«تسويات» روسية في الجنوب... و120 ألفاً هربوا من القصف

قوات النظام السوري تواصل شن غارات

سحب الدخان تتصاعد جراء قصف درعا أمس (أ.ف.ب)
سحب الدخان تتصاعد جراء قصف درعا أمس (أ.ف.ب)
TT

«تسويات» روسية في الجنوب... و120 ألفاً هربوا من القصف

سحب الدخان تتصاعد جراء قصف درعا أمس (أ.ف.ب)
سحب الدخان تتصاعد جراء قصف درعا أمس (أ.ف.ب)

أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الجمعة بأن أكثر من 120 ألفاً فروا من ديارهم في جنوب غربي سوريا، منذ بدأت القوات الحكومية هجوماً لاستعادة السيطرة على المنطقة الواقعة قرب الحدود مع الأردن، وهضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل، في وقت تتجه فيه بلدات عدة في محافظة درعا إلى قبول المصالحة مع النظام.
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن التوصل خلال اليومين الماضيين إلى اتفاقات تسوية في ثلاث بلدات في ريف درعا الشرقي.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن مفاوضات جرت في بلدات عدة من محافظة درعا بين عسكريين روس والفصائل المعارضة للتوصل إلى تسويات.
وتشنّ القوات الحكومية منذ 19 الشهر الحالي بدعم روسي عملية عسكرية واسعة في محافظة درعا، بهدف استعادتها بالكامل، وحققت تقدماً سريعاً على حساب الفصائل المعارضة.
وقال مصدر عسكري سوري في بلدة الصورة لصحافيين على هامش جولة نظمها الجيش في مناطق تقدمه في محافظة درعا، «ليس هناك خيار أمام المسلح نتيجة الانتصارات»، التي يحققها الجيش، مضيفاً أن أمامه خيارين «التسوية أو انتظار قدوم الجيش وسحقه بالقوة».
وأضاف أن «المجموعات الإرهابية ذاهبة باتجاه التسوية والمصالحة».
وذكرت «سانا» أن ثلاث بلدات وافقت على التسوية منذ أول من أمس (الخميس)، بينها بلدة ابطع شمال مدينة درعا، بعد تسليم عشرات المقاتلين سلاحهم الثقيل.
وأفادت بمعلومات حول مقاتلين في أربع بلدات في ريفي درعا الشرقي والجنوبي الشرقي «وافقوا على تسليم أسلحتهم (...) والدخول في المصالحة».
وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن المفاوضات «تجري بين الروس من جهة والفصائل المعارضة من جهة ثانية عبر وساطة وجهاء في ثماني بلدات بريف درعا الشرقي».
وقال إن «عناصر من الشرطة العسكرية الروسية يقودون التفاوض للتوصل إلى اتفاقات تسوية في كل بلدة على حدة»، مشيراً إلى أن «التوجه في غالبية البلدات هو القبول بالتسوية التي تتضمن تسليم المقاتلين سلاحهم الثقيل».
وفي اتصال عبر الإنترنت من بيروت، أكد الناشط الإعلامي المعارض الموجود في ريف درعا الشرقي أحمد أبا زيد، أن «هناك بلدات تتجه لقبول المصالحات» بسبب الخوف من «الطيران والصواريخ».
وتواصل الطائرات الحربية السورية والروسية استهدافها لمدينة درعا وريفيها الشرقي والغربي بالغارات، كما تدور اشتباكات عنيفة على محاور عدة أبرزها جنوب درعا، وفق المرصد.
وقال وزير إسرائيلي إنه يجب منع اللاجئين الذين تجمعوا عند الحدود مع هضبة الجولان من دخول إسرائيل.
ويستضيف الأردن بالفعل نحو 650 ألف لاجئ سوري ويقول إن حدوده ستظل مغلقة أمام تدفق اللاجئين.
وحولت قوات الحكومة السورية التي تدعمها قوة جوية روسية تركيزها إلى جنوب غربي البلاد الذي تسيطر عليه المعارضة منذ هزيمة آخر جيوب المقاتلين قرب مدينتي دمشق وحمص.
وحدثت موجة نزوح جماعي للمدنيين بسبب تقدُّم القوات في مناطق واقعة نحو الشرق والشمال الشرقي من مدينة درعا وقصف بلدة نوى المكتظة بالسكان التي تسيطر عليها المعارضة في الشمال الغربي من درعا.
