«طريق» مسلسل يجتذب اهتمام اللبنانيين وإشاداتهم

يعالج مشكلات إنسانية كثيرة ضمن نص سلس وأداء محترف

المشاهد يستمتع بالأداء المحترف والمتناقض لبطلي مسلسل «طريق» نادين نسيب نجيم وعابد فهد
المشاهد يستمتع بالأداء المحترف والمتناقض لبطلي مسلسل «طريق» نادين نسيب نجيم وعابد فهد
TT

«طريق» مسلسل يجتذب اهتمام اللبنانيين وإشاداتهم

المشاهد يستمتع بالأداء المحترف والمتناقض لبطلي مسلسل «طريق» نادين نسيب نجيم وعابد فهد
المشاهد يستمتع بالأداء المحترف والمتناقض لبطلي مسلسل «طريق» نادين نسيب نجيم وعابد فهد

منذ حلقاته الأولى استطاع مسلسل «طريق» لنادين نسيب نجيم وعابد فهد، أن يكون محط نظر المشاهد اللبناني. ولعل قصته التي حبكت ضمن نص يدخل في خانة السهل الممتنع القريب من الناس ساهمت في اجتذاب متابعيه رغم إيقاع بطيء لأحداثه ساده في بداياته. ومنذ حلقاته الأولى أيضاً شعر المشاهد بنقلة نوعية لبطليه نادين نسيب نجيم وعابد فهد اللذين خرجا عن المألوف في أدائهما الطبيعي والمحترف والمشبع بخفة ظل لافتة. فشكّل الأمر قوة مغناطسية مارساها معاً على المشاهد ضمن قواعد ذهبية اتبعاها في لعبة التمثيل، فعارضت تأثير أي حقل مغناطيسي لعمل درامي آخر، ووضعته في طليعة البرامج التلفزيونية التي أجمع المشاهد على أنها من بين الأفضل في الموسم الرمضاني الحالي فأطلق عليها لقب «مسلسل طريق بيشبهنا».
والمعروف أن «طريق» مقتبس عن قصة «الشريدة» للراحل نجيب محفوظ التي تحولت إلى فيلم سينمائي في أوائل الثمانينات لعب بطولته كل من نجلاء فتحي ومحمود ياسين ونبيلة عبيد. وهو يحكي قصة امرأة متعلمة (محامية) تتزوج من رجل جاهل ثري يأتي من خلفية اجتماعية فقيرة وشعبية جداً. وفي طريقهما الواحدة يكتشفان الفروقات الاجتماعية بينهما والتي تؤدي لاحقاً إلى افتراقهما وإلى وقفة مع الذات من قبلهما يستنبطها المشاهد من الحكم التي يمررانها في بداية كل حلقة. وما تتضمنه قصة «الشريدة» لحق بها بعض التغييرات في النسخة الدرامية التلفزيونية لتناسب زمننا اليوم ولتواكب التحولات العصرية.
