خلال كشف أسرار الغارات الإسرائيلية على المفاعل النووي السوري في دير الزور في 7 سبتمبر (أيلول) 2007، تبين أمس (الأربعاء)، بأن الطائرات المغيرة سلكت طريق البحر. وفي ذهابها وإيابها عبرت الأجواء التركية.
فقد انطلقت ثماني طائرات مقاتلة، أربع من طراز «إف 15» المعروفة باسم «الرعد» بالعبرية، وأربع من طراز «إف 16 آي» المعروفة باسم «الصاعقة»، من قاعدتين جويتين جنوب إسرائيل، نحو البحر الأبيض المتوسط ودخلت الأجواء التركية من طرفها الغربي الجنوبي، ومن هناك دخلت الأجواء السورية. فألقت كل طائرة قذيفتين فتاكتين من عدة أصناف على المفاعل، وعندما أيقنت أنها تمكنت من تدميره، اتجهت شمالا واستخدمت هذه المرة الأجواء التركية طيلة الرحلة. وعادت عبر أجواء البحر المتوسط إلى إسرائيل.
وقالت مصادر عسكرية، أمس، بعد 11 عاما من الصمت، إن بناء المفاعل النووي السوري بدأ في سنة 2002، وبعد سنتين، بدأ الخبراء الكوريون يصلون إلى المكان للإشراف على الجوانب المهنية والتقنية. ولكن إسرائيل لم تعرف شيئا عن ذلك، مما أتاح إثارة انتقادات واسعة واتهامات للمخابرات بالتقصير والإهمال. وكان من اعتبره إهمالا يشبه أو يزيد على الفشل الاستخباري في رصد الاستعدادات العربية لحرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، فقد اتضح أن ضابطا شابا في المخابرات العسكرية برتبة رائد حذر في سنة 2005 بأنه يلمس عدة تحركات ذات طابع عسكري نووي في سوريا، لكن كلامه لم يؤخذ بجدية (بعد قصف المفاعل تم استدعاء هذا الشاب ومنحه وساما).
المرة الأولى التي وصلت فيها صور عن المفاعل في دير الزور إلى إسرائيل كانت سنة 2006، فبدأ «الموساد» و«أمان» يلاحقان الموضوع بأولوية مرتفعة. وتمكنت من تعقب رئيس لجنة الطاقة النووية إبراهيم عثمان، وإذا به يصل إلى فندق في جنيف (هناك من يرى أن الفندق في لندن). وفي الليل ينزل عثمان إلى البار، فتقابله صبية جميلة تدير معه محادثة طويلة بالفرنسية. وينجح في إطالة المحادثة. وفي هذا الوقت كان رفاقها من عملاء الموساد يسيطرون على حاسوبه الشخصي وينقلون منه معلومات كثيرة حول المفاعل. ويعودون إلى إسرائيل ليعلنوا أن سوريا تبني بشكل مؤكد مفاعلا نوويا بمساعدة كوريا الشمالية.
ومع أن المادة لم تكن كافية لمعرفة كل شيء، لكنها تؤدي إلى قرارات التركز في الموضوع، وخلال سنة يتوصلون إلى قناعة بأنه مفاعل نووي. وفي أبريل (نيسان) 2007 تشرك إسرائيل الولايات المتحدة بالموضوع.
وفي يوليو (تموز) 2007 يصل أولمرت إلى واشنطن ويجتمع مع الرئيس جورج دبليو بوش، ويطلب منه أن يفعل شيئا ويختار واحدا من ثلاث إمكانيات: أميركا تدمره أو إسرائيل أو تقوم الدولتان بهجوم دبلوماسي شديد. لكن بوش يرد قائلا إنه يرفض أن تقوم بلاده أو إسرائيل بقصف المفاعل. ويرد أولمرت: «أتفهم رفضكم ألا تقصفوا ولكن إسرائيل حرة في ضربه. فلم يعلق». وعاد أولمرت ليبدأ سلسلة اجتماعات مع قيادة الجيش والمخابرات وكبار الوزراء، قسم كبير منها في بيته. وفي 5 سبتمبر 2007، ينشر في الخارج خبر عن نشاط نووي سوري فيعقد أولمرت اجتماعا للقيادة المصغرة بمبادرة من أشكنازي، الذي طرح موقف الجيش بضرورة القيام بضربة تدميرية فورا «هذه الليلة». وقد اعترض باراك على ذلك، لكن أولمرت حسم الموقف. وفي الساعة الواحدة فجرا تم القصف فعلا.
وتحققت التقديرات الإسرائيلية بأن الأسد لن يرد، إذ إن السكوت الإسرائيلي على الموضوع شجع الأسد على اعتبارها «كذبة إسرائيلية». وكما هو معروف فإن إسرائيل اغتالت اللواء محمد سلمان، الذي كان مسؤولا عن الملف النووي في نظام الأسد، بعد نحو سنة وهو في بيته على شاطئ البحر في اللاذقية. وهنا أيضا لم ترد سوريا.
الجدير ذكره أن نتنياهو أصدر بيانا مقتضبا في الموضوع جاء فيه: «منعت الحكومة الإسرائيلية وقوات جيش الدفاع والموساد سوريا من تطوير القدرات النووية، وهي تستحق كل التقدير على ذلك. سياسة إسرائيل كانت ولا تزال متسقة، وهي تقضي بمنع أعدائنا من التزود بأسلحة نووية».
إسرائيل تؤكد قصف {المفاعل النووي} السوري قبل 11 عاماً
إسرائيل تؤكد قصف {المفاعل النووي} السوري قبل 11 عاماً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة