تنديد حقوقي بالإعدامات الحوثية وسط تصاعد لحملة الاعتقالات

TT

تنديد حقوقي بالإعدامات الحوثية وسط تصاعد لحملة الاعتقالات

ندّد فريق حقوقي يمني أمس، بسيل أحكام الإعدامات الانتقامية، التي كثفت من إصدارها أخيرا المحاكم الخاضعة للميليشيات الحوثية في صنعاء، بحق معارضي الجماعة، الذين تواصل أجهزتها الأمنية أعمال القمع والاعتقالات في أوساطهم، بتهمة أنهم موالون للحكومة الشرعية ودول التحالف الداعم لها. جاء ذلك في وقت واصلت فيه الجماعة الحوثية في صنعاء تجريف البنية القانونية والتشريعية اليمنية، عبر إصدارها قرارات بإنشاء هيئات حكومية وتعديل قوانين سارية، وتعيين أتباعها الطائفيين في مختلف الوظائف الحساسة، ومن ذلك إنشاؤها أمس هيئة لنهب أموال الزكاة.
وفي هذا السياق أكد فريق اليمن الدولي للسلام، في بيان اطلعت عليه «الشرق الأوسط» أنه «لا شرعية ولا ولاية قضائية أو قانونية للمحاكم والنيابات الواقعة تحت سيطرة الميليشيات الحوثية». وقال الفريق الحقوقي إن «مجلس القضاء الأعلى اليمني في عدن أكد في عدة قرارات وتعميمات صادرة منه على عدم شرعية وقانونية أي قرارات أو أحكام تصدر من هذه الجهات في صنعاء، باعتبارها واقعة تحت سيطرة ميليشيا انقلابية، لا تمتلك أي سلطة دستورية أو قانونية».
وبموجب هذه القرارات والتعميمات الشرعية من عدن، يؤكد الفريق اليمني للسلام، ومقره العاصمة الأردنية عمان، أن التعيينات الحوثية للقضاة وأعضاء النيابة «صادرة من مجلس منتحل لصفة مجلس القضاء الأعلى، وهو ما يجعل جميع الأحكام والتصرفات الصادرة منهم منعدمة قانونا، باعتبار أن الحكم وفقا للقانون يعد قرارا مكتوبا صادرا من ذي ولاية قانونية وقضائية، وهذا ما يفتقد إليه قضاة المحاكم الواقعة تحت سيطرة الميليشيات».
وأبدى الفريق الحقوقي قلقه الشديد من إصدار «ما تسمى الأحكام القضائية السياسية والجنائية، من بعض المحاكم الواقعة تحت سيطرة الميليشيات الحوثية، التي قال الفريق إنها ازدادت في الأيام الأخيرة بشكل ملحوظ، وتركزت على الحكم بإعدام كثير من الناشطين والحقوقيين والإعلاميين؛ بل وحتى من المواطنين، بتهم جنائية منعدمة قانونا لانعدام الولاية القانونية والقضائية للنيابة العامة التي تديرها الميليشيات».
ودعا الفريق الذي يقوده محامون يمنيون، القضاة وأعضاء النيابة العامة في صنعاء، إلى الامتناع والتوقف عن اتخاذ أي إجراء في هذه القضايا التي تقدمها ميليشيات الحوثي وعناصرها، وتوقيف كافة الإجراءات فيها، وذلك لانعدام الولاية. كما دعاهم إلى أهمية الحرص في عدم ارتكاب أي جريمة بحق المواطنين الأبرياء؛ خاصة أن أحكام الإعدام وتنفيذها في هذه الحالة تجعل من مصدر الحكم ومنفذه مرتكبا لجريمة القتل العمد التي يعاقب عليها القانون بالإعدام. إذ لا يعول - بحسب البيان الحقوقي - «على الإكراه في جرائم القتل، وبإمكان القاضي الامتناع عن العمل وتعطيل العمل القضائي لانعدام الولاية والاختصاص، وخاصة في المحكمة والنيابة الجزائية المتخصصة، اللتين تم نقلهما إلى محافظة مأرب وفقا لقرار مجلس القضاء الأعلى مؤخرا».
وكانت الجماعة الحوثية قد أصدرت في الأسابيع الثلاثة الأخيرة عشرات الأحكام الانتقامية القاضية بإعدام مواطنين لفقت لهم تهما بموالاة الشرعية، وبالتخابر مع دول تحالف دعم الشرعية وبالانتماء لتنظيم القاعدة، على حد ما تزعمه الجماعة.
وفي سياق متصل اعترفت المصادر الرسمية للجماعة الحوثية أمس، بأن ميليشياتها أوقفت خلال أسبوعين في صنعاء نحو 60 مواطنا، زعمت أنهم كانوا يخططون للسفر إلى مأرب للالتحاق بصفوف القوات الحكومية.
وفي وقت سابق، كانت الميليشيات قد أكدت أنها اعتقلت خلال الشهر الحالي، العشرات من المواطنين في صنعاء والمحويت وذمار وإب، من مناهضيها، وقامت بتلفيق تهم مشابهة بحقهم، في سياق سعيها الانتقامي ممن لا ينخرطون في صفوفها أو يعلنون الخضوع لإمرتها.
ويأتي هذا القمع الحوثي، في الوقت الذي أصدر فيه أمس رئيس مجلس حكمها الجديد مهدي المشاط، قرارا غير قانوني بإنشاء هيئة للزكاة، في سياق سعي الجماعة لشرعنة السطو على أموال الزكاة في مناطق سيطرتها، وتخصيص الخمس منها لزعيمها، وتسخير البقية لعناصرها الطائفيين، ممن تزعم أنهم ينتمون لسلالة الحوثي الذي يدعي بدوره أنه حفيد للنبي محمد.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».