حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

«صفعة» القرن!

قالها كمرشح رئاسي مراراً وتكراراً بأن الاتفاق النووي الإيراني أسوأ اتفاق أجرته الولايات المتحدة في تاريخها، وأنه إذا ما أصبح رئيساً لن يسمح باستمراره.
هذا تصريح دونالد ترمب كمرشح، وبعد أن أصبح رئيساً عاد وكرر ذلك، مفنداً أسباب سخطه على الاتفاق الذي وصفه بالمجحف، وأنه أعطى إيران أموالاً طائلة بالملايين من الدولارات الأميركية وجهتها لدعم الإرهاب في المنطقة، سواء أكان ذلك بشكل مباشر أو عن طريق فصائل وميليشيات إرهابية مثل «حزب الله» والحوثيين وغيرهما، وبالتالي استمرارها كقوة مساندة للإرهاب وداعمة له.
اليوم وبعد أن أعلن الرئيس ترمب موقفه الأخير الصريح والمعلن والمباشر والذي ألغى فيه اتفاق إيران النووي وأعلن خروج الولايات المتحدة منه، قاوم دونالد ترمب العديد من الضغوطات التي مورست عليه من قبل بعض حلفائه في الغرب، وتحديداً من قبل فرنسا وبريطانيا وألمانيا، الذين التزموا بصفقات تجارية ضخمة مع النظام الإيراني، ويخشون من تردي الأوضاع الاقتصادية مع العقوبات الاقتصادية المتوقعة ضد إيران وأن يزداد الوضع سوءا في إيران فتهدد مصالح تلك الدول معها وتتبخر عوائد هذه الصفقات المتوقعة. وتعرض دونالد ترمب إلى ضغوطات من الإعلام الأميركي والحزب الديمقراطي الذين يعتبرون هذا الاتفاق أحد أهم إنجازات الرئيس السابق أوباما الذي يجب الحفاظ على إرثه وإنجازاته، كما تعرض دونالد ترمب إلى ضغوطات من وزير خارجيته السابق تيلرسون وكذلك مستشار الأمن الوطني اللذين أبديا مرارا عدم رضاهما عن تغيير الاتفاق النووي مع إيران أو حتى إلغائه، وكان نتاج ذلك فصلهما والإتيان باثنين آخرين لهما رأي متناغم ومماثل لموقف الرئيس ترمب.
ولدى ترمب هدف آخر في إلغاء الاتفاق النووي مع إيران، بالإضافة إلى أنه يريد أن يبرهن للناس أنه رجل يلتزم بوعوده الانتخابية على عكس الساسة التقليديين في واشنطن، فهو يريد أن يذهب للقاء الرئيس الكوري الشمالي بعصا غليظة في وجه برنامجه النووي تبين صرامة وجدية وقوة موقف الإدارة الأميركية أمام الدول المارقة والمخالفة لوعودها، وبالتالي ستضع كوريا الشمالية إيران نموذجا واضحا جدا أمام أعينها وتكون حتما حريصة كل الحرص على عدم التلاعب بالوعود.
إلغاء الاتفاق النووي كان صفعة مدوية على وجه نظام إيران وحلفائها في المنطقة، فهو خبر أقل ما يقال عنه إنه محبط ويعيد أحلامهم عشرات الخطوات إلى الوراء، وسيكون عبئا اقتصاديا وارتباكا سياسيا لا بد أن تظهر آثاره في شارع غاضب ومؤجج أساسا عند الشباب الإيراني.
النظام الإيراني نظام خبيث وآثار خبثه جلية واضحة، نظام حكم لم يجلب معه إلا الخراب والدمار وبالتالي من الطبيعي ألا يصاحبه التوفيق في أي شيء يقوم به. إنها حقا «صفعة» القرن.