وصف رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف الوضع الذي يمر به الاقتصاد الوطني، نتيجة العقوبات الغربية، بأنه «اختبار إجهاد»، وأكد أن روسيا اجتازته بنجاح، هذا بينما يحاول بعض من كبار رجال الأعمال التخفيف من الأضرار التي ألحقتها تلك العقوبات بشركاتهم. وفي هذا الإطار قرر أوليغ ديريباسكا، الملياردير المقرب من الكرملين، التخلي عن «الحصة المتحكمة» من أسهم شركة «روسال» الروسية العملاقة للألمنيوم، بغية إنقاذ الشركة، واحتواء التدهور الخطير الذي تعيشه منذ مطلع الشهر الحالي، نتيجة إدراجها على قائمة العقوبات الأميركية الأخيرة.
وكان رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف، عبَّر عن قناعته، في حديث تلفزيوني أمس، بأن روسيا اجتازت «اختبار الإجهاد» بعد فرض الولايات المتحدة حزمة عقوبة جديدة في 6 أبريل (نيسان) الحالي، وأضاف: «المهم ندرك أننا قمنا بابتكار وصياغة أدوات الرد على هذا الشكل من التأثير (العقوبات). لقد اجتزنا الاختبار. اقتصادنا يعيش، والمجال الاجتماعي يتطور». وحذَّر من أن «العقوبات لن تأتي بأي شيء جيد. وهي تحمل خسارة لنا وخسارة للأوروبيين، وبصورة أقل للأميركيين، لأن حجم التبادل التجاري معهم صغير»، وأقرَّ مع ذلك أن «هذا (العقوبات) أمر سيئ، وبالطبع سيؤثر على تطورنا لسنوات طويلة».
وكان مدفيديف أشار إلى أن الاقتصاد الروسي يتعرض لتأثير سلبي من جانب «مختلف القوى الخارجية»، هذا «بينما لا تبدو بنية الاقتصاد الوطني مثالية»، وشدد على أنه «من المهم ضمن هذه الظروف ألا نسمح بخلل في توازن الاقتصاد، وأن يستمر النشاط الإنتاجي بشكل طبيعي».
وكانت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة يوم 6 أبريل ضد شخصيات طبيعية واعتبارية روسية، وشملت بصورة خاصة شخصيات مقربة من الرئيس والكرملين، تسببت بخسائر كبيرة لتلك الشركات، وبرز بشكل خاص اسم شركة «روسال» الروسية للألمنيوم وصاحبها الملياردير الروسي أوليغ ديريباسكا. وكان من أولى نتائج تلك العقوبات أن تراجعت قيمة أسهم «روسال» في السوقين المحلية والعالمية أكثر من 50 في المائة، الأمر الذي أثار قلق شركات أوروبية مساهمة في «روسال». وانعكس هذا الوضع بصورة سلبية على السوق العالمية، حيث ارتفعت أسعار الألمنيوم، وذلك نظراً للمكانة التي تحتلها «روسال» عالمياً، إذ تصنف ضمن أكبر 20 شركة منتجة للألمنيوم، بحصة 7 في المائة من الألمنيوم، و6 في المائة من مادة الألومينا التي تستخدم في تصنيع معدات صقل المعادن وغيره.
وأمس قالت وسائل إعلام روسية إن ديريباسكا، مالك ومؤسس مجموعة «En+»، التي تضم بما في ذلك شركة «روسال»، قرر تقليص حصته في المجموعة، على أمل أن تؤدي هذه الخطوة إلى إلغاء العقوبات ضدها. وحسب صحيفة «كوميرسانت» الروسية، كان ديريباسكا يسيطر حتى نهاية عام 2017 على 66 في المائة من أسهم المجموعة، ووافق حالياً على تقليص تلك الحصة إلى ما دون 50 في المائة، أي التخلي عن «الحصة المتحكمة»، والتخلي كذلك عن مقعده في مجلس الإدارة. وقد أعرب اللورد غيورغي باركر، رئيس مجلس إدارة المجموعة عن موافقته على ذلك القرار. ويرجح أن ينقل ديريباسكا الجزء من حصته إلى شركات لها سمعة طيبة في الغرب، أو لمؤسسات حكومية روسية لا تشملها العقوبات الأميركية.
ظهرت نتائج تلك التطورات سريعاً في السوق، حيث انتعشت أسهم مجموعة «En+» في البورصة، وارتفعت في النصف الأول من النهار بنسبه 16.36 في المائة لكل سهم، وكذلك ارتفعت قيمة أسهم «روسال» بنسبة 1.1 في المائة. إلا أن قرار ديريباسكا لم يأتِ بعد بالنتيجة المرجوة فيما يخص إلغاء العقوبات ضدها. إذ قالت وزارة المالية الأميركية في تعليقها على ذلك القرار، إن تقليص ديريباسكا لحصته في المجموعة لن يؤدي بالضرورة إلى إزالة اسم الشركة من قائمة العقوبات الأميركية. وقال مصدر في الوزارة لوكالة «ريا نوفوستي» إن إلغاء العقوبات بحق «روسال» التي تملك مجموعة «En+» حصة من أسهمها، أمر ممكن لكن فقط بحال تخلي ديريباسكا عن «روسال». ويرجح أن تستمر المحادثات بشأن مصير العقوبات ضد عملاق الألمنيوم الروسي، نظراً لمكانته في السوقين الأوروبية والأميركية، فضلاً عن صادراته المؤثرة إلى اليابان ودول أخرى. ويشير محللون إلى أن هذه الشركة تزود أوروبا بجزء كبير من احتياجاتها من مادة الألمنيوم، وصدَّرت عام 2017 نحو 45 في المائة من إنتاجها للسوق الأوروبية، و18 في المائة منه للولايات المتحدة.
ويوم الجمعة، قال متحدث باسم وزارة الخزانة الأميركية إن تغييرات في ملكية «روسال» لا تضمن نهاية للعقوبات على عملاق المعادن الروسي.
وأبلغ المتحدث، «رويترز»، بـأن «خفض النسبة المئوية لملكية فرد مشمول بعقوبات ليس بالضرورة في حد ذاته أساساً لرفع العقوبات».
وقال المتحدث إن الخزانة الأميركية «تجري مراجعة دقيقة للوقائع والظروف لكل طلب لرفع العقوبات في كل حالة على حدة، ولا نتكهن بنتائج أو سيناريوهات معينة».
الحكومة الروسية تؤكد تجاوز العقوبات... وشركات تحاول التخفيف من تداعياتها
ديريباسكا المقرب من الكرملين يتخلى عن «روسال» لإنقاذها
الحكومة الروسية تؤكد تجاوز العقوبات... وشركات تحاول التخفيف من تداعياتها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة