سلامة: لن تستقر ليبيا قبل القضاء على نهب المال العام

غسان سلامة
غسان سلامة
TT

سلامة: لن تستقر ليبيا قبل القضاء على نهب المال العام

غسان سلامة
غسان سلامة

قال غسان سلامة، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا، إنه لا يمكن حل الصراع الدائر في البلاد دون القضاء على الاقتصاد الأسود، و«نهب المال العام»، داعيا الفاعلين الدوليين إلى فرض عقوبات على «المهربين الكبار».
وأضاف سلامة، الذي يقود أحدث المساعي الرامية لإعادة توحيد ليبيا، وإحلال الاستقرار بها بعد سبع سنوات من انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلسي، وأسفرت عن الإطاحة بمعمر القذافي ومقتله: «أعتقد أن هذه هي أهم قضية في ليبيا اليوم... إنها لب الأمر في ليبيا، على الأقل في رأيي المتواضع».
وأوضح سلامة، الوزير السابق بالحكومة اللبنانية والأستاذ الجامعي، الذي تولى منصبه في أغسطس (آب) من العام الماضي، في مقابلة مع وكالة «رويترز» للأنباء أمس، أن التخلص من اقتصاد الظل يتطلب «جهدا بعزيمة قوية» من الأمم المتحدة، والمؤسسات المالية الدولية والقوى الأجنبية. مبرزا أنه يعمل على إقناع المجتمع الدولي بأن أي اتفاق سياسي لتوحيد الفصائل المتناحرة في طرابلس وشرق ليبيا لن يكون سوى اتفاق «شكلي» من دون القضاء على اقتصاد الظل.
وقال سلامة بهذا الخصوص: «بذلت قصارى جهدي لإقناعهم بأن عليهم، إن كانوا يريدون عملية سياسية، إنهاء جميع أنواع التهريب في هذا البلد. لا تهريب البشر فحسب، بل وتهريب الوقود، وتهريب (السلع) المدعمة، وتهريب المخدرات... يجب عليهم التصدي للسوق السوداء. كما ينبغي لهم وقف نهب المال العام».
وأوضح سلامة أن ما يطلبه «تحد كبير... أعتقد أن علينا أن نبدأ في تحميلهم التبعات وفضحهم. وأظن أننا بحاجة للنظر في تحويلات الأموال». مشيرا إلى أنه ينبغي التحرك أيضا «من خلال عقوبات محددة على المهربين الكبار، يفرضها أهم شركاء ليبيا الاقتصاديون».
وغالبا ما يقع الاقتصاد غير الرسمي في ليبيا تحت سيطرة الجماعات المسلحة، التي تملك القوة الحقيقية على الأرض منذ 2011، ويتمتع بعضها بصفة رسمية. وقد أطلق سلامة حوارا مع الجماعات المسلحة، وقال إنه يأمل بالكشف عن استراتيجية للتعامل معها بحلول مايو (أيار) المقبل. مشددا على أنها «ستكون مشكلة مستمرة لعدة سنوات، لأن هناك كثيرا منها (الجماعات)، وأيضا لأن الحكومة ليست مجهزة على الوجه الأمثل لدمجها في الجيش أو الشرطة.
ويأتي حوار الأطراف المتنازعة في ليبيا في إطار عملية تقودها الأمم المتحدة، تدعم إبرام اتفاقات سلام محلية، وتمكين عمداء البلديات، وإتمام المصالحة مع أنصار نظام القذافي المنفيين.
وأضاف سلامة: «ذات يوم، ربما في غضون أسابيع أو أشهر قليلة، سندعو القادة الذين شاركوا في كل هذه العمليات الفرعية للاجتماع معا». لكنه أشار إلى أن ذلك أشبه بتتويج للعملية أكثر من كونه جزءا من جوهرها.
كما دعا سلامة إلى إجراء انتخابات جديدة بنهاية العام، لكنه قال إنه «يدرك تماما» أن الانتخابات قد تؤدي إلى زيادة المشكلات لا حلها. وكانت الانتخابات البرلمانية، التي أجريت في سنة 2014، مثار خلاف وأدت إلى تشكيل حكومتين متنافستين، إحداهما في طرابلس والأخرى في الشرق.
وذكر سلامة أنه «من العسير جدا جدا التفكير في الانتخابات الرئاسية دون تبني دستور أولا»، مضيفا أنه سيسعى للحصول على التزام من الأطراف المعنية لقبول النتائج. وقال في هذا السياق: «أتمنى أن أحصل على بيان مكتوب، على الأقل يكون لدي بيان عام».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».