إعصار «مكونو» يحوّل سقطرى إلى منطقة منكوبة... وعُمان تعلن الطوارئ

الأرصاد السعودية تتوقع تأثر أجزاء من المملكة بالعاصفة المدارية

عمانيون يتحدون الخطر ويأخذون صوراً للأمواج العاتية على شاطئ مدينة صلالة الجنوبية (أ.ف.ب)
عمانيون يتحدون الخطر ويأخذون صوراً للأمواج العاتية على شاطئ مدينة صلالة الجنوبية (أ.ف.ب)
TT

إعصار «مكونو» يحوّل سقطرى إلى منطقة منكوبة... وعُمان تعلن الطوارئ

عمانيون يتحدون الخطر ويأخذون صوراً للأمواج العاتية على شاطئ مدينة صلالة الجنوبية (أ.ف.ب)
عمانيون يتحدون الخطر ويأخذون صوراً للأمواج العاتية على شاطئ مدينة صلالة الجنوبية (أ.ف.ب)

أعلنت سلطنة عُمان، أمس، حالة الاستنفار، وبدأت على الفور تفعيل خطط الطوارئ لمواجهة التأثيرات المحتملة للعاصفة المدارية «مكونو» التي تهدّد بضرب السواحل العمانية بدءاً من اليوم (الجمعة)، لتبلغ ذروتها غداً.
ومن المتوقع أن يضرب الإعصار مباشرة محافظة ظفار في جنوب السلطنة التي تبعد نحو ألف كيلومتر عن العاصمة مسقط وأجزاء من محافظة الوسطى المتاخمة لها. وتتوقع الأرصاد الجوية العمانية أن يعبر الإعصار مدينة صلالة بين الساعة الرابعة من عصر اليوم إلى الساعة العاشرة ليلاً، وستكون تلك الساعات ذروة تأثير الإعصار على المحافظة.
وفي حين أعلنت الحكومة اليمنية أرخبيل جزيرة سقطرى «محافظةً منكوبةً»، نتيجة للأضرار الكبيرة الناتجة عن الإعصار الاستوائي الذي تسبب حتى أمس في غرق سفينتين وفقدان 17 شخصاً بعدما أدّى إلى فيضانات حاصرت منازل السكان المحليين وغمرت قرى وأحياء في الجزيرة الواقعة في بحر العرب، ما اضطر السّلطات إلى طلب الإغاثة من المجتمع الدولي وإجلاء المتضررين إلى مراكز حكومية.
وفي السعودية، أعلنت هيئة الأرصاد وحماية البيئة، أن «تتأثر أجزاء من المملكة العربية السعودية بالعاصفة المدارية بعد مرورها ببعض المناطق في سلطنة عمان والجمهورية اليمنية، وذلك اعتباراً من يوم السبت إلى الثلاثاء المقبلين».
ويتوقع «المركز الوطني للإنذار المبكر من المخاطر» في سلطنة عمان، تقدم الإعصار نحو سواحل محافظة ظفار ضمن المجال الجوي العماني «القطاع الجوي الجنوبي» وتأثيره المباشر على محافظة ظفار بدءاً من اليوم (الجمعة) حتى غداً.
وتشير توقعات الأرصاد إلى أنّ الإعصار، وهو من الدرجة الأولى، سيضرب غالبية مناطق محافظة المهرة وظفار العمانية، ومن المحتمل أن تصل تأثيراته إلى مديريات الصحراء في حضرموت شرق اليمن.
وتوقعت هيئة الأرصاد السعودية أن يتحوّل إعصار «مكونو» إلى الدرجة الثانية بعد تحوله إلى الدرجة الأولى، ويتحرك باتجاه شمال وشمال غرب، حيث يبعد مركز الإعصار عن مدينة صلالة العمانية نحو 470 كم، وتقدر سرعة الرياح حول مركز الإعصار ما بين (126 إلى 144 كم/ ساعة) ويتراوح الموج في بحر العرب ما بين (5 إلى 8 أمتار هائج وبسرعة تقدر بـ12 كم/ ساعة).
وغمرت مياه الأمطار والسيول التي تساقطت على جزيرة سقطرى اليمنية الشّوارع، متسببةً في سيول غزيرة، ما اضطر السكان إلى الخروج منها ومحاولة التوجه سيراً نحو مناطق أخرى أقل تضرراً. وقال فهد كفاين وزير الثروة السمكية في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إنّ أكثر من 200 أسرة أُجْلوا حتى الآن من المناطق المعرضة للإعصار في سقطرى إلى مناطق آمنة. وأفاد بأنّ الاتصال انقطع مع المناطق الواقعة في الجهتين الجنوبية والشرقية من الجزيرة، موضحاً أنّ هذه المناطق تقع في قلب العاصفة.
وتابع كافين أنّ محافظ سقطرى وجه رسالة استغاثة إلى قيادة «تحالف دعم الشرعية» بقيادة السعودية للتدخل «لإنقاذ الجزيرة وسكانها، وذلك نتيجة ضعف إمكانات السلطة المحلية وعدم قدرتها على مواجهة النتائج المحتملة للإعصار».
