قبل بدء شهر رمضان، يتدافع العشرات على مدخل سوق مؤقت في مدينة دوما قرب دمشق، يبحثون عن بضائع من مواد غذائية وتنظيف إلى ألعاب أطفال بأسعار منخفضة لم يعتادوا عليها طوال سنوات حصار معقل الفصائل المعارضة السابق.
وتنظم وزارة التجارة في دمشق، سوقاً مؤقتة لأربعة أيام في مدينة دوما في إطار مهرجان تسوق في الغوطة الشرقية أطلقت عليه «الخير بغوطتنا»، وينتقل من بلدة إلى أخرى، وقد بدأ في بلدة كفربطنا جنوباً قبل أن يصل إلى دوما.
وشكّلت الغوطة الشرقية، ودوما أبرز مدنها، بين عامَي 2012 و2018 المعقل الأبرز للفصائل المعارضة قرب دمشق، إلى أن سيطرت قوات النظام السوري عليها بالكامل الشهر الماضي إثر حملة عسكرية ثم اتفاقات إجلاء خرج بموجبها آلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين منها.
يتنقل رجال ونساء وأطفال بين عشرات الأكشاك داخل القاعة، وبينهم أم محمد (50 عاماً) التي تنظر من تحت نقابها بتمعن إلى السعر المدون على علبة المرتديلا. وتقول لوكالة الصحافة الفرنسية: «كان مطبخي في دوما خالياً وفقيراً»، مضيفة: «بدأت منذ أيام إعادة تأهيله وتجهيزه ليكون مليئاً بالأصناف والأنواع».
تحمل أم أحمد في يديها أكياساً مليئة بالحاجيات وأهمها المواد الغذائية، وتقول: «أولادي بانتظاري في المنزل، سأسرع بالعودة فقد أحضرت لهم الزبدة والحلاوة».
ولم يعتد أهالي دوما نتيجة حصار استمر طوال 5 سنوات على رؤية هذا الكم من المنتجات بتلك الأسعار المنخفضة.
يقول حسن سريول (42 عاماً): «لم أرَ هذا المشهد منذ سنوات»، مضيفاً: «وصل سعر كيلو السكر إلى 22 ألف ليرة سورية (40 دولاراً)، أما اليوم فيبلغ 500 ليرة (أقل من دولار)».
يحمل سريول أكياساً بكلتا يديه، يرفع علبة من المناديل الورقيّة لشرائها، ويضيف «لو كان بإمكاني أن أحمل أغراضاً أكثر لفعلت».
وتشارك نحو 40 مؤسسة تجارية في السوق المؤقتة، وتوزع منتجاتها على عشرات الأكشاك في القاعة التي رُفع فيها العَلَم السوري.
ويجري تنظيم 6 أسواق أخرى من هذا النوع في مناطق أخرى في الغوطة الشرقية حتى نهاية شهر رمضان الذي يبدأ بعد يومين، وفق ما قال وزير التجارة الداخلية عبد الله الغربي.
يجلب رائد زبادنة من على الرفوف من خلفه عبوات الشامبو والمنظفات ويضعها مسرعاً في أكياس الزبائن المحتشدين أمامه.
لا يتوقف رائد عن الابتسام، ويقول: «من الطبيعي أن يحصل الازدحام على قسم المنظّفات، سعر العبوة الكبيرة الآن 500 ليرة سورية بينما وصل في الماضي إلى 3 آلاف ليرة للعبوة الصغيرة». ويضيف: «هذا المبلغ لم يكن متاحاً للجميع».
تتعالى أصوات الباعة كلٌّ ينادي على بضاعته، وتزدحم الأقسام الخاصة بالمنظّفات والمواد الغذائية أكثر من تلك التي تبيع الشوكولاتة مثلاً.
ينهمك محمد الحافي (31 عاماً) في العمل على الآلة الحاسبة لتسجيل مبيعاته من البنّ من نوع «سيتي كافيه» المعروف في سوريا.
يطلب الحافي من الزبائن التريث قليلاً حتى يلتقط أنفاسه، ويقول: «اضطررتُ إلى إغلاق الباب بسبب الإقبال الكثيف»، مضيفاً: «القوة الشرائية هنا أكثر بعشرة أضعاف من تلك التي كانت في دمشق، بسبب الحاجة الملحّة إلى الكثير من المواد الغذائية وغيرها».
يغتنم بعض الزبائن الفرصة ليسألوا هؤلاء القادمين من دمشق عن أحوال العاصمة التي انقطعوا عنها لسنوات.
خارج قاعة السوق المؤقتة، مدينة يطغى عليها مشهد الدمار من أبنية منهارة وشوارع ملأها الركام وسيارات محترقة. ورغم ذلك فتح بعض المحال أبوابه في مبانٍ متضررة أو حتى مدمَّرة جزئياً.
وترتفع في شوارع المدينة الأعلام الرسمية وصور بشار الأسد واللافتات الدعائية لـ«مهرجان التسوق».
سوق مؤقتة في دوما بعد سنوات من الحصار
سوق مؤقتة في دوما بعد سنوات من الحصار
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة