علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

2050

الشركات مثلها مثل الكائن الحي، إن لم تتأقلم مع بيئتها فإنها تموت، وإن لم تأخذ بأسباب التطور فإنها تموت أيضاً، وجميعكم تعرفون قصة «كوداك»، وهي شركة الأفلام المشهورة، فحينما رفضت الأخذ بأفلام الديجيتال ماتت، لأنها رفضت الأخذ بأسباب الحياة الكونية.
اليوم سأقص عليكم قصة شركة أخرى مختلفة، فجميعكم تعرفون شركة «شل» الهولندية العريقة، وإنها شركة من أكبر شركات النفط في العالم، ولكنكم ربما لا تعرفون أنها بدأت كشركة أصداف، وحينما رأت أن الأرباح في هذا المجال باتت ضعيفة، توجهت إلى النفط، وهي اليوم تتجه لتصبح شركة تهتم بالطاقة البديلة.
تقول شل، إنه في عام 2050 لن تسير سيارة بالوقود التقليدي، بل ستسير السيارات بالطاقة الكهربائية عبر مصادر متجددة كالطاقة الشمسية وغيرها، وشل تخطط لأمورها لتتوافق مع هذه الرؤية، ولعلكم تذكرون الزوبعة التي أثارتها رغبة شل في بيع إحدى مصافي النفط التي تملكها، وأثار ذلك الكثير من التساؤلات، مثل هل انتهى عصر النفط؟ وشركة شل تشجع دول العالم على إنشاء محطات الوقود غير التقليدية، أي وقود الكهرباء لتجعل مستخدمي هذه السيارات غير قلقين على تعبئة وقودهم.
كما رأيتم أن شل منذ نشأتها لم تقف عند نشاط محدد، بل هي تتنقل بين الأنشطة لتضمن استمراريتها في الحياة، تتداعى لي هذه القصة كلما رأيت الزوبعة التي يثيرها طرح شركة أرامكو السعودية، وهي واحدة من أكبر شركات النفط في العالم، ودائما ما يثار سؤال استنكاري مثل: هل نبيع الدجاجة التي تبيض ذهباً؟ ما أخشاه أن يتجاوز الزمن هذه الدجاجة أو البطة، فتصبح لا تبيض ذهباً، وغير قادرة على العودة لوضع بيضها الطبيعي، وأن تموت مثل «كوداك» التي ماتت لعدم تطورها.
ولعلنا حينما نبيع جزءاً من أرامكو، نضمن لنا شركاء يفتحون لنا أفقاً جديداً يدر علينا ربحاً غير ربح النفط الذي ربما يصبح أيقونة كأيقونة الفحم، فندخل في إنتاج الطاقة المتجددة بدل أن نستمر على النفط ويتخطانا الزمن.
ولكل الذين يقولون لا تبيعون دجاجتنا التي تبيض ذهبا أقول: نحن أمام خيارين إما أن ينضب النفط، أو يتجاوزنا الزمن للطاقة المتجددة. وفي عالمنا العربي تعودنا تضخيم الأمور بحيث نجعل من الحبة قُبة، وأن نجعل لكل عمل نقوم به بعداً أمنياً يخيفنا من دخول الغريب في شراكة معنا، وأتذكر أنه حينما بدأت إمارة دبي تبيع العقارات، بدأ بعض الكتاب يخيفوننا من تملك الغريب لعقارات دبي، ولكننا وجدنا العكس هو الصحيح، فقد تطورت عقارات دبي شكلاً ومضموناً لتصبح أيقونة عقارية في عالمنا العربي ضاربة بمخاوف الجميع عرض الحائط وجاعلة من برج خليفة شاهداً على أكاذيبهم.