ونقلت «سبأ» عن المتحدث باسم الحكومة راجح بادي، قوله: إنّ «أرخبيل سقطرى محافظة منكوبة بما لحق بها من أضرار بشرية ومادية وعلى كل المستويات، وتحتاج إلى مساعدات عاجلة... لإسعاف المواطنين المحاصرين في قراهم أو المواطنين الذين يسكنون أعالي الجبال». كما دعا وزير الإدارة المحلية رئيس اللجنة العليا للإغاثة، المنظمات الأممية الإغاثية والإنسانية إلى «إرسال فرق طبية بسرعة» إلى الجزيرة ومناطق أخرى في جنوب اليمن يقترب منها الإعصار.
وتوقعت الهيئة أن تتأثر الأجزاء الجنوبية للمنطقة الشرقية (محافظة الخرخير)، ومنطقة نجران (شرورة) والشريط الحدودي مع سلطنة عمان وصحراء الربع الخالي، بالأمطار الغزيرة التي تؤدي إلى جريان السيول والرياح النشطة التي قد تصل سرعتها إلى أكثر من 80 كم/س، مثيرةً للأتربة والغبار وتؤدي إلى انعدام في الرؤية الأفقية.
وأضافت في بيان: «لا يُستبعد أن تتأثر الأجزاء الجنوبية من منطقتي الرياض (الأفلاج، ووادي الدواسر، وليلى)، والشرقية (العبيلة ومحافظة نجران) بالأمطار الرعدية المتوسطة والرياح النشطة المثيرة للأتربة والغبار وذلك بسبب اقتراب العاصفة اعتباراً من مساء يوم الأحد».
وفي سلطنة عمان، أعلنت السلطات أنّها مستعدة لوصول العاصفة إلى الأرض، محذرة من أنّها قد تتسبب في فيضانات وأضرار بالمنازل. وأعلن المركز الوطني للإنذار المبكر في السلطنة استمرار تحرك الإعصار المداري «مكونو» الذي يبعد مركزه نحو 400 كيلومتر عن مدينة صلالة.
وقررت الهيئة العامة للطيران المدني العمانية إغلاق مطار صلالة أمام حركة الطيران، اليوم، بدءاً من الساعة الثانية عشرة عند منتصف الليل ولمدة 24 ساعة قابلة للتمديد وفقاً لتطورات الأجواء، وذلك حرصاً على سلامة الملاحة الجوية خلال تأثر محافظة ظفار بالإعصار. موضحة أنّها تتعامل مع خطوط الملاحة الجوية الدولية في المجال الجوي العماني المتأثرة بحركة الإعصار بتحويل مساراتها إلى مسارات بديلة وفقاً لتطورات الحالة.
ويتوقع خبراء الأرصاد أن تصل العاصفة إلى الساحل صباح السبت المقبل، حيث تصل سرعة الرياح إلى 180 كيلومتراً في الساعة.
وبدأت منذ أول من أمس عملية إخلاء المواطنين والمقيمين من جزر «الحلانيات» إلى مناطق آمنة، حيث نفّذ سلاح الجو السلطاني العماني عدة طلعات بالطائرات التابعة للسلاح، تفادياً للعاصفة. كما عقدت المنظومة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة العمانية، أمس، اجتماعاً بالمركز الوطني للإنذار المبكر من المخاطر المتعددة بحضور منسقي القطاعات وممثلي الجهات الرئيسية والمساندة.
كذلك عقدت اللجنة الوطنية للدفاع المدني العمانية اجتماعاً استثنائياً، أمس، لمراجعة «جهود الاستعداد والجاهزية التي تقوم بها الجهات الرئيسية والمساندة المشاركة في التعامل مع الحالة المدارية المتوقع أن تتعرض لها السلطنة».
وأكد العقيد مبارك بن سالم العريمي مدير عام العمليات والتدريب بالهيئة العامة للدفاع المدني والإسعاف، أن الهيئة قد وضعت إداراتها ومراكزها على مستوى المحافظات على أهبة الاستعداد، وحشدت كل الإمكانات المتاحة لديها من أجل الاستجابة والتعامل مع الحالات الطارئة خلال الحالة الجوية القادمة.
وأوضح العريمي أنّ التوقعات تشير حسب المصادر الرسمية إلى تأثر محافظتي ظفار والوسطى، وقد عُزّزت المحافظتان بالقوة البشرية ومركبات الدفع الرباعي المخصصة لأعمال البحث والإنقاذ وكذلك مجموعة من القوارب والدراجات المائية والمعدات والتجهيزات الأخرى. وتمّ إخلاء مستشفى السلطان قابوس في صلالة عاصمة ظفار، من المرضى، ونقلهم إلى مستشفيات أخرى. ويُتوقع أن يضرب الإعصار بشدة صلالة في الساعات المقبلة.


مقالات ذات صلة

إعصار «أوسكار» يودي بحياة ما لا يقل عن 6 أشخاص في كوبا

أميركا اللاتينية انقطاع التيار الكهربائي في هافانا بعدما ضرب الإعصار أوسكار مساء الأحد كوبا (د.ب.أ)

إعصار «أوسكار» يودي بحياة ما لا يقل عن 6 أشخاص في كوبا

 أعلن الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل أمس (الاثنين) وفاة ما لا يقل عن 6 أشخاص بعدما ضرب إعصار «أوسكار» شرق كوبا.

«الشرق الأوسط» (هافانا)
العالم صورة ملتقطة عبر الأقمار الصناعية بواسطة الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي لإعصار أوسكار (أ.ب)

الإعصار أوسكار يصل إلى اليابسة في جزر البهاما

قال المركز الوطني الأميركي للأعاصير، اليوم الأحد، إن الإعصار أوسكار وصل إلى اليابسة في جزيرة إيناجوا الكبرى؛ إحدى جزر البهاما.

«الشرق الأوسط» (ميامي )
الولايات المتحدة​ امرأة تسير في وسط المدينة أثناء وصول إعصار «ميلتون» إلى اليابسة في تامبا بفلوريدا (أ.ف.ب)

رياح عاتية وأمطار غزيرة وفيضانات... الإعصار «ميلتون» يبدأ باجتياح فلوريدا (صور)

بدأ الإعصار «ميلتون» الذي يُعتبر «خطراً للغاية» باجتياح سواحل ولاية فلوريدا في جنوب الولايات المتحدة ليل الأربعاء، مصحوباً برياح عاتية وأمطار غزيرة وفيضانات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الخليج دعت السفارة المواطنين في حالات الطوارئ إلى الاتصال بأرقام الطوارئ (الشرق الأوسط)

السعودية تدعو مواطنيها في أميركا للحيطة من إعصار «ميلتون»

طالبت سفارة السعودية في الولايات المتحدة الأميركية مواطنيها الموجودين في ولايات جورجيا ونورث كارولاينا وساوث ‫كارولاينا، بأخذ الحيطة والحذر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ تسببت الأمطار الغزيرة الناجمة عن الإعصار «هيلين» في حدوث فيضانات وأضرار قياسية في كارولينا الشمالية (أ.ف.ب)

الإعصار «هيلين» يقتل 63 شخصاً على الأقل في الولايات المتحدة

ارتفعت حصيلة القتلى جراء الإعصار «هيلين» إلى 63 شخصاً على الأقل، وفقاً للسلطات التي أشارت إلى أن ملايين الأميركيين في 10 ولايات لا يزالون من دون تيار كهربائي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».