خلاف روسي ـ إسرائيلي حول تسليم «إس 300» إلى دمشق

لافروف يؤكد نية بلاده تسليم المنظومة بعد القصف الثلاثي... ومسؤول سابق في تل أبيب يهدد بتدميرها

TT

خلاف روسي ـ إسرائيلي حول تسليم «إس 300» إلى دمشق

عَكَس تأكيد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مجدداً أن بلاده تنوي تزويد دمشق بأنظمة صاروخية متطورة من طراز «إس 300»، أن القرار الروسي دخل مرحلة التنفيذ، وبات ينتظر فقط إعلاناً رسمياً قد يصدر عن الرئيس فلاديمير بوتين، بعدما وضع المستويان العسكري والدبلوماسي المقدمات اللازمة له، في وقت هدد مسؤول إسرائيلي سابق بقصف منظومات «إس 300» إذا سلمت إلى دمشق.
وقال لافروف إن «العدوان الغربي على سوريا أخيراً أسقط الالتزام الأخلاقي الذي تعهدنا به قبل نحو 10 سنوات». وأوضح أن بلاده «راعت حينئذ البرهان الذي استخدمه الشركاء (الغربيون) بأن تصدير هذه الأسلحة إلى سوريا قد يؤدي إلى نسف الاستقرار في المنطقة، رغم أن منظومات «إس 300» سلاح دفاعي حصراً (...) وبعد الاعتداء الأخير لا نجد سبباً للتمسك بتلك التعهدات».
يبدو هذا المبرر كافياً لإطلاق عملية تنفيذ العقد الموقع بين موسكو ودمشق منذ العام 2007، بعدما ماطلت موسكو طويلاً في تنفيذه استجابة لضغوط إسرائيلية وأميركية.
في ذلك التوقيت تقريباً وقعت سوريا عدة عقود عسكرية مع روسيا للحصول على أنظمة دفاع جوية متعددة الأغراض، بينها نظام «إيغلا» المحمول، وصواريخ «تونغوسكا» و«ستريليتس» و«بوك» و«بانتسير»، بالإضافة إلى «إس 125»، وكلها عقود تم تنفيذها، بعضها قبل اندلاع الأزمة السورية في 2011، وبعضها نُفذ خلال السنوات الماضية، بينما تأجل تسليم «إس 300» طوال تلك الفترة.
ورغم أن الإعلان عن عزم موسكو أخيراً تنفيذ العقد العتيد جاء كرد فعل على الضربة الغربية الأخيرة، وفي إطار تعهد المؤسسة العسكرية الروسية بمساعدة دمشق على إعادة تأهيل قدراتها الدفاعية، لكن هذا الإعلان يفتح على تطور غير مسبوق، فهو يهدد بتغيير موازين القوى إقليمياً، وبشكل يغضب إسرائيل التي توعدت أكثر من مرة بأنها ستضرب «إس 300» فور ظهوره لدى سوريا، ما يعني أن روسيا توجه رسائلها السياسية والعسكرية عبر هذا القرار ليس إلى الولايات المتحدة وحدها، بل تغامر بتوسيع الشرخ الحاصل حالياً مع تل أبيب بعدما حافظت طويلاً على توازن دقيق في علاقاتها معها من جانب، ومع طهران ودمشق من الجانب الآخر.
اللافت أن تنفيذ القرار في حال اتخذ بصياغته النهائية لن يحتاج إلى وقت طويل، ولن تضطر موسكو إلى إرسال بطاريات جديدة من هذه الصواريخ إلى سوريا، لأنها موجودة أصلاً في هذا البلد منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2016، وهي فقط ستلجأ إلى إعادة نشرها في منشآت حيوية سورية مثل المطارات وغيرها بدلاً من تمركزها حالياً قرب قاعدتي حميميم وطرطوس الروسيتين.
وكانت موسكو أعلنت في 6 أكتوبر 2016 أنها نشرت منظومة «إس 300» لمواجهة «التهديدات المتصاعدة من جانب واشنطن لشن عمليات عسكرية ضد مواقع في سوريا»، وعلقت في حينها وزارة الدفاع الروسية على انتقادات أميركية بأنها «لا تفهم سبب الاستياء الأميركي، ولماذا تبدو واشنطن قلقة من (إس 300)، بينما نشرت موسكو في وقت سابق (إس 400) الأكثر تطوراً».

قلق أميركي

لكن القلق الأميركي يبدو مبرراً، ليس فقط بسبب مراعاة واشنطن الموقف الإسرائيلي، ولكن لأن واشنطن تدرك أن دمج منظومتي «إس 300» و«إس 400» يشكل «مظلة دفاع جوية متينة وقادرة على التصدي لأي هجوم»، وفقاً للجنرال أندريه كارتابولوف الذي قاد القوات الروسية في سوريا حتى مارس (آذار) 2017، يقول الجنرال إن هذا الدمج مع الميزات التي تقوم بها المنظومات قصيرة المدى مثل «بانتسير» يؤدي إلى «إنشاء غطاء شامل يحمي سوريا بشكل فعال على صعيدي البر والبحر».
لكنْ للقلق الأميركي كما يبدو أسباب أخرى، فوجود منظومة «إس 300» تحت الإشراف الروسي، وفي إطار مظلة جوية متكاملة أمر، وأن يتم تسليمها للجيش السوري أمر مختلف تماماً، وهو ما أظهرته تجربة الضربة الأخيرة، إذ على الرغم من التباين في تقديرات الشرق والغرب حول عدد الصواريخ التي تم إسقاطها، لكن حقيقة أن أنظمة الدفاع السورية تحركت لصد الهجوم تثير القلق وحدها إذ كان بمقدور «إس 300» أن تكون سلاحاً فعالاً لو امتلكها الجيش السوري سابقاً.
وبهذا المعنى أيضاً، تعمدت وزارة الدفاع الروسية التذكير أكثر من مرة خلال العامين الماضيين بأن رادارات «إس 300» تحديداً «راقبت ورافقت كل الطلعات تقريباً التي قامت بها طائرات استطلاع أميركية في الأجواء السورية».
يبدو أن المخاوف الأميركية المبكرة من وجود «إس 300» في سوريا سببها قناعة أميركية بأن موسكو أصلاً عندما أرسلت هذه المنظومة كانت تنوي تسليمها في المحصلة إلى دمشق، وأنها انتظرت فقط التوقيت الملائم الذي وفرته الضربة الأميركية الأخيرة. بهذا المعنى يأتي تأكيد قناة «زفيزدا» التابعة لوزارة الدفاع أمس، أن الإعلان عن تسليم دمشق هذه المنظومة «ستكون له أبعاد عسكرية وسياسية مهمة، وسيؤدي إلى قيام أطراف عدة في المنطقة بإجراء مراجعة لحساباتها» فهو (القرار) يؤكد أن موسكو بدأت تعمل عملياً لإعادة تأهيل القدرات العسكرية السورية، ووضع قواعد جديدة لعرقلة محاولات تكرار توجيه ضربات غير مكلفة إلى منشآت سورية.
إلى ذلك، هدد الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، الجنرال عاموس يادلين، بأن إسرائيل ستقصف منظومات الدفاع الجوي «إس 300» الروسية، في حال تم منحها للنظام السوري. وقال يادلين، الذي يشغل حالياً منصب مدير مركز أبحاث الأمن القومي، وتربطه علاقات قوية مع قيادات الجيش والأجهزة الأمنية في إسرائيل، إن نشر مضادات الصواريخ الروسية في سوريا «سيتم قريباً». وأضاف: «أعرف سلاح الجو جيداً، تم وضع الخطط للتعامل مع مثل هذا التهديد، بعد القضاء على هذا التهديد، وهذا بالضبط ما سنفعله، سنعود لنقطة البداية».



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.