«أوستيريا فرانشيسكانا» يتصدر قائمة أفضل 50 مطعماً في العالم للمرة الثالثة

12 طاولة أثبتت جدارتها في قلب مودينا الإيطالية

العاملون بمطعم «أوستريا فرانشيسكانا» في مودينا الإيطالية يحتفلون  بالفوز بلقب أفضل مطعم في العالم  لعام 2018 (إ.ب.أ)
العاملون بمطعم «أوستريا فرانشيسكانا» في مودينا الإيطالية يحتفلون بالفوز بلقب أفضل مطعم في العالم لعام 2018 (إ.ب.أ)
TT

«أوستيريا فرانشيسكانا» يتصدر قائمة أفضل 50 مطعماً في العالم للمرة الثالثة

العاملون بمطعم «أوستريا فرانشيسكانا» في مودينا الإيطالية يحتفلون  بالفوز بلقب أفضل مطعم في العالم  لعام 2018 (إ.ب.أ)
العاملون بمطعم «أوستريا فرانشيسكانا» في مودينا الإيطالية يحتفلون بالفوز بلقب أفضل مطعم في العالم لعام 2018 (إ.ب.أ)

ينتظر الطهاة وأصحاب المطاعم حول العالم حفل إعلان لائحة أفضل 50 مطعماً حول العالم بفارغ الصبر، ويعتبر هذا الحدث بمثابة أوسكار الأفلام في هوليوود.
هذا العام تم إعلان أسماء المطاعم المدرجة على لائحة أفضل 50 مطعماً في بيلباو بإسبانيا التي لا تعتبر غريبة عن هذه اللائحة التي توجها أكثر من مرة الطاهي الكاتالوني فيران أدريا الذي حاز على ثلاث نجوم ميشلان لمطعمه إل بولي في كاتالونيا والذي أغلق أبوابه في يوليو (تموز) 2011 وهذا ما فتح المجال أمام باقي عناوين الطعام المميزة للحصول على المرتبة الأولى في اللائحة.
هذا العام حصل مطعم أوستيريا فرانشيسكانا Osteria Francescana في إقليم مودينا بإيطاليا على لقب أفضل مطعم في العالم للعام الثالث، وشعار المطعم تقديم القديم والجديد والعصري والتقليدي، وأجمل ما في المطعم هو أنه يقدم الأفضل على 12 طاولة فقط لا غير، وتلك الطاولات تكسوها المفارش البيضاء السميكة والمكوية بتأن كامل على غرار تلك التي تكسو طاولات مطاعم الفنادق من فئة الخمس نجوم.
وأثنى المنظمون على استعانة المطعم بمكونات تقليدية وإدخالها على الأطباق الحديثة التي يقدمها.
ويقف وراء المطعم الإيطالي الشيف ماسيمو بوتورا الذي يؤمن بأن لائحة الطعام يجب أن تكون مرنة ويجب أن تتغير بتبدل الفصول.
لائحة هذا العام ضمت أسماء سبق أن ذكرت من قبل ولكن أصحابها خسروا بضع المراتب لصالح مطاعم أخرى، فالعام الماضي حصل مطعم «إيلفين ماديسون بارك» Eleven Madison Park في نيويورك على المرتبة الأولى ليتراجع هذا العام إلى المرتبة الرابعة، ولكن هذا الأمر لن يجعل الشيف دانيال هيوم الطاهي الرئيسي فيه يفقد الأمل لأن مطعمه لا يزال ضمن القائمة التي ترفع شأن المطاعم إلى أرفع المراتب بغض النظر عن الترتيب.
ومن المطاعم المعروفة التي احتلت المرتبة الأولى لأكثر من عام، مطعم «إل سيلار دي كان روكا» El Celler De Can Roca في جيرونا بإسبانيا، واستطاع العام الماضي وهذا العام المحافظة على المرتبة الثانية في حين جاء مطعم «ميرازور» Mirazur في مونتون بفرنسا في المرتبة الثالثة.
اللائحة تشمل مطاعم من كل بقاع العالم، إلا أن القارة الأوروبية لا تزال في الطليعة من حيث عدد المطاعم التي حلت في قائمة الخمسين، فجاء هذا العام مطعم «غاغان» Gaggan في بانكوك في المرتبة الخامسة، وحل بعده في المرتبة السادسة مطعم «سنترال» Central في ليما.
واللافت أيضا هو أن العنصر الذكوري لا يزال هو الغالب في لعبة الطعام والطهي، وفازت الطاهية كلير سميث من مطعم «كور» Core بلندن بلقب طاهية العام، وخلال تقبلها الجائزة قالت: «لطالما سئلت عن سبب الشح في عدد الطاهيات بالمقارنة مع العدد الطاغي للطهاة الرجال، ولكني للأسف لا أملك الجواب» وأضافت بأن صناعة الطهي يجب أن تخلق أجواء أفضل للنساء للعمل في المطاعم، ومن المهم جدا التنبه إلى هذا الأمر لتشجيع الأجيال الصاعدة وتشجيع العنصر النسائي على امتهان الطهي والحصول على أرفع المناصب في المطابخ العالمية.
ومن بين الجوائز اللافتة هذا العام، حصول الطاهي البيروفي غاستون أكوريو من مطعم أستريد إي غاستون Astrid Y Gaston على جائزة «الإنجاز العالي».
وحصل الشيف الفرنسي سيدريك غروليه على لقب أفضل شيف متخصص بالمخبوزات والحلويات. أما الطاهي الإسباني أزورميندي فحصل على لقب «الطاهي المهتم بالبيئة».
يشار إلى أن الحفل بدأ بكلمة تقدير لإحياء ذكرى الطاهي أنتوني بوردين الذي أنهى حياته منذ أسبوعين في فرنسا، وبعدها تم تكريم الشيف غوالتييرو ماركيزي أول طاه إيطالي يحصل على ثلاث نجوم ميشلان للتميز وعراب المطبخ الفرنسي الطاهي بول بوكوس.
وأكثر ما لفت الحضور هو الاحتفاء ببداية الحفل بالطاهي الراحل بوردين الذي عمل مقدم برامج طهي على قناة الـ«سي إن إن» وصاحب عدة كتب طهي، وتفاجأ الحاضرون بهذا التكريم ليس لأن الشيف بوردين ليس أهلا له إنما لأنه لطالما كان معاديا للمطاعم الراقية المعروفة بالـFine Dining وهذا ما يتناقض مع طبيعة الحفل الذي يكرم أفضل 50 مطعما راقيا حول العالم.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».