ولكن ما يجدر التوقف عنده في هذا العمل هو ذلك التناغم التمثيلي الحاصل بين بطليه والذي ينعكس إيجاباً على المشاهد فيشعر تلقائياً بأنه أحد أفراد عائلة جابر سلطان (عابد فهد) وأميرة بو مصلح (نادين نسيب نجيم)، ويتفاعل معهما بصورة عفوية ويشاركهما أحزانهما وأفراحهما وطريقهما من خلال تعليقاته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والذي إضافة إلى استخدامه عبارات علقت في ذهنه ضمن سياق كل حلقة منه، توقف أمام مقاطع مصورة تُظهر حرفية عالية لبطلي المسلسل، بحيث راح يتداولها المشاهد عبر تلك المواقع لتحتل لائحة الـ«ترند» اليومية حتى هذه الساعة. وحصدت نادين نسيب نجيم الاهتمام بأداء قريب إلى القلب، حيث خرجت أدواتها التمثيلية المحترفة بفضل تجاربها الناجحة السابقة في «لو» و«تشللو» و«سمرا» و«الهيبة» في جزئه الأول، والذي ترك غيابها عنه في جزئه الثاني «الهيبة العودة» فراغاً ملحوظاً رغم كثافة العنصر النسائي الذي تمت الاستعانة به لسدّه. ومن بين اللقطات التي حُفرت في ذاكرة متابعيها في عملها الحالي مشهد إخفاء تشوهاتها الجسدية وهي في المصعد إثر هروبها من عملية تحرش تعرضت لها. وكذلك تلك التي تدور في يوم زفافها وهي ترتدي الأبيض وترقص برقيٍّ عكس عريسها الذي يرقص «ع الهوارة» بخطوات تعكس بيئته الشعبية، مما جعلها تحصد آلاف عبارات التهنئة. وأيضاً عندما وقفت تترافع في قضية امرأة قتلت زوجها بالخطأ في المحكمة، فبيّنت نضجها التمثيلي وثقتها بأدائها الذي لن يكون بعيدا عن إدخاله ضمن المواد الجامعية التي ستدرّس في المستقبل. ولا يمكن أن ننسى «الكف الأسود» الذي ترتديه (أميرة) في القسم الأول من المسلسل والذي تم حل لغزه والتخلص منه (إثر إجرائها عملية تجميل لحروق أصيبت بها في حادث حريق) في منتصف العمل فشكّل هو أيضاً عنصراً تشويقياً للمشاهد.
وفي مقابل كل هذه اللقطات لنادين نسيب نجيم يستوقفنا إبداع عابد فهد في تجسيد دوره الذي يأخذنا إضافة إلى عالم خفة الظل والطرافة كذلك إلى المنطق والوضوح في الرأي، فيصنعان منه شخصية رجل ذكي يتفوه بالحكم بالفطرة. يبدع عابد فهد في دوره هذا إلى حدّ دفع بكثيرين إلى رفع القبعة لحرفيته.
أما اللقطات التي تصوره يحضر طبق «الكشري» المصري على إيقاع أغنية شعبية في صباحية زفافه، وأخرى تتناول رقصه خلال حفل عرسه أيضاً، إضافة إلى أدائه الذي صقله بخلفية «كاراكتير» نسجها بنفسه حول هذه الشخصية بفضل خبرته وشغفه في التمثيل (طريقته في المشي والتحدث وأزياؤه وتدخينه النرجيلة) فقد شكلت بحد ذاتها مادة دسمة للناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي يركنون إليها إثر عرض كل حلقة جديدة على شاشة «إم تي في» اللبنانية وغيرها من الفضائيات العربية.
