. لدي أمر مستعجل». فيسأله: ما عسى أن يكون ذلك الأمر؟ فيجيبه: أريد أن أقرأ هذا الكتاب للمرة الثالثة!
يشكره بريجنيف ويعود إلى اللعب بوسامه الأدبي، ثم يقول لنفسه: «أعتقد من الضروري لي الآن أن أقرأ هذا الكتاب»!