ستكون نيجني نوفغورود على موعد اليوم مع مباراة تفوح منها رائحة ذكريات عام 1998، وذلك عندما تتواجه كرواتيا الممتعة مع الدنمارك التي لا تقهر، في الدور ثمن النهائي لمونديال روسيا.
ويعود المنتخبان في لقاء اليوم إلى ذكريات مونديال 1998 حين حققا أفضل نتيجة لهما في تاريخ مشاركاتهما في كأس العالم، حيث وصلت كرواتيا إلى نصف النهائي في أول مشاركة لها بعد الاستقلال عن يوغوسلافيا قبل أن ينتهي مشوارها بهدفي الفرنسي ليليان تورام (1 - 2)، فيما بلغت الدنمارك ربع النهائي وخسرت أمام البرازيل (2 - 3).
والمفارقة أيضا أن المنتخبين تواجها أيضا في التصفيات المؤهلة لمونديال 1998 وتعادلا ذهابا في زغرب 1 - 1 وفازت الدنمارك 3 - 1 وتأهلت كمتصدرة للمجموعة، فيما خاضت كرواتيا الملحق وتأهلت على حساب أوكرانيا قبل أن تحقق الإنجاز في النهائيات بإقصائها ألمانيا من ربع النهائي بنتيجة كاسحة (3 - صفر).
ويمكن القول دون تردد إن المنتخب الكرواتي كان الأكثر إقناعا بين المنتخبات الـ32 التي خاضت الدور الأول، واستحق بطاقته إلى ثمن النهائي التي حجزها منذ الجولة الثانية بفوزه على نيجيريا (2 - صفر) ثم الأرجنتين (3 - صفر)، قبل يضيف ثالثا على آيسلندا (2 - 1) رغم مشاركته بتشكيلة رديفة.
أما الدنمارك، فتأهلت إلى ثمن النهائي للمرة الأولى منذ 2002 دون أن تقنع، بعد أن حلت ثانية في مجموعتها خلف فرنسا بفوز صعب على بيرو (1 - صفر) وتعادلين مع أستراليا (1 - 1) وفرنسا (صفر - صفر).
ومن المتوقع أن تكون المباراة مواجهة بين الإمتاع الهجومي الكرواتي بقيادة لوكا مودريتش، وماريو ماندزوكيتش، وإيفان بيريشيتش ومن خلفهم إيفان راكيتيتش، والصلابة الدفاعية للدنمارك التي لم تتلق أكثر من هدف في مباراة واحدة منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2016 حين خسرت أمام بولندا 2 - 3 في تصفيات المونديال الروسي.
ويخوض المنتخب الدنماركي لقاء اليوم متسلحا بسجله المميز مع مدربه النرويجي أوغه هاريده، إذ لم يذق أبطال أوروبا 1992 طعم الهزيمة في مبارياتهم الـ18 الأخيرة، وتحديدا منذ 11 أكتوبر 2016 حين سقطوا أمام مونتينيغرو في التصفيات (صفر - 1)، وهو أمر لم يتحقق في تاريخ المنتخب الذي خاض أولى مبارياته عام 1908 (فاز على فرنسا 9 - صفر).
وهذا ما تطرق إليه نجم كرواتيا وبرشلونة الإسباني راكيتيتش بالقول: «منتخب الدنمارك منافس قوي جدا. يمتلك سلسلة رائعة من المباريات دون هزيمة... 18 مباراة دون خسارة، هذه رسالة قوية بالنسبة لنا. هم يعرفون كيف يلعبون ضد الفرق الكبيرة والقوية».
وتابع: «يعتبر لاعبهم كريستيان إريكسن أحد أفضل لاعبي خط الوسط في العالم، ولكن هدفنا هو إيقافه وفريقه»، متطرقا إلى حظوظ كرواتيا بالذهاب حتى النهائي والفوز باللقب بالقول: «لا أعرف ما إذا كانت هذه هي الفرصة الأخيرة لهذا الجيل الذهبي للحصول على شيء معا. أنا متأكد من أننا يمكن أن نعتزل جميعا لو نفوز بكأس العالم!».
لكنه شدد: «هدفنا هو الذهاب خطوة بخطوة، وإعداد كل مباراة على حدة. بالطبع هناك ضغط على الدوام، لكن علينا أن نستمتع بكأس العالم، لأنها أفضل شيء بالنسبة للاعبي كرة القدم، علينا جميعا أن نحتفل بهذا الأمر».
أما المدرب الكرواتي زلاتكو داليتش فقال: «أسلوب منتخب الدنمارك مشابه لآيسلندا، لديه شخصيته، الانضباط، وبعض المواهب الفردية، نحترم جميع المنافسين ولا ننطلق أبدا من فكرة بأن فريقا ما أفضل من فريقنا».
وستكون المواجهة بين المنتخبين الثانية في بطولة كبرى بعد كأس أوروبا 1996 حين فازت كرواتيا 3 - صفر في دور المجموعات ولعبت دورا في تنازل الاسكندنافيين عن لقب بطولة 1992.
ويدخل المنتخب الكرواتي إلى اللقاء ولاعبوه في وضع بدني جيد بعدما خاض داليتش لقاء آيسلندا بتعديلات بالجملة طالت تسعة لاعبين وحتى حارس المرمى، تخوفا من الإنذارات التي قد تحرم بعضهم المشاركة في ثمن النهائي.
