وزير الخارجية الفرنسي يحذر من «اشتعال» المنطقة بسبب التصعيد الأميركي ـ الإيراني

ماكرون في روسيا اليوم وباريس تسعى لتوضيح دعوة موسكو لانسحاب القوات الأجنبية من سوريا

وزير الخارجية الفرنسي يغادر الإليزيه أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي يغادر الإليزيه أمس (أ.ف.ب)
TT

وزير الخارجية الفرنسي يحذر من «اشتعال» المنطقة بسبب التصعيد الأميركي ـ الإيراني

وزير الخارجية الفرنسي يغادر الإليزيه أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي يغادر الإليزيه أمس (أ.ف.ب)

صل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم إلى روسيا في زيارة رسمية ستهيمن عليها الملفات الساخنة بدءاً بأزمة النووي الإيراني والحرب في سوريا، وتصاعد التوتر في منطقة الشرق الأوسط التي حذر وزير الخارجية الفرنسية من «اشتعالها» بسبب أي حادث عرضيا كان أم مقصوداً.
ويحل ماكرون ضيفاً على الرئيس فلاديمير بوتين في مدينة سان بطرسبرغ التي سينتقل منها غداً إلى موسكو بعد المشاركة في مؤتمر اقتصادي كبير سيكون فيه ضيف الشرف مع رئيس الوزراء الياباني. والأهم بالنسبة للرئاسة الفرنسية أن الزيارة ستوفر لباريس وموسكو الفرصة لتبادل الرأي بصدد الملفات الأساسية رغم التوتر الذي أصاب علاقات البلدين بسبب تسميم العميل الروسي المزدوج في بريطانيا الذي اتهمت موسكو بافتعاله، وبسبب مشاركة باريس في الضربات العسكرية ضد مواقع للنظام السوري الشهر الماضي، فضلاً عن زيادة منسوب التوتر بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية. ورغم ذلك كله، لا يخفي المسؤولون الفرنسيون أن باريس يمكن أن تلعب دور «الوسيط» بينهما. كذلك، تأمل مصادر قصر الإليزيه، أن تسفر الزيارة عن بلورة «نقاط تلاق» بين الطرفين بشأن الملفات الحساسة التي من بينها الملف الأوكراني.
واستبق الوزير جان إيف لودريان الزيارة بالتحذير من الأخطار المحدقة بالمنطقة بسبب تصاعد النزاعات. وقال لإذاعة «فرنس أنتير» أمس، إن التصعيد الحاصل بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران وعودة العقوبات ضد طهران «يضع كامل المنطقة في دائرة الخطر». ورداً على سؤال مباشر حول احتمال اندلاع حرب في الشرق الأوسط رد وزير الخارجية إيجاباً، منبهاً من التداخل الحاصل بين الأزمة السورية والمسألة الإيرانية، ومعتبراً أن ذلك يمكن أن يفضي إلى «انفجار إقليمي». واستطرد لودريان قائلاً، إن «كافة الظروف أصبحت اليوم مجتمعة «وهي تهدد» بحصول انفجار بسبب أي حادث أكان مقصودا أم غير مقصود».
في الملف الإيراني، فإن صورة الموقف الفرنسي تتسم بالثنائية. فمن جهة، أعاد لودريان التأكيد على مكامن القلق الفرنسي من التهديدات، التي تشكلها إيران بالنسبة لأمن المنطقة الشرق أوسطية، واصفاً مساعيها في المجال الصاروخي والباليستي بـ«الجنونية». كذلك، ندد بنزعات «الهيمنة» الإيراني على المنطقة التي اعتبر أنه «لا يمكن القبول بها». لكن مقابل ذلك لم يتغير موقف فرنسا من الرغبة في المحافظة على الاتفاق النووي المبرم في عام 2015 وعلى رفضها للإجراءات الأميركية والعقوبات التي أعادت واشنطن فرضها على طهران. وأكد لودريان أن باريس «لا تنحني» أمام الإجراءات الأميركية، وأن الأوروبيين يسعون إلى إجراءات مضادة لحماية مصالح الشركات الأوروبية.
بين باريس وموسكو تلاق بشأن المحافظة على الاتفاق النووي وبشأن رفض إعادة فرض العقوبات الأميركية على إيران ومعاقبة الشركات التي يمكن أن تستمر في التعامل معها. إلا أن خلافاً أساسياً يفرق بينهما؛ إذ إن فرنسا التي قطعت نصف الطريق لملاقاة الموقف الأميركي تريد اتفاقاً تكميلياً مع إيران يأخذ بعين الاعتبار نشاطات طهران النووية لما بعد عام 2025 والحد من برامجها الباليستية واحتواء نزعتها للهيمنة الإقليمية، بينما موسكو ترفض ذلك وتكتفي بالتشديد على الإبقاء على الاتفاق النووي.
والحال أن باريس «تراهن» على موسكو لإقناع إيران بفتح الملفات الإضافية، وهو ما ترفضه حتى الآن تحت ضغط المحافظين و«الحرس الثوري» والمرشد الإيراني. وفي أي حال، فإن الأمور ستتضح سريعا بحيث سيتبين ما إذا كانت أوروبا قادرة على حماية شركاتها وبالتالي «طمأنة» إيران لجهة المحافظة على مصالحها الاقتصادية والاستثمارية والتجارية؛ الأمر الذي تزداد الشكوك الإيرانية بشأنه.
في الملف السوري، تريد باريس، أن تحصل من موسكو على «توضيحات» بشأن الملف السوري ودعوة الرئيس بوتين ومبعوثه إلى الأزمة السورية إلى انسحاب القوى الأجنبية التي من بينها إيران. ووصف الوزير لودريان أمس المطلب الروسي بأنه «غامض ويحتاج إلى توضيح»، لافتاً إلى أنه، في حال ثبتت جديته، فإنه يبين الحاجة إلى مسار سياسي حقيقي فيما المسارات الموجودة «معطلة».
ويرى لو دريان أنه «ليس لروسيا مصلحة» في تعطيل كافة قنوات الحوار ولا إلى مزيد من اهتراء الوضع في سوريا؛ لأن من شأن ذلك أن «يسيء إلى صورة روسيا» دولياً، ويزيد من مخاطر تعرضها للإرهاب. ودعا الوزير الفرنسي إلى الحوار بين القوى المعنية بسوريا من أجل «بلورة أجندة» تحت إشراف الأمم المتحدة من أجل إيجاد الحلول للوضع الإنساني، وكذلك إطلاق الحل السياسي. وتريد باريس أن تعرف إلى أي حد يبدي الرئيس بوتين استعداداً للضغط على الأسد من أجل السير بحل سياسي جدي.
بيد أن الأفكار الفرنسية لا ترتقي لمستوى الخطة رغم الجهود الدبلوماسية المكثفة التي تبذلها باريس، وذلك بسبب التعقيدات الكبرى للحرب في سوريا وتغير طبيعتها إلى حد بعيد. ورغم ذلك، فإن الطرف الفرنسي يأمل بأن يكون له «دور» يلعبه فيها.
بالنظر لكل هذه التحديات، تبرز أهمية زيارة ماكرون لروسيا وما يمكن أن تحمله من جديد ليس فقط لجهة توثيق العلاقات بين الطرفين رغم خلافاتهما، بل أيضاً وخصوصاً من أجل «توضيح» صورة مواقفهما بالنسبة لأزمات المنطقة ومعرفة ما إذا كانا قادرين اليوم على العمل معاً لبلورة طروحات بديلة عن الرؤية الأميركية وخطط واشنطن في المنطقة.



