السيسي يتعهد احتواء الجميع «إلا من اختار الإرهاب»

أدى اليمين الدستورية أمام النواب في مستهل ولايته الثانية

السيسي أثناء مراسم أداء اليمين الدستورية لفترة رئاسية ثانية في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
السيسي أثناء مراسم أداء اليمين الدستورية لفترة رئاسية ثانية في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

السيسي يتعهد احتواء الجميع «إلا من اختار الإرهاب»

السيسي أثناء مراسم أداء اليمين الدستورية لفترة رئاسية ثانية في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
السيسي أثناء مراسم أداء اليمين الدستورية لفترة رئاسية ثانية في القاهرة أمس (إ.ب.أ)

أدى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، اليمين الدستورية لبدء فترة رئاسية ثانية مدتها أربع سنوات، أمام مجلس النواب، وذلك بعد فوزه في الانتخابات التي أجريت قبل شهرين بنسبة 97.08 في المائة من أصوات الناخبين (21.8 مليون صوت) من إجمالي 59 مليون مواطن كان يحق لهم التصويت.
وخلال كلمته أمام أعضاء مجلس النواب، تعهد السيسي باحتواء الجميع «إلا من اختار العنف والإرهاب»، وقال إن «مصر العظيمة الكبيرة تسعنا جميعًا بكل تنوعاتنا، وبكل ثرائنا الحضاري، وإيمانا مني بأن كل اختلاف هو قوة مضافة إلينا وإلى أمتنا؛ فإنني أؤكد لكم أن قبول الآخر، وخلق مساحات مشتركة فيما بيننا، سيكون شاغلي الأكبر؛ لتحقيق التوافق والسلام المجتمعي وتحقيق تنمية سياسية حقيقية بجانب ما حققناه من تنمية اقتصادية، ولن أستثني من تلك المساحات المشتركة إلا من اختار العنف والإرهاب والفكر المتطرف سبيلا لفرض إرادته وسطوته، وغير ذلك فمصر للجميع، وأنا رئيس لكل المصريين من اتفق معي أو من اختلف».
وبحسب المادة 140 من الدستور القائم في البلاد فإن الفترة الثانية للرئيس تعد الأخيرة، التي لا يجوز له بعدها الترشح لمرة ثالثة، وفي وقت لاحق نهاية العام الماضي، قال السيسي في حوار تلفزيوني مع قناة أميركية إنه لا ينوى «تعديل الدستور فيما يخص عدد مرات الحكم، أو سنواته»، وأضاف أنه «لا يؤيد تلك الدعوات الآن».
وطلب السيسي خلال كلمته من الحضور، الوقوف حدادا على «أرواح الشهداء، وتحية لكل تضحيات أمتنا العظيمة»، وقال: «دعوني أجدد معكم العقد والعهد بأن نواجه التحدي ونخوض غمار معركتي البقاء والبناء متمسكين بعقدنا الاجتماعي الذي وقعناه سويا دولة وشعبا بأن يكون دستورنا هو المصارحة والشفافية ومبدأنا الأعظم هو العمل متجردين لصالح هذا الوطن، وأن نقتحم المشكلات ونواجه التحديات، ونحن مصطفون محافظون على تماسك كتلتنا الوطنية حية وفاعلة».
وواصل الرئيس: «أذكركم ونفسي بمسيرتنا سويا منذ أن لبيت نداءكم وارتضيت بأن أكون على رأس فريق إنقاذ الوطن ممن أرادوا له السقوط في براثن الانهيار والدمار متاجرين بالدين تارة، وبالحرية والديمقراطية تارة أخرى». وكان السيسي فاز في الانتخابات التي أجريت في مارس (آذار) الماضي، بعد تغلبه على منافس واحد هو رئيس حزب الغد موسى مصطفى موسى، الذي نال أصوات 534 ألف ناخب، وبما يمثل نسبة 2.9 في المائة.
وقال السيسي إن مصر واجهت خلال فترته الرئاسية الأولى (بدأت في يونيو «حزيران» 2014) «التحدي الأكبر في تاريخ وطننا (...) واستطعنا أن نعبر مرحلة عصيبة، وننطلق نحو مستقبل أكثر ثباتا».
وبشأن ملامح الفترة الرئاسية الثانية، قال السيسي إنه سيضع «بناء الإنسان المصري على رأس أولويات الدولة خلال المرحلة القادمة»، وموضحاً أن «ملفات وقضايا التعليم والصحة والثقافة ستكون في مقدمة الاهتمامات، ومن خلال إطلاق حزمة من المشروعات والبرامج الكبرى على المستوى القومي التي من شأنها الارتقاء بالإنسان المصري في كل هذه المجالات، واستنادا إلى نظم شاملة وعلمية؛ لتطوير منظومتي التعليم والصحة لما يمثلانه من أهمية بالغة في بقاء المجتمع المصري قويا ومتماسكا».
الشأن الإقليمي كان أحد محاور كلمة السيسي بعد أداء يمين الولاية الثانية، إذ إن مصر «ستمضي نحو تعزيز علاقاتها المتوازنة مع جميع الأطراف الدولية والإقليمية في إطار من الشراكات، وتبادل المصالح، دون الانزلاق إلى نزاعات أو صراعات لا طائل منها، تعتمد في ذلك على إعلاء مصالح الوطن العليا، واحترام مصالح الآخرين، وتأكيد مبدأ الحفاظ على السيادة الوطنية للدول، وعدم التدخل في شؤونها، بالإضافة إلى تدعيم دور مصر التاريخي بالنسبة للقضايا المصيرية بالمنطقة».
واختتم السيسي كلمته بالتأكيد على عزمه «استكمال مسيرة العمل»، وقال إن «أروع أيام هذا الوطن ستأتي قريبا بلا أدنى شك، ما دامت النيات خالصة والجهود حثيثة والقلوب صامدة».
ودعا السيسي الحاضرين من أعضاء مجلس النواب والوزراء وكبار المسؤولين، إلى الهتاف ثلات مرات من خلفه بعد نهاية كلمته بشعار «تحيا مصر».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.