لكن صانع الألعاب والقائد مودريتش بقي أساسيا كما حال بيريشيتش الذي تدين له كرواتيا بالفوز لأنه سجل الهدف القاتل في الدقيقة 90، بعد تمريرة من ميلان باديلي الذي كان صاحب هدف التقدم لبلاده.
وفي حال نجحت كرواتيا في تأكيد المستوى الذي ظهرت به في دور المجموعات وتخطت الدنمارك، ستواجه احتمال لقاء إسبانيا في ربع النهائي في حال تخطت الأخيرة روسيا المضيفة.
ورغم معاناة الإسبان في النسخة الحالية وتأهلهم بصعوبة بالغة إلى ثمن النهائي، وتنازلهم عن اللقب العالمي في 2014 بخروجهم من الدور الأول، قال راكيتيتش: «بصراحة، أرى إسبانيا فوق الجميع. أعتقد أنهم المرشحون الأقوى للفوز باللقب. خاضوا ثلاث مباريات صعبة في دور المجموعات لكن الثقة التي يلعبون بها أعلى بدرجة من أي فريق آخر. أعرفهم جيدا وأتمنى لهم التوفيق».
لكن قبل التفكير بالإسبان على راكيتيتش ورفاقه التركيز على الدنمارك التي وعد مدربها هاريده بأن يعتمد مقاربة مختلفة عن دور المجموعات وقال: «في الأدوار الإقصائية تصبح أكثر حرية وتلعب دون الكثير من القيود. الآن، أصبح كل شيء على المحك وعليك أن تستخدم كل ما لديك لمدة 90 دقيقة وليس على مدى ثلاث مباريات».
وأضاف: «أعتقد أن طريقة لعبنا ستختلف بشكل كبير في الأدوار الإقصائية. ضد فرنسا (صفر - صفر في الجولة الأخيرة من الدور الأول) أجبرنا حقا على الدفاع في العمق ولم نخلق الكثير من الفرص ورغم ذلك قد حصلنا على الأرجح على فرص أكثر من مباراتينا الأوليين».
وختم: «في المباراة المقبلة، أنا متأكد بأننا سنحاول الضغط نحو الأمام وخلق المزيد من الفرص».
وخلال البطولة الحالية وبعد التألق في دور المجموعات تم تسليط الضوء على الكرواتي لوكا مودريتش ليكون منافسا لنجمي البرتغال كريستيانو رونالدو والأرجنتين ليونيل ميسي على جائزة الكرة الذهبية هذا الموسم.
على غرار منتخب بلاده الذي فرض نفسه الأفضل أداء ونتيجة في الدور الأول من المونديال الروسي، أكد مودريتش مكانته كأحد أفضل صانعي الألعاب في العالم حاليا، وفي حال نجح بقيادة بلاده إلى تحقيق الإنجاز والفوز بالكأس الغالية، سيكون على الأرجح الأوفر حظا لكسر احتكار رونالدو وميسي لجائزة أفضل لاعب في العالم.
وترشيح مودريتش إلى هذه الجائزة ليس مرتبطا وحسب بأداء منتخب بلاده في النهائيات التي بلغت دورها ثمن النهائي لأول مرة بعد 1998 حين وصلت إلى نصف النهائي في مشاركتها الأولى بعد الاستقلال عن يوغوسلافيا، بل لأنه ساهم أيضا في قيادة فريقه ريال مدريد الإسباني إلى لقبه الثالث على التوالي في دوري أبطال أوروبا.
والمفارقة أن طريق مودريتش نحو ثمن النهائي مر بميسي عندما تمكن ابن الثانية والثلاثين من قيادة بلاده لاكتساح الأرجنتين 3 - صفر في الجولة الثانية، بتسجيله الهدف الثاني من تسديدة رائعة قضى بها على أي أمل للمنتخب الأميركي الجنوبي بالعودة إلى اللقاء.
وبعد هذه المباراة، تعزز عند الجمهور الكرواتي الحلم بأن يتكرر سيناريو الجيل الذهبي السابق الذي قاد المنتخب إلى إنجاز 1998 بقيادة زفونيمير بوبان، ودافور سوكر، وروبرت بروزينسكي، وسلافن بيليتش، وماريو ستانيتش، وروبرت يارني وسواهم.
ولا يقل الجيل الحالي أهمية عن جيل 1998 بوجود مودريتش، وإيفان راكيتيتش، وماريو ماندزوكيتش، وإيفان بيريشيتش، وماتيو كوفاشيتش، وديان لوفرن...، مما يمنح المدرب زلاتكو داليتش كل الأسلحة اللازمة لمحاولة تحقيق الإنجاز التاريخي.
وبعد تخطي دور المجموعات عن جدارة، يبدأ الحلم الكرواتي اليوم من بوابة الدنمارك ثم يواجه احتمال الاصطدام بالخبرة الإسبانية في ربع النهائي.
كرواتيا «المتألقة هجومياً» تواجه الدنمارك «الصلبة دفاعياً» بذكريات مونديال 1998
المنتخبان يتطلعان لإنجاز غير مسبوق... ومودريتش يحلم بالكرة الذهبية
كرواتيا «المتألقة هجومياً» تواجه الدنمارك «الصلبة دفاعياً» بذكريات مونديال 1998
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة