ترمب يلغي قمة سنغافورة ويبقي الباب مفتوحاً أمام المفاوضات

البنتاغون مستعد للرد على «أي استفزاز»... وخبراء يحذرون من عودة التصعيد

الرئيس الأميركي يشرح قرار إلغاء قمته مع كيم في البيت الأبيض أمس (رويترز)
الرئيس الأميركي يشرح قرار إلغاء قمته مع كيم في البيت الأبيض أمس (رويترز)
TT

ترمب يلغي قمة سنغافورة ويبقي الباب مفتوحاً أمام المفاوضات

الرئيس الأميركي يشرح قرار إلغاء قمته مع كيم في البيت الأبيض أمس (رويترز)
الرئيس الأميركي يشرح قرار إلغاء قمته مع كيم في البيت الأبيض أمس (رويترز)

بعد 78 يوما من إعلان البيت الأبيض موافقة الرئيس الأميركي على لقاء زعيم كوريا الشمالية، فاجأ دونالد ترمب أمس العالم وحلفاءه في المنطقة بإلغاء القمة التي كانت مقررة في 12 يونيو (حزيران) المقبل بسنغافورة.
وندد ترمب في رسالة وزعها البيت الأبيض ووجهها لكيم جونغ أون بعدائية النظام الكوري الشمالي. وقال ترمب: «للأسف، ونظرا إلى الغضب الهائل والعدائية الصريحة التي ظهرت في تصريحاتكم الأخيرة، أشعر أنه من غير المناسب في هذا الوقت عقد هذه القمة المقررة».
وحذّر الرئيس الأميركي في تصريحات مباشرة من البيت الأبيض، كوريا الشمالية من اتخاذ أي خطوة «طائشة» أو «متهورة»، وقال إن الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان على استعداد للرد على أي «خطوة طائشة أو متهورة تتخذها كوريا الشمالية». وأضاف: «آمل أن تكون هناك أمور إيجابية فيما يتعلق بمستقبل كوريا الشمالية (...) لكن إذا لم يحدث ذلك، فنحن مستعدون أكثر من أي وقت مضى». وأكد أنه «في غضون ذلك، ستستمر عقوباتنا القوية، إنها أقوى العقوبات المفروضة على الإطلاق، كما ستستمر حملة الضغوط القصوى».
في المقابل، وجّه ترمب الشكر في رسالته إلى بيونغ يانغ للإفراج عن الرهائن الأميركيين، وقال إنه يتطلع إلى لقاء كيم «يوما ما»، وتابع: «ولكن في الوقت الحالي، أود أن أشكركم على الإفراج عن الرهائن الذين أصبحوا الآن مع عائلاتهم. لقد كانت تلك بادرة جميلة نقدرها بشدة».
وأبقى الرئيس الباب مفتوحا أمام عقد لقاء في المستقبل، وقال إنه «في حال غيرتم رأيكم بخصوص هذه القمة المهمة للغاية، الرجاء عدم التردد في الاتصال بي أو الكتابة لي. لقد خسر العالم، وكوريا الشمالية بشكل خاص، فرصة عظيمة للسلام الدائم والازدهار والثروة العظيمين. إن هذه الفرصة الضائعة هي بحق لحظة حزينة في التاريخ».
وجاء قرار ترمب إلغاء القمة بعد بيان نشرته وكالة الأنباء الكورية المركزية عن تشوي سون هوي، نائبة وزير الخارجية الكوري الشمالي، مساء الأربعاء حذرت فيه من أن كوريا الشمالية يمكن أن تجعل الولايات المتحدة «تذوق مأساة مروعة لم تشهدها ولم تتخيلها من قبل». كما انتقدت هوي تصريحات نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، الذي وصفته بـ«دمية سياسية». وقالت: «لا يمكنني أن أكتم مفاجأتي تجاه تصريحات غبية وتنم عن جهل تصدر عن نائب رئيس الولايات المتحدة».
وأضافت: «لن نتوسل إلى الولايات المتحدة من أجل الحوار أو نتعب أنفسنا باللجوء إلى إقناعهم إذا كانوا لا يريدون الجلوس معنا». وتابعت: «في حال أساءت الولايات المتحدة إلى نوايانا الحسنة وتمسكت بتصرفات غير قانونية ومشينة، سأتقدم باقتراح لقيادتنا العليا لإعادة النظر بالقمة بين جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية والولايات المتحدة».
وكان بنس حذّر الاثنين، خلال مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» الزعيم الكوري الشمالي من المراوغة مع واشنطن والتلاعب قبل قمة سنغافورة، معتبرا أن ذلك سيكون «خطأ كبيرا».
وقال أيضا إن كوريا الشمالية قد ينتهي بها الأمر مثل ليبيا: «إذا لم يبرم كيم جونغ أون صفقة» بشأن برنامجه النووي. وقد بدا واضحا في خطاب ترمب، رده على تهديدات كوريا الشمالية بقوله «أنتم تتحدثون عن قدراتكم النووية، ولكن قدراتنا هائلة وقوية لدرجة أنني أدعو الله أن لا نضطر أبدا لاستخدامها».
