جدل مسيحي حول «حصة رئيس الجمهورية» في الوزارة اللبنانية

«القوات» يخوض وحيداً معركة دمج حصة واحدة لعون و«لبنان القوي»

اتفاق معراب بين عون وجعجع قاد لانتخاب الأول رئيسا للجمهورية (القوات اللبنانية)
اتفاق معراب بين عون وجعجع قاد لانتخاب الأول رئيسا للجمهورية (القوات اللبنانية)
TT

جدل مسيحي حول «حصة رئيس الجمهورية» في الوزارة اللبنانية

اتفاق معراب بين عون وجعجع قاد لانتخاب الأول رئيسا للجمهورية (القوات اللبنانية)
اتفاق معراب بين عون وجعجع قاد لانتخاب الأول رئيسا للجمهورية (القوات اللبنانية)

بلغ الخلاف بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» مستويات غير مسبوقة وبخاصة مع مطالبة الأخير بإعطاء حصة وزارية واحدة مشتركة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون ولتكتل «لبنان القوي» الموالي للرئيس، بعدما جرت العادة منذ ما قبل اتفاق الطائف أن يكون لرئيس البلاد ممثل وزاري. لكن وباعتبار أن معظم رؤساء الجمهورية السابقين لم يكونوا يمتلكون كتلا نيابية، كان تمثيلهم ينحصر بعدد قليل من الوزراء، بخلاف ما هو حاصل في حكومة تصريف الأعمال الحالية حيث لـ«التيار الوطني الحر» الذي أسسه عون حصة وزارية مختلفة عن حصة رئيس الجمهورية.
ويتمسك تكتل «لبنان القوي» الذي يضم 29 نائبا ويرأسه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، بوجوب حصوله في الحكومة التي ينكب الرئيس المكلف سعد الحريري حاليا على تشكيلها، على حصة وزارية خاصة به، على أن يكون للرئيس عون حصته أيضا. وهو ما يرفضه حزب «القوات» الذي يعتبر أن ما حصل في حكومة تصريف الأعمال استثناء لا يتوجب البناء عليه. وتقول مصادر قيادية في حزب «القوات» إن المعركة في هذا المجال «غير موجهة ضد رئيس الجمهورية باعتبار أننا متفاهمون معه وهذا التفاهم قائم ومستمر، إنما معركتنا بوجه الوزير باسيل الذي يسعى تحت عنوان (حصة الرئيس) التحايل لتحجيم حصة (القوات) تمهيدا لتطويقنا».
وتؤكد المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «حرص القيادة القواتية على دور رئاسة الجمهورية وصلاحياتها وقيمتها وعلى التوازن بين الرؤساء والسلطات، لكن ذلك لا يعني السكوت والرضوخ لمحاولة الالتفاف على نتائج الانتخابات، خاصة أننا نعتبر أنفسنا حصة الرئيس عون، باعتبار أننا كنا من فتح له طريق قصر بعبدا، وكان لنا الدور الأساسي بوصوله إلى سدة الرئاسة نتيجة تفاهم معراب». ويأخذ «القوات» وناشطون في مواقع التواصل على «الوطني الحر»، تغيير موقفه من هذا الملف باعتبار أن الرئيس عون عندما كان لا يزال رئيسا لتكتل «التغيير والإصلاح» وخلال مشاورات تشكيل الحكومة في عهد الرئيس ميشال سليمان، سأل: «أين الحق الذي يعطي رئيس ‏الجمهورية حصة في الحكومة؟». وأرفق سؤاله بدعوة من يريد الرد أن يبرز النص ‏الدستوري للأمر. لكن العونيين يربطون حاليا بين حصة الرئيس الوزارية ومعادلة «الرئيس القوي» التي أرساها بنظرهم انتخاب العماد عون رئيسا للبلاد.
ولا يبدو أن عون أو قيادة «لبنان القوي» بصدد القبول حتى بالنقاش حول الموضوع، إذ تشدد مصادر عونية على أن «الأمر محسوم وغير قابل للأخذ والرد»، مستهجنة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» سعي «القوات» لضرب صلاحيات رئيس الجمهورية بدل العمل على تثبيتها وتحصينها. وتضيف: «من المؤسف والخطير أن تبدي (القوات) مصلحتها الحزبية على المصلحة العليا للمسيحيين».
وتخوض «القوات» معركة المطالبة بحصة وزارية واحدة لعون و«لبنان القوي»، وحيدة، أقله بالعلن، بحيث يفضل «الثنائي الشيعي» وكذلك تيار «المستقبل»، إبقاء الكرة في ملعب القوى المسيحية. وفي هذا الإطار، يشدد القيادي في «المستقبل» مصطفى علوش على أن كل ما يهم الرئيس الحريري وتياره تأليف الحكومة بأسرع وقت بعيدا عن التعقيدات، وأن يكون له حصة من الوزراء الفاعلين، معتبرا أنه يعود لـ«القوات» و«التيار الوطني الحر» حل عقدة حصة رئيس الجمهورية وغيرها من العقد المرتبطة بالتمثيل المسيحي. ويضيف علوش في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «ما يعنينا أن يكون الطرفان متفقين على تسهيل عمل الحكومة وقيام توازن مسيحي يُقابل التوازن بالتمثيل المسلم، مع قناعتنا أنه لا يوجد نص دستوري يتحدث عن حصة وزارية سواء لرئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة».
وتختلف وجهة نظر الوزير السابق كريم بقرادوني والأستاذ في القانون الدولي أنطوان صفير حول حق رئيس الجمهورية بأن يكون لديه حصة وزارية خاصة به. فيشدد الأول على أن «لا علاقة لحصة الرئيس بامتلاكه كتلة نيابية أو عدمه، باعتبار أنه ومنذ لحظة وصوله إلى سدة الرئاسة لم يعد لديه كتلة معينة وبات في موقع يسمح له، تاريخيا، بأن تكون له حصة وزارية». ويضيف بقرادوني في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «الدستور لم ينص على كتلة وزارية للرئيس لكن ذلك بات عُرفا ومن الثوابت وهو مُعتمد منذ ما قبل اتفاق الطائف، كما أن الرئيسين كميل شمعون وفؤاد شهاب كانت لديهما كتلة نيابية لكن حصتها الوزارية كانت مختلفة عن حصة رئيس الجمهورية».
من جهته، يشير صفير إلى أن «الإشكالية الأساسية التي تطرح نفسها في المرحلة الحالية تتعلق بمدى أحقية أن يكون لرئيس الجمهورية كتلتان وزاريتان تحت تسميات مختلفة، باعتبار أن ذلك سينعكس سلبا على تمثيل باقي الكتل»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى «مخرج قد يحل هذه العقدة يقضي بتمثيل الرئيس بوزير واحد من خارج حصة (لبنان القوي)، خاصة أنه لا يمكن أن تمر التشكيلة الحكومية في حال لم تلحظ توقيع رئيس البلاد».



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.