ليبرمان يجهض مقترحات قيادة الجيش للتخفيف من أزمة غزة

قال إن أسبابها تتعلق بالفلسطينيين

TT

ليبرمان يجهض مقترحات قيادة الجيش للتخفيف من أزمة غزة

أجهض نواب اليمين المتطرف في المجلس الوزاري المصغر في الحكومة الإسرائيلية للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، أمس (الأحد)، معظم المقترحات التي قدمها الجيش والمخابرات الإسرائيلية، للتخفيف من الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، وإمكانية التوصل إلى تهدئة.
وقد قاد هذا الرفض وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، المسؤول عن الجيش، وكذلك وزير التعليم ورئيس حزب المستوطنين (البيت اليهودي) نفتالي بنيت، اللذين اشترطا إطلاق سراح الإسرائيليين الخمسة المحتجزين لدى حركة حماس، وهم جنديان تعتبرهما إسرائيل «جثتين» و3 مواطنين (اثنان عربيان من فلسطينيي 48 ويهودي إثيوبي واحد).
وقال ليبرمان خلال الجلسة، إن «على الجميع أن يفهموا وألا ينسوا أن هناك 3 أسباب للأزمة في القطاع. أولها يتعلق بالرئيس الفلسطيني، محمود عباس، الذي يحجب المال عنهم، فهو فقط في الأسبوع الماضي حوّل نصف المرتب للموظفين في غزة عن شهر أبريل (نيسان) الماضي، على الرغم من أهمية شهر رمضان للمسلمين. والسبب الثاني يتعلق بحركة حماس، التي تعد مسؤولة مباشرة عن حياة الفلسطينيين في القطاع، وهي ترفض تحويل أي دولار من الميزانية الضخمة التي تخصصها للإنفاق وللصواريخ بقيمة 260 مليون دولار، وترفض الاستثمار بقرش واحد في الكهرباء والماء والشؤون الصحية. والسبب الثالث هو أن الفلسطينيين ينتظرون من إسرائيل أن توفر لهم الدعم الإنساني وليسوا مستعدين لتفهم احتياجات المجتمع الإسرائيلي الإنسانية».
وقال ليبرمان إنه «من دون إعادة جثماني الجنديين لن تكون هناك مبادرات إنسانية إسرائيلية. فأولاً هم لا يستحقون مساعدة كهذه. وثانياً، (حماس) لا تريد لهم هذه المساعدات. ولا تفكر أصلاً في الشؤون الحياتية للسكان. هي تريد فك الحصار حتى يتاح لها أن تواصل عملية تعزيز قوتها العسكرية بتهريب الأسلحة والخبرات وإدخال الخبراء من إيران ومن (حزب الله)، لتكرار المأساة السورية».
أما بنيت، فقال إن «على الفلسطينيين أن يفهموا أنه لا توجد وجبات مجانية عندنا. الخطوات الإنسانية من طرفنا يجب أن يقابلها خطوات إنسانية من طرفهم، فإذا لم يفعلوا فإننا سنكون سذجاً فيستهبلوننا».
وكشف بنيت أنه قبيل هذا الاجتماع، التقى هو وبعض الوزراء مع عائلة الضابط هدار غولدن، المحتجزة رفاته لدى «حماس» في غزة، وأن أفراد العائلة رجوهم ألا يقرروا أي تسهيلات لأهل غزة قبل أن يتم الاتفاق على إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين.
كان الجيش الإسرائيلي والمخابرات قد طرحا مشروعاً من بنود عدة، بالتنسيق مع نيكولاي ملادينوف، مبعوث الأمم المتحدة إلى القطاع، الذي يحذّر في الآونة الأخيرة من انهيار الخدمات الإنسانية تماماً. ومن ضمن ما طرح كان إدخال 6 آلاف عامل فلسطيني من غزة للعمل في إسرائيل (علماً بأنه منذ سنة 2007، لم توافق إسرائيل على دخول عمال من غزة)، وتوسيع عمليات إدخال المواد الغذائية والطبية إلى القطاع، وفتح رصيف جديد في ميناء أسدود خاص بغزة، وفتح معبر بيت حانون أمام البضائع، ومضاعفة عدد التصاريح لرجال أعمال غزيين للخروج من القطاع ودخول إسرائيل والضفة الغربية لتوسيع التجارة، وتحريك المفاوضات للتهدئة. وقد أبلغت مصادر عسكرية أن الجيش والمخابرات أقنعا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بضرورة وحيوية هذه الخطوات. فقام بتعيين مايكل أورن، نائب الوزير في مكتبه، لدراستها. وعندما نضجت، تمت الدعوة لاجتماع «الكابينيت»، أمس، إلا أن معارضة ليبرمان وبنيت أجهضت غالبية المقترحات.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.