ندوة في مراكش تناقش الحوار الضريبي الدولي والعلاقات بين الحكومات بمشاركة 90 دولة

محمد بوسعيد وزير الاقتصاد والمالية المغربي خلال جلسة افتتاح الندوة (تصوير: عبد الرحمن المختاري)
محمد بوسعيد وزير الاقتصاد والمالية المغربي خلال جلسة افتتاح الندوة (تصوير: عبد الرحمن المختاري)
TT

ندوة في مراكش تناقش الحوار الضريبي الدولي والعلاقات بين الحكومات بمشاركة 90 دولة

محمد بوسعيد وزير الاقتصاد والمالية المغربي خلال جلسة افتتاح الندوة (تصوير: عبد الرحمن المختاري)
محمد بوسعيد وزير الاقتصاد والمالية المغربي خلال جلسة افتتاح الندوة (تصوير: عبد الرحمن المختاري)

ينتظر أن تشكل الندوة العالمية الخامسة لـ«الحوار الضريبي الدولي حول الضرائب والعلاقات بين الحكومات»، التي انطلقت فعالياتها، يوم أمس، بمراكش، فرصة لمناقشة مواضيع ذات أهمية، بفعل ارتباطها المباشر بالتنمية الاقتصادية، وتعرضها لإشكاليات تعتبر هما مشتركا بين الدول المشاركة رغم اختلاف التجارب والظروف بينها.
وذلك من قبيل الاتجاهات المعاصرة في مجال اللامركزية الجبائية، والتعاون المحلي في الميدان الجبائي، وتنظيم وهيكلة الإدارات الجبائية، وطرق التدبير الجيد للضرائب العقارية، وتوزيع الموارد الجبائية بين الدولة والجهات، وغيرها من المواضيع ذات الصلة، وذلك يعد تنويرا للمسؤولين عن الشأن الضريبي لتحقيق الانسجام بين مختلف الأطراف المتدخلة في عملية التنمية عبر سياسة جبائية تعتمد مقاربة تشاركية مع جميع الفاعلين.
وتهدف الندوة إلى تشجيع الحوار بشأن القضايا الضريبية وتبادل الممارسات الجيدة، وهي مبادرة مشتركة تجمع بين المفوضية الأوروبية، وبنك التنمية للبلدان الأميركية، وصندوق النقد الدولي الذي يترأس حاليا الحوار الضريبي الدولي، ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، ومجموعة البنك الدولي، ومركز الدول الأميركية للإدارات الضريبية.
وتميزت جلسة افتتاح الندوة، التي تتواصل على مدى ثلاثة أيام، بمشاركة ممثلي 90 دولة، وأكثر من 20 منظمة دولية غير حكومية، بكلمتي كل من محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية المغربي، ونعمت شفيق، نائبة المديرة العامة لصندوق النقد الدولي.
وقال بوسعيد، إن «السؤال الذي يجب أن نطرحه هو ما هي الشراكة التي نريد أن نبنيها بين السلطة المركزية والسلطة المحلية في ميدان الضرائب؟ وبعبارة أخرى، أي توزيع للسلطة في الميدان الجبائي يمكن أن نعتمده لتحقيق التنمية الجهوية، وبالتالي التنمية الوطنية؟».
ولاحظ بوسعيد أن «تنامي دور الوحدات الترابية في إطار اللامركزية يتجلى في تحولها إلى فاعل تنموي واقتصادي نشيط، خصوصا وأنها تتوفر على موارد مهمة، في مقدمتها الضرائب والرسوم». وأشار، في هذا الإطار، إلى الأدوار التي تقوم بها الجماعات المحلية على مستوى الكثير من دول أوروبا والدول الإسكندنافية ودول أميركا، وغيرها، في ميدان التدخلات الاقتصادية وتوزيع الأدوار في مجال المالية العمومية وتكامل التشريعات والسياسة الضريبية، متحدثا عن تجربة بلاده، التي سارت في نفس الاتجاه، حيث تخصص الدولة نسبة 30 في المائة من الضريبة على القيمة المضافة لدعم ميزانيات الجماعات المحلية وواحد في المائة من مداخيل كل من الضريبة العامة على الدخل والضريبة على الشركات لدعم ميزانية الجهات.
وأبرز بوسعيد أن «أحد أهم الإشكالات التي تعترض تقوية اللامركزية يتمثل في سيادة الاختلالات المجالية، ما يستوجب تحويل جزء من موارد الدولة نحو الجماعات الترابية قصد تعزيز التضامن الترابي، خصوصا وأن المداخيل الضريبية الذاتية عادة ما تكون غير متكافئة بفعل وجود تفاوتات بين الجهات في حجم الثروات وبالتالي في الوعاء الضريبي. ولضمان التوازن بين الجهات، دعا بوسعيد إلى «إصلاح نظام تحويل الموارد»؛ وحيث إن كل نظام للتحويل يعكس مسارا تاريخيا يخص بلدا بعينه، فإنه سيكون من غير المجدي، كما يرى بوسعيد، «استنساخ تجارب بعينها وتطبيقها في ظروف مغايرة، بل المطلوب هو الإحاطة بمختلف التجارب وتبادل الخبرات واستخلاص الدروس كمنطلق لاختيار الآلية المناسبة لظروف كل بلد على حدة».
وشدد بوسعيد على أنه «لا يكفي البحث عن حلول للجوانب المتعلقة بالتفاوت بين الجهات أو بآليات لا تركيز الإدارة الضريبية أو بتوزيع الصلاحيات