طلبة سيناء يواجهون الامتحانات بلا دراسة بفعل الإرهاب

أكثر من 3 آلاف تلميذ في الثانوية دُمِّرت مدارسهم وأُغلقت

طلبة بالمرحلة الثانوية من أبناء شمال سيناء قبيل أداء الامتحانات (الشرق الأوسط)
طلبة بالمرحلة الثانوية من أبناء شمال سيناء قبيل أداء الامتحانات (الشرق الأوسط)
TT

طلبة سيناء يواجهون الامتحانات بلا دراسة بفعل الإرهاب

طلبة بالمرحلة الثانوية من أبناء شمال سيناء قبيل أداء الامتحانات (الشرق الأوسط)
طلبة بالمرحلة الثانوية من أبناء شمال سيناء قبيل أداء الامتحانات (الشرق الأوسط)

في ساعة مبكرة توقف، وسام سالم، الطالب في الصف الثالث الثانوي بميدان الرفاعي وسط مدينة العريش بشمال سيناء، منتظراً وصول حافلة تقله وعدداًٍ من زملائه إلى مقر لجنة امتحانات نهاية العام الدراسي في مدينته الشيخ زويد، وهي حافلة من بين 4 سُمح لها بالمرور عبر طريق يصل بين مديني العريش والشيخ زويد، والمُغلق أمنياً بسبب عملية «المجابهة الشاملة» التي أطلقها الجيش المصري في فبراير (شباط) الماضي لتطهير شمال ووسط سيناء من «الإرهابيين».
وسام واحد من بين 656 ألف طالب وطالبة ثانوية عامة في مصر انطلق ماراثون امتحاناتهم لنهاية العام، الأحد الماضي، ويستمر حتى الأول من يوليو (تموز) القادم وفقاً للجدول الذي أعلنته وزارة التربية والتعليم في مصر، غير أنهم يدخلون ذلك السباق دون أن يتلقوا الدراسة في المدارس التي طالتها يد «الإرهاب»، ولم يتمكن تلاميذ سيناء من حضور دروسهم لنصف الموسم الدراسي.
يقول وسام لـ«الشرق الأوسط» إن الدراسة توقف بمدارسهم خلال النصف الثاني من العام الدراسي، بعد انطلاق العملية الأمنية الشاملة، وخلال هذه الفترة عوضوا الفاقد بدروس خصوصية مدفوعة الأجر.
وأشار وسام الذي كان مسجلاً في مدرسة «الفارابى» بقرية الجورة جنوب الشيخ زويد، إن مدرسته توقفت كلياً عن العمل بسبب إغلاق المنطقة وتعذر وصول المعلمين إليها، وهجرة غالبية الأهالي من المنطقة.
وتابع وسام: «أسرتي انتقلت إلى مدينة العريش، وكان لديها إصرار على ألا أشعر بتوقف الدراسة، لتحقيق حلمي بدخول كلية الهندسة».
طالب آخر في مرحلة الثانوية، هو منصور علي، قال إنه كان يقيم جنوب رفح، وبسبب تفجيرات طالت المنطقة وعطلت سير الدراسة في مدرسته «رفح الثانوية»، لم يتمكن من استكمال الموسم الدراسي.
وقال منصور لـ«الشرق الأوسط»، إنه «غادر وأسرته مدينة رفح وسكن مدينة العريش، ولأنه في الأصل مقيد في مدرسة برفح، فقد تقرر أن يكون مقر أداء امتحانه في لجنة أُعدت لهم داخل مدينة الشيخ زويد المجاورة لمدينة رفح، وكان من بين التسهيلات التي قُدمت لهم توفير أوتوبيسات تقله وزملاءه المهجرين من قراهم ويقيمون في العريش لتوصيلهم إلى لجانهم، لافتاً إلى أن أمورهم في التنقل ميسّرة. ويأمل منصور رغم معاناته أن يحقق حلم والدته التي تتمنى أن يصبح طبيباً.
وحسب إحصائية لإدارة الشيخ زويد التعليمية، فإن 21 مدرسة تعليم ابتدائي وإعدادي وثانوي أُضيرت نتيجة الحرب على الإرهاب في منطقة قرى جنوب الشيخ زويد وتوقفت بها الدراسة، خلال العامين الأخيرين، وتم نقل طلابها إلى مدارس قريبة، وتنوعت الأضرار ما بين مدارس قام «الإرهابيون» بتدميرها كلياً بهدف التخلص من مبانيها المرتفعة حتى لا يتخذها الجيش منصات رصد لتحركاتهم، وأخرى تضررت نتيجة وقوعها في مرمى النيران. ويرى إبراهيم أبو شعيرة، عضو مجلس النواب عن دائرة الشيخ زويد ورفح، إن «قضية استهداف المدارس والتعليم من الإرهابيين خطر، للقضاء على جيل بأكمله من أبناء سيناء»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نعلم أن هدف الجماعات التكفيرية هو إشاعة الجهل لافتراس عقول صغار السن، ويعد التعليم حائط صد لهم، وكلما كان هناك خراب للتعليم في منطقة كانت محاولتهم اصطياد الشباب أسهل». وأوضح أبو شعيرة أن «أشكال القضاء على التعليم التي نفّذها الإرهابيون تنوعت بين توقف الدراسة في مدارس أضيرت بالنيران والتفجيرات، وكذلك تأثر الطلبة بشكل مباشر بخدمات تسبب الإرهاب في تعطيلها ومنها انقطاع الكهرباء شبه المتواصل في مركزي الشيخ زويد ورفح، وعاد الطلبة للمذاكرة على الشموع». وقال عضو البرلمان: «طلاب شمال سيناء دون غيرهم يمتحنون بلا دراسة، كل ما في وسعنا التقدم بطلبات للتيسير عليهم ومراعاة ظروفهم بعد نجاحهم». وتسير امتحانات الثانوية العامة في شمال سيناء في ظل إجراءات العملية الأمنية الشاملة 2018 وإغلاق بعض المدن والقرى والطرق، وشددت قوات الجيش والشرطة حماية مقرات لجان الامتحانات وأقامت متاريس حول محيطها واعتلى مبانيها جنود يطلون من خلف سواتر ترابية أُعدّت لحمياتهم، وسُمح للطلبة بالمرور عبر بوابات أمنية بعد فحصهم بأجهزة الكشف عن المفرقعات.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.