تقرير: الإسرائيليون استطاعوا مشاهدة فيلم وثائقي تحجبه السلطات عن قضية فساد نتنياهو

نتنياهو قبل الإدلاء بشهادته في محاكمته بتهمة الفساد في المحكمة المركزية في تل أبيب الثلاثاء (إ.ب.أ)
نتنياهو قبل الإدلاء بشهادته في محاكمته بتهمة الفساد في المحكمة المركزية في تل أبيب الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT

تقرير: الإسرائيليون استطاعوا مشاهدة فيلم وثائقي تحجبه السلطات عن قضية فساد نتنياهو

نتنياهو قبل الإدلاء بشهادته في محاكمته بتهمة الفساد في المحكمة المركزية في تل أبيب الثلاثاء (إ.ب.أ)
نتنياهو قبل الإدلاء بشهادته في محاكمته بتهمة الفساد في المحكمة المركزية في تل أبيب الثلاثاء (إ.ب.أ)

قالت وكالة «أسوشييتد برس» للأنباء إن هناك إسرائيليين تمكنوا من مشاهدة الفيلم الوثائقي «ملفات بيبي» الذي يدور حول قضية الفساد التي يحاكم بسببها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وذلك باستخدام شبكة VPN لتجاوز قيود البث، أو من خلال مشاهدة نسخ مسربة شقت طريقها إلى وسائل التواصل الاجتماعي.

