أقر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، موازنة العام المالي الجديد مع توقعات طموحة بتحقيق فائض أولي في الموازنة بنحو 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، لكن مراقبين حذروا من تأثيرات ارتفاع التضخم ومستويات الاستدانة على البلاد.
وصدّق الرئيس السيسي، أمس، على قانون رقم 100 لسنة 2018 بربط الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2018 – 2019، بعد إقراره من مجلس النواب. وتوقعت الحكومة في البيان المالي لموازنة العام الذي بدأ في مطلع يوليو (تموز) الحالي، أن تسجل الموازنة فائضاً أولياً في العام المالي المنصرم بنسبة 0.2 في المائة من الناتج، وأن يرتفع في العام الحالي إلى 2 في المائة مع تطبيق اقتطاعات صارمة في الإنفاق على دعم المواد البترولية.
والفائض الأولي هو الفارق بين إيرادات الدولة ومصروفاتها بعد استبعاد الديون، وبعد إضافة هذه النفقات وصل العجز الكلي في 2017 - 2018 إلى 9.8 في المائة من الناتج المحلي، وتأمل الحكومة أن ينخفض خلال العام المالي الحالي إلى 6.2 في المائة.
وقال أحمد كجوك، نائب وزير المالية للسياسات المالية، أمس، إن الشريحة الجديدة التي تسلمتها مصر الجمعة الماضية من قرض صندوق النقد الدولي، ستستخدم لسد عجز الموازنة العامة للدولة.
وتوصلت مصر إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، تحصل عليها مصر على مدار 3 سنوات، بواقع 4 مليارات دولار كل عام.
وساهم اتفاق الصندوق في السيطرة على فجوة التمويل الأجنبي بالبلاد، وإنجاح خطة البنك المركزي في القضاء على السوق الموازية للصرف، وشهدت احتياطات النقد الأجنبي ارتفاعاً متتالياً منذ توقيع الاتفاق مدعومة بحزمة من التمويلات الخارجية للبلاد.
وأعلن البنك المركزي المصري، أمس، أن احتياطي البلاد من النقد الأجنبي ارتفع إلى 44.258 مليار دولار في نهاية يونيو (حزيران) الماضي، من مستوى 44.139 مليار دولار في مايو (أيار) السابق؛ وبهذا يكون الاحتياطي قد ارتفع بمقدار 119 مليون دولار في يونيو. وهذا هو أعلى مستوى لاحتياطيات البلاد من العملة الصعبة منذ بدء تسجيل بيانات الاحتياطي في مطلع التسعينات.
وكانت احتياطيات مصر نحو 19 مليار دولار قبل توقيعها اتفاق قرص صندوق النقد الدولي.
من جهة أخرى، اعتبرت مؤسسة «بي إم آي ريسيرش» التابعة لوكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني، في تقرير حديث، أن مصر تتمتع بأساسيات اقتصادية كلية ناجحة، لكنها حذرت من أن سيناريو ارتفاع معدلات التضخم على نحو أكبر من المتوقع نتيجة لخفض الدعم، إضافة إلى ارتفاع أسعار النفط عالمياً. وتتوقع «بي إم آي ريسيرش» أن يصل متوسط التضخم العام في مصر خلال عام 2018 إلى 15.2 في المائة، و12.1 في المائة في 2019.
وتوقعت «بي إم آي»، أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لمصر في 2018 بنسبة 4.8 في المائة، وهو أقل بكثير من توقعات الحكومة وصندوق النقد والبنك الدوليين. وتتوقع أيضاً أن يتراجع معدل النمو خلال العامين 2019 و2020 إلى 4.7 في المائة، و4.3 في المائة على الترتيب.
بينما حذرت «كابيتال إيكونوميكس» للأبحاث، في تقرير حديث، مصر من السير في نفس طريق الأرجنتين، مع تفاقم معدلات الاستدانة بالنقد الأجنبي، والتي قالت إنها وصلت إلى 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2017، مقارنة بأقل من 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2015. وعلقت المؤسسة: «كانت الأعباء الكبيرة للديون بالعملات الأجنبية في قلب المشكلات التي عانت منها عدد من الأسواق الناشئة في السنوات الأخيرة، وكان آخرها الأرجنتين».
مع ذلك، فإن الوكالة قالت، إن مخاطر تكرار سيناريو الأرجنتين في مصر تبدو منخفضة، وبخاصة بعد تعويم الجنيه في عام 2016، وفقاً للتقرير الذي حذر من أن أي تراجع في مسار الإصلاحات الاقتصادية التي دشنتها مصر بالاتفاق مع صندوق النقد يمكن أن يمثل انحداراً نحو النموذج الأرجنتيني.
مصر تقر «موازنة طموحة» وسط تحذيرات من التضخم والديون
أعلى مستوى للاحتياطي... ووكالات دولية تؤكد وجود أساسيات اقتصادية كلية ناجحة
مصر تقر «موازنة طموحة» وسط تحذيرات من التضخم والديون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة