نيكاراغوا: استمرار المواجهات بين المعارضة والحكومة

TT

نيكاراغوا: استمرار المواجهات بين المعارضة والحكومة

تشهد نيكاراغوا، أفقر بلد في أميركا الوسطى، مظاهرات ضد الرئيس اليساري دانيال أورتيغا، المتهم بإقامة نظام ديكتاتوري مع زوجته ونائبته روزاريو موريو، وبالمحاباة أيضا، وبقيادة عمليات القمع الجارية. ويوجه العنف في الشوارع ضربة قاسية لهذا البلد الذي كان يجذب أعدادا متزايدة من السياح بسبب هدوئه. وكان مليون منهم يزورون البلاد كل سنة. وقد فر منها السياح، وأغلقت المطاعم، وأصبح اقتصادها يعاني من حركة الاحتجاج الشعبية هذه التي تشل البلاد منذ شهرين ونصف شهر.
وقالت مؤسسة نيكاراغوا للتنمية، إن إغلاق عدد كبير من المحلات التجارية يحرم حاليا نحو مائتي ألف شخص من الوظائف. ومن دون أمل في خروج سريع من الأزمة «يمكن أن يصبح 1. 3 مليون من سكان البلاد فقراء»، أي واحد من كل خمسة أشخاص.
وخفض البنك المركزي المتشائم تقديراته للنمو في 2018 بشكل كبير، من 4.8 في المائة، إلى واحد في المائة. وقالت مؤسسة التنمية إن «الوضع يزداد مأسوية». وأضافت أنه إذا استمرت الأزمة حتى أغسطس (آب) فإن الاقتصاد سيتراجع 5.6 في المائة، وإجمالي الناتج الداخلي سيخسر 1.4 مليار دولار.
وبدأت الحركة الاحتجاجية بمظاهرات ضد إصلاح لنظام التقاعد؛ لكنها استمرت رغم إعلان السلطات تخليها عن المشروع، وبات مطلبها رحيل الرئيس أورتيغا وزوجته. ويتولى هذا المقاتل السابق البالغ من العمر 72 عاما الحكم منذ 2007، بعد ولاية رئاسية أولى استمرت من 1979 إلى 1990. وتطالب المعارضة المدعومة من الكنيسة التي تقوم بوساطة في الحوار بين المعارضة والسلطة، بتنظيم انتخابات مبكرة في مارس (آذار) 2019.
ووقعت الصدامات الأخيرة فيما بدأت مجموعة من خبراء اللجنة الأميركية لحقوق الإنسان، الثلاثاء، التحقيق في أعمال العنف التي أسفرت في هذا البلد عما بين 220 و309 قتلى، كما تفيد تقديرات مختلفة منذ 18 أبريل (نيسان)، في إطار مهمة تستمر ستة أشهر.
وذكر ناشطون من منظمات حقوقية أن عددا من المتظاهرين ضد الحكومة جرحوا خلال صدامات أمس في لا ترينيداد، المدينة الواقعة على بعد 125 كيلومترا شمال ماناغوا. وقال سكان إن الشرطة طوقت كنيسة كان كهنة ومصلون لا يزالون عالقين فيها مساء الثلاثاء. كذلك هاجمت عناصر الشرطة والقوات شبه العسكرية مركزا ثقافيا وبلدية لا ترينيداد، وحاصروا مستشفى المدينة، كما قال مرلينغ سوليس من الوفد المحلي لمركز حقوق الإنسان في نيكاراغوا. وقال مرلينغ سوليس للتلفزيون المحلي «100% نيوز»، إن «مجموعات مسلحة تحاصر المنطقة، ولا يستطيع الناس الخروج» من بيوتهم. وقال ممثل اللجنة الإيطالي أميريغا إينكالكاتيرا، إن «التزامنا هو حيال الضحايا (...) أيا كان مرتكبو» أعمال العنف.
وأوضح أن اللجنة تملك تفويضا لستة أشهر يمكن تجديده، وستكلف دعم «التحقيقات حول وقائع العنف» والتوصيات بالتعويضات التي يجب تقديمها إلى الضحايا. وطالبت اللجنة بإنهاء القمع وتفكيك الميليشيات الموالية للشرطة، واحترام حق المعتقلين في إجراءات قانونية.



بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.