معارض لنتنياهو خارج مقرّ المحكمة بتل أبيب الثلاثاء (أ.ب)

وكانت السلطات الإسرائيلية قد منعت عرض الفيلم بسبب قوانين الخصوصية التي تنظم مثل هذه الإجراءات.

وأضافت الوكالة أن نتنياهو أصبح أول رئيس حكومة إسرائيلي في السلطة يقف متهماً ووعد بإسقاط مزاعم الفساد «السخيفة» ضده.

المنتج والمخرج الأميركي الإسرائيلي أليكس جيبني

وقالت إن مخرج الفيلم الوثائقي أليكس جيبني تناول خلال مسيرته المهنية التي استمرت عقوداً العديد من القضايا الشائكة، ولم يكن يخطط لفيلم عن إسرائيل - حتى يوم واحد من العام الماضي، عندما وقع تسريب مذهل بين يديه واتضح أن التسريب كان أشبه بالطوفان، حيث عُرض عليه من خلال مصدر تسجيلات فيديو لمقابلات الشرطة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي وزوجته سارة وابنه يائير ومجموعة من رجال الأعمال، وكلها أجريت بوصفها جزءاً من قضية الفساد وبلغ مجموعها أكثر من 1000 ساعة من الفيديوهات.

ولم يكن المخرج الحائز على جائزة الأوسكار يتحدث العبرية، لكنه شعر بأن هذا كان شيئاً كبيراً ولجأ إلى مراسل التحقيقات الإسرائيلي المخضرم رفيف دراكر، الذي قام بفحص عميق للفيديوهات، وقال له إن «لدينا شيئاً مثيراً للغاية» ثم ضم جيبني زميلته أليكسيس بلوم، التي عملت في إسرائيل، لإخراج الفيلم.

وكانت النتيجة: فيلم «ملفات بيبي» الذي خدمه أن توقيت إصداره هذا الأسبوع، تزامن مع محاكمة نتنياهو.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة خلال نزهة برفقة ابنيهما يائير وأفنير (جيروزاليم بوست - المكتب الصحافي الحكومي الإسرائيلي)

ولفتت الوكالة إلى أن الفيلم واجه عقبات أخرى، من ناحية، كان على جيبني وبلوم جمع الأموال لإنتاجه دون الكشف عنه، نظراً لمحتواه، وكان العديد من الداعمين والموزعين متوترين بشأن المشاركة، خاصة بعد اندلاع الحرب بعد الهجوم الذي قادته «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 ثم كانت هناك أكبر عقبة على الإطلاق: حيث لا يمكن عرض الفيلم في إسرائيل، بسبب قوانين الخصوصية.

وكانت المراجعات في وسائل الإعلام الإسرائيلية لفيلم «ملفات بيبي» إيجابية في الغالب، وليس من المستغرب أن يعكس رد الفعل العام الانقسامات حول نتنياهو المثير للجدل، حيث يقول هو وأنصاره إنه مطارد من وسائل الإعلام المعادية والقضاء المتحيز ضده.

مخرجة فيلم «ملفات بيبي» الأميركية أليكسيس بلوم

وكتب نير وولف، الناقد التلفزيوني لصحيفة إسرائيل اليوم المؤيدة لنتنياهو: «سوف يقسم معارضو نتنياهو بالفيلم وسيصبحون أكثر اقتناعاً بأنه فاسد، ويقودنا إلى الدمار وسوف يرغب أنصاره في احتضانه أكثر».

وهاجم نتنياهو الفيلم في سبتمبر (أيلول)، وطلب محاميه من المدعي العام للبلاد التحقيق مع دروكر، وهو منتج مشارك مع جيبني، متهماً إياه بمحاولة التأثير على الإجراءات القانونية ولكن لم يتم فتح أي تحقيق.