اتحاد الشغل يرفض إصلاحات الحكومة الاقتصادية

TT

اتحاد الشغل يرفض إصلاحات الحكومة الاقتصادية

وجهت القيادات النقابية التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) انتقادات حادة إلى الوزير المكلف بملف الإصلاحات الكبرى، توفيق الراجحي، في ظل الخلاف الحاد مع الحكومة حول هذا الملف ومعارضتها مشروع خصخصة بعض مؤسسات القطاع العام، علاوة على المطالبة بإجراء تحوير وزاري وضخ دماء جديدة في تركيبة حكومة يوسف الشاهد لتجاوز الأزمة الاجتماعية والاقتصادية الحادة.
وشرع اتحاد الشغل منذ فترة في تنظيم سلسلة من الاجتماعات العمالية، على هامش مؤتمرات الاتحادات الجهوية في كل من بنزرت (شمال) وصفاقس (وسط شرق) وقفصة (جنوب غربي تونس). وستفضي هذه الاجتماعات إلى تنظيم تجمع عمالي كبير في العاصمة التونسية بمناسبة الاحتفال بعيد الشغل، الذي يوافق الأول من مايو (أيار) المقبل.
ويطالب اتحاد الشغل بإقرار إصلاحات كبرى، من بينها تحقيق العدالة الضريبية والقضاء على الاقتصاد الموازي والتصدي للتهريب ومحاربة الفساد، وذلك عوض تنفيذ إصلاحات اقتصادية هيكلية «موجعة» يتهم الاتحاد صندوق النقد الدولي بفرضها على الحكومة التونسية.
ومن مدينة صفاقس، العاصمة الاقتصادية لتونس، طالب صف أمين عام اتحاد الشغل نور الدين الطبوبي، أمس بضخ دماء جديدة في مفاصل الحكومة، لافتا إلى غياب «التجانس» بين مسؤولي الفريق الحكومي. وقال إن المفاوضات حول الزيادات في الأجور في القطاع العام ستنطلق هذا الأسبوع على الرغم من معارضة الحكومة للزيادات في الأجور والتزامها مع صندوق النقد الدولي بتجميد تلك الزيادات، وهو ما سيضاعف كم الخلافات بين الحكومة واتحاد الشغل.
وأضاف الطبوبي: «نعمل بمصداقية ومن أجل مصلحة تونس، ولا نقبل دروسا من أحد، ولا نخشى لومة لائم»، مشيرا إلى التزام «الاتحاد بالحوار الوطني وبإعداد وثيقة قرطاج 2 من أجل تحديد الأولويات ليتم على ضوء ذلك النظر في تشكيلة الحكومة للفترة المتبقية من الحكم». وأضاف أنه بعد «الانتهاء من تحديد الأولويات التي من المؤمل استكمالها يوم الأربعاء المقبل، سينطلق النقاش حول ملامح الفريق الحكومي المرتقب».
وانتقد الطبوبي تصريحات توفيق الراجحي، الوزير المكلف بملف الإصلاحات الكبرى فيما يتعلق بمصير مؤسسات القطاع العام، وقال إن تلك المؤسسات تمثل خطا أحمر لا يمكن المساس به. وتابع أن «وزير الإصلاحات يتشدق بالأرقام، ويتخذ القرارات لوحده دون الرجوع إلى بقية الوزراء».
وتجد حكومة الشاهد دعما محدودا من قبل أحزاب الائتلاف الحاكم بزعامة حزبي النداء والنهضة، في مقابل انتقادات نقابة العمال وتخلي الأحزاب اليسارية المعارضة عن دعمها للحكومة نتيجة اتهامها بتنفيذ إملاءات صندوق النقد الدولي دون مراعاة انعكاسات الإصلاحات الاقتصادية على الطبقات الاجتماعية الفقيرة.
وفي هذا الشأن، قال جمال العرفاوي المحلل السياسي التونسي، إن علاقة الاتحاد بالحكومة التونسية لا يمكن أن تصل إلى حد التصادم الكامل لأن كل طرف يعلم مقدار قوة الطرف الآخر ومجال تحركاته. وكانت حكومة يوسف الشاهد قد حسمت اختياراتها الاقتصادية والاجتماعية خلال مؤتمر وطني نظمته يوم الخميس الماضي، تناول عددا من محاور «الإصلاحات الكبرى»، التي تتضمن الإصلاح الجبائي والمالية العامة، ومنظومة الدعم والقطاع العام، غير أن هذه الإصلاحات لا تحظى بدعم جميع الأطراف السياسية والنقابية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.