وذكر المرصد أن عشرات الآلاف تجمعوا عند الحدود مع الأردن، فيما فرَّ آلاف آخرون، صوب الحدود مع هضبة الجولان وكثير منهم من نوى.
وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد عبر الهاتف إن بعض السكان توجهوا لمناطق تحت سيطرة الحكومة بينما توجه آخرون إلى منطقة في الجنوب الغربي تسيطر عليها جماعة تابعة لتنظيم «داعش».
ويقول الأردن إن المجتمع الدولي يجب أن يجد سبلاً لدعم السوريين داخل بلدهم.
وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن الأردن «بلغ الحد الأقصى» في استقبال اللاجئين.
وتسببت الحرب السورية في نزوح ستة ملايين شخص داخل البلاد ودفعت 5.5 مليون آخرين إلى الفرار خارجها.
من جهته، قال وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان اليوم الجمعة إن إسرائيل لن تسمح للاجئين السوريين بدخول أراضيها لكنها ستواصل إمدادهم بالمساعدات الإنسانية.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه رصد أعداداً متزايدة من المدنيين السوريين في مخيمات اللاجئين على الجانب السوري من الجولان خلال الأيام الأخيرة وإنه أرسل الليلة الماضية إمدادات إغاثة لأربعة مواقع «للسوريين الفارين من القتال».
وأكدت تصريحات ليبرمان على «تويتر» مجدداً موقف إسرائيل وجاءت بعد تصريحات لوزير الطاقة يوفال شتاينتز في وقت سابق، اليوم، قال فيها إنه لن يُسمح للاجئين بدخول إسرائيل.
وكتب ليبرمان في تغريدته على «تويتر»: «نراقب عن كثب الأحداث في جنوب سوريا. سنحمي مصالح إسرائيل الأمنية. وكالعادة سنكون مستعدين لإمداد المدنيين والنساء والأطفال بالمساعدات الإنسانية لكننا لن نقبل بدخول أي لاجئ سوري أراضينا».
ونُشرت تغريدته بعد ساعات من إعلان الجيش أنه أرسل مساعدات إلى جنوب سوريا.
وأظهرت تغطية تلفزيونية بثَّها الجيش الإسرائيلي الجمعة رافعة شوكية وهي تفرغ شحنات قيل إنها تشمل 300 خيمة و28 طنّاً من المواد الغذائية والمعدات الطبية والأدوية والأحذية والملابس.
وكان المرصد قال: «لا تزال العمليات العسكرية متواصلة في محافظة درعا رغم دخول الهدنة الأردنية - الروسية حيز التنفيذ منذ الساعة 12 من منتصف ليل الخميس - الجمعة، حيث تم استهداف طائرات حربية ومروحية بالغارات والبراميل المتفجرة أماكن في درعا البلد بمدينة درعا، وأماكن أخرى في بلدة الشحيل وبلدات أخرى في الريف الشرقي لدرعا، تترافق مع قصف صاروخي تنفذه قوات النظام على المناطق ذاتها».
ونشر المرصد، أنه «تشهد سماء محافظة درعا تحليقاً متواصلاً للطائرات الحربية والمروحية، تتزامن مع تنفيذها ضربات مستمرة على أماكن متفرقة من المحافظة، إذ رصد تنفيذ الطائرات الحربية الروسية غارات مكثفة على أماكن في بلدات نوى غرب درعا والطيبة والمسيفرة والسهوة والجيزة الواقعة في الريف الشرقي لدرعا، بالتزامن مع إلقاء الطائرات المروحية مزيداً من البراميل المتفجرة على أماكن في درعا البلد، بمدينة درعا، والمسيفرة وأماكن أخرى شرق درعا... القصف الجوي هذا يترافق مع قصف صاروخي بالقذائف والصواريخ التي يُعتقد أنها من نوع أرض - أرض على أماكن في درعا البلد وأماكن أخرى في القطاع الشرقي من ريف درعا».
وتمكَّنَت قوات النظام والمسلحون الموالون لها من استكمال السيطرة على بلدة الحراك بريف درعا الشرقي عقب اشتباكات عنيفة مع الفصائل بغطاء جوي وبري مكثف وعنيف، وتأتي عمليات القصف المكثف المتواصل على الرغم من التوصل إلى اتفاق روسي - أردني لهدنة.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».