قد لا تكفينا هذه السطور لوصف «طريق»، العمل الدرامي الذي تعود كتابته ومعالجته الدرامية إلى سلام كسيري وفرح شيّا، وإخراجه لرشا شربتجي، وأنتجته شركة «صبّاح للإعلام». فالحديث عنه لا يمكن أن يقتصر على أداء ممثليه أمثال زينة مكي وجنيد زين الدين ونهلة داوود وريتا حرب ووفاء موصللي وغيرهم، بل يطال أيضاً الرسائل الإنسانية المباشرة التي يتضمنها والتي تلقي الضوء على مشكلات يعاني منها اللبناني إنْ في مجال الاستشفاء والطبابة والفروقات الاجتماعية والفساد، وإنْ في اجتهاد المرأة وعدم استسلامها لمطبات الحياة من أجل إثبات وجودها في مجتمع ذكوري بامتياز. وكذلك تضمنه رسائل مبطنة أخرى يستكشفها المشاهد في سياق حلقاته.
البعض فوجئ بالشخصية التي تلعبها نادين نسيب نجيم في هذا العمل والتي تشير إلى أنها امرأة عقلانية تخطط وتنفّذ لتصب أعمالها في مصلحتها. هي التي عُرفت بأدوارها الرومانسية وبركونها إلى قلبها أكثر من عقلها فيها. فغرّدت عبر الموقع الإلكتروني «تويتر» رداً على تعليقات متتالية من قبل متابعاتها اللاتي انتقدن أسلوب تعاملها مع زوجها «جابر»، متمنين لو يُرزقن برجل يشبهه بدل أن يفكرن بإجراء تغييرات جذرية عليه كما تفعل «أميرة» في المسلسل فكتبت تقول: «لنشوف بعدين إذا راح تغيروا رأيكن أو لا، فحاليا الجميع يفهم أميرة بطريقة خاطئة والأحداث التي ستجري لاحقاً قد تبدّل من نظرتكن هذه، لا أحد يعلم فلكل منا وجهة نظر».
وبينما وصف البعض عابد فهد بـ«أستاذ الإبداع والتمثيل» في ظل الدور الذي يلعبه في «طريق»، رغم انتقاده بأنه استشفّ خطوط شخصيته من تلك المعروف بها المطرب جورج وسوف، فإن آخرين لقّبوا نادين نسيب نجيم بـ«أميرة الدراما عن جدارة» غامزين من قناة التشابه ما بين أدائها واسمها في المسلسل فتوجتها «اسم على مسمّى» هي التي تتمتع إلى جانب موهبتها التمثيلية بإطلالة جميلة لافتة.
وفي انتظار باقي حلقات المسلسل التي ستغلف أحداثها التشويق والإثارة، إذ ستطال شخصياته تغييرات كثيرة وتنكشف أسرارها الواحد تلو الآخر مما سيؤدي بالبطلين إلى طريق مسدود تتغير مساراته مع الوقت، فإن المشاهد اللبناني يتمسك بمتابعة هذا المسلسل دون ملل ولو اضطر به الأمر أحياناً إلى حضوره عبر مواقع إلكترونية كي لا يفوّت أي حلقة منه.
تفوّق كل من عابد فهد ونادين نسيب نجيم على نفسيهما في مسلسل «طريق» فشكّلا بأدائهما العفوي والطبيعي والمتناقض مدرسة جديدة في عالم الدراما العربية.



الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
TT

الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)

أفصح مختصون في نشاط صناعة واستيراد الشماغ السعودي عن بلوغ هذا الزي التقليدي الرسمي أعلى مواسم البيع السنوية، مسجلاً مبيعات تُقدَّر بنحو 900 مليون ريال سنوياً، كاشفين عن توجهات المستهلكين الذين يبرز غالبيتهم من جيل الشباب، وميلهم إلى التصاميم الحديثة والعالمية، التي بدأت في اختراق هذا اللباس التقليدي، عبر دخول عدد من العلامات التجارية العالمية على خط السباق للاستحواذ على النصيب الأكبر من حصة السوق، وكذلك ما تواجهه السوق من تحديات جيوسياسية ومحلية.
ومعلوم أن الشماغ عبارة عن قطعة قماش مربعة ذات لونين (الأحمر والأبيض)، تُطوى عادة على شكل مثلث، وتُلبس عن طريق وضعها على الرأس، وهي لباس تقليدي للرجال في منطقة الخليج العربي وبعض المناطق العربية في العراق والأردن وسوريا واليمن، حيث يُعد جزءاً من ثقافة اللبس الرجالي، ويلازم ملابسه؛ سواء في العمل أو المناسبات الاجتماعية وغيرها، ويضفي عليه أناقة ويجعله مميزاً عن غيره.
وقال لـ«الشرق الأوسط»، الرئيس التنفيذي لـ«شركة الامتياز المحدودة»، فهد بن عبد العزيز العجلان، إن حجم سوق الأشمغة والغتر بجميع أنواعها، يتراوح ما بين 700 و900 مليون ريال سنوياً، كما تتراوح كمية المبيعات ما بين 9 و11 مليون شماغ وغترة، مضيفاً أن نسبة المبيعات في المواسم والأعياد، خصوصاً موسم عيد الفطر، تمثل ما يقارب 50 في المائة من حجم المبيعات السنوية، وتكون خلالها النسبة العظمى من المبيعات لأصناف الأشمغة المتوسطة والرخيصة.
وأشار العجلان إلى أن الطلب على الملابس الجاهزة بصفة عامة، ومن ضمنها الأشمغة والغتر، قد تأثر بالتطورات العالمية خلال السنوات الماضية، ابتداءً من جائحة «كورونا»، ومروراً بالتوترات العالمية في أوروبا وغيرها، وانتهاء بالتضخم العالمي وزيادة أسعار الفائدة، إلا أنه في منطقة الخليج العربي والمملكة العربية السعودية، فإن العام الحالي (2023) سيكون عام الخروج من عنق الزجاجة، وسيشهد نمواً جيداً مقارنة بالأعوام السابقة لا يقل عن 20 في المائة.
وحول توجهات السوق والمستهلكين، بيَّن العجلان أن غالبية المستهلكين للشماغ والغترة هم من جيل الشباب المولود بين عامي 1997 و2012، ويميلون إلى اختيار التصاميم والموديلات القريبة من أشكال التصاميم العالمية، كما أن لديهم معرفة قوية بأسماء المصممين العالميين والماركات العالمية، لافتاً إلى أن دخول الماركات العالمية، مثل «بييركاردان» و«إس تي ديبون» و«شروني 1881» وغيرها إلى سوق الأشمغة والغتر، ساهم بشكل فعال وواضح في رفع الجودة وضبط المواصفات.
وأضاف العجلان أن سوق الملابس كغيرها من الأسواق الاستهلاكية تواجه نوعين من المشكلات؛ تتمثل في مشكلات جيوسياسية ناتجة عن جائحة «كورونا» والحرب الروسية الأوكرانية، ما تسبب في تأخر شحن البضائع وارتفاع تكاليف الشحن وارتفاع الأسعار بسبب التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، بينما تتمثل المشكلات المحلية في انتشار التقليد للعلامات العالمية والإعلانات المضللة أحياناً عبر وسائل الاتصال الاجتماعي.
من جهته، أوضح ناصر الحميد (مدير محل بيع أشمغة في الرياض) أن الطلب يتزايد على الأشمغة في العشر الأخيرة من شهر رمضان من كل عام، ويبدأ الطلب في الارتفاع منذ بداية الشهر، ويبلغ ذروته في آخر ليلتين قبل عيد الفطر، مضيفاً أن الشركات تطرح التصاميم الجديدة في شهر شعبان، وتبدأ في توزيعها على منافذ البيع والمتاجر خلال تلك الفترة.
وأشار الحميد إلى أن سوق الأشمغة شهدت، في السنوات العشر الأخيرة، تنوعاً في التصاميم والموديلات والماركات المعروضة في السوق، وتنافساً كبيراً بين الشركات المنتجة في الجودة والسعر، وفي الحملات التسويقية، وفي إطلاق تصاميم وتطريزات جديدة، من أجل كسب اهتمام المستهلكين وذائقتهم، والاستحواذ على النصيب الأكبر من مبيعات السوق، واستغلال الإقبال الكبير على سوق الأشمغة في فترة العيد. وبين الحميد أن أكثر من نصف مبيعات المتجر من الأشمغة تكون خلال هذه الفترة، مضيفاً أن أسعارها تتراوح ما بين 50 و300 ريال، وتختلف بحسب جودة المنتج، والشركة المصنعة، وتاريخ الموديل، لافتاً إلى أن الشماغ عنصر رئيسي في الأزياء الرجالية الخليجية، ويتراوح متوسط استهلاك الفرد ما بين 3 و5 أشمغة في العام.