من جانبه، اعتبر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن سبب إلغاء القمة هو عدم إمكانية التوصل إلى «نتيجة ناجحة». وقال بومبيو لأعضاء لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، أمس: «لقد أوضحت لكيم أن الرئيس ترمب يعمل بإخلاص لكي يحقق اتفاقية تفضي إلى تغيير مسار كوريا الشمالية بعيدا عن الاعتماد على أسلحتها النووية لضمان أمنها، وإقناعها أن ضمان بقاء (النظام) سيكون بالعمل مع الولايات المتحدة». وعبر عن خيبة أمله من عدم تجاوب كوريا الشمالية مع الطلب الأميركي لجلوس ممثلين عن الدولتين للتمهيد للقمة، ومن التصريحات التي أطلقتها كوريا الشمالية خلال اليومين الماضيين. وصرح بومبيو: «لا أعتقد أننا في وضع يجعلنا نشعر أن النتيجة يمكن أن تكون ناجحة. خلال الأيام الكثيرة الماضية لم نتلق ردا على استفساراتنا منهم».
ولم يستبعد بومبيو مفاوضات مستقبلية مع كوريا الشمالية، وقال إن الولايات المتحدة تصبو إلى متابعة المحادثات مع كوريا الشمالية وإعادتها إلى المسار الصحيح لتحقيق النتائج المرجوة. وتابع أن «كوريا الشمالية ستستفيد بإتاحة الفرصة لها لتحقيق الازدهار، مثل الذي تستمتع به جارتها إلى الجنوب».
من جهة أخرى، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها «مستعدة للرد» على أي «أفعال استفزازية». وقال اللفتنانت جنرال المسؤول في قيادة الأركان الأميركية، كينيث ماكنزي، للصحافيين: «نحن في وضعية استعداد، وجاهزون للرد».
وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية: «سنرى ما سيحدث خلال الأيام القليلة المقبلة. إذا حصلت استفزازات (من جانب كوريا الشمالية)، من المؤكد أننا سنكون مستعدين لذلك بالتنسيق مع حلفائنا وشركائنا في المنطقة».
أما الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن، فأعرب عن أسفه إزاء قرار الرئيس الأميركي إلغاء القمة، وحضّ الرجلين على إجراء محادثات مباشرة، حسبما ذكر مكتب الرئاسة في سيول. وفي اجتماع طارئ لمجلس الأمن القومي، قال مون إنه من «المؤسف للغاية أن القمة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية لن تعقد» بعد أن كانت مقررة في 12 يونيو في سنغافورة.
بدوره، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن «قلقه الشديد» إثر إلغاء القمة. وقال غوتيريش خلال عرض برنامجه لنزع الأسلحة في جنيف: «أنا قلق جدا، وأحض كل الأطراف على مواصلة حوارهم لإيجاد سبيل نحو نزع الأسلحة النووية بشكل سلمي ويمكن التحقق منه في شبه الجزيرة الكورية».
وتباينت آراء الخبراء حول رد الفعل المتوقع من إلغاء القمة، بين فريق متفائل بإمكانية استئناف المفاوضات الدبلوماسية، وآخر يتوقع استئناف حملة الضغوط القصوى على كوريا الشمالية وعودة كيم إلى استفزاز جيرانه وبرنامج الصواريخ الباليستية والنووي. ويقول توم بلانت، الخبير الكوري الشمالي في المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية والأمن والدفاع البريطاني، إنه كان أمام الرئيس الأميركي خياران لا ثالث لهما؛ عقد قمته مع كيم وتحقيق تنازلات كبيرة من الجانب الكوري الشمالي تفضي إلى نزعها السلاح النووي وهو ما بدا بعيد المنال، أو الانسحاب من القمة بأقل خسائر ممكنة. وتابع بلانت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الرسالة، رغم لغتها المختلفة عن المراسلات الدبلوماسية المعتادة، أوضحت أن سبب إلغاء القمة يرجع إلى لهجة كيم العدائية. وتابع بلانت أن الكوريين الشماليين أوضحوا أنهم لن ينصاعوا لمطالب نزع السلاح النووي بالسرعة التي تشترطها واشنطن.
وعن الخطوة التي قد تتخذها بيونغ يانغ للرد على القرار الأميركي، يقول بلانت إن الاستراتيجية التقليدية الكورية الشمالية هي أن توضّح ما كان سيكسبه الطرف الثاني إذا ما التزم بالقمة، أي أن تصعّد بشكل كان يمكن تفاديه إن انعقدت القمة. ومن الجانب الأميركي، يتوقع بلانت أن تواصل واشنطن حملة الضغوط الاقتصادية والسياسية على بيونغ يانغ، مذكرا بخطاب التهديدات العسكرية الذي صعّد التوتر في شبه الجزيرة الكورية قبل أشهر.
يشار إلى أن قرار إلغاء القمة تزامن مع إعلان كوريا الشمالية تفكيك موقعها للتجارب النووية بالكامل.
وكانت بيونغ يانغ أعلنت أنها ستدمر بالكامل منشأة بونغي - ري في أقصى شمال شرقي البلاد، ودعت عددا من الصحافيين لمشاهدة عملية تدمير الموقع. وقال عدد من الصحافيين بأنهم سمعوا أصوات سلسلة من الانفجارات خلال النهار ثلاثة منها عند مداخل أنفاق تؤدي إلى المنشأة، تلتها انفجارات لتدمير ثكنات وهياكل أخرى مجاورة. وكتب توم شيشير الصحافي في سكاي نيوز الذي حضر عملية التفكيك، على موقع القناة البريطانية «حدث انفجار هائل شعرنا به. وغطانا الغبار وشعرنا بالحرارة. كان الانفجار مدويا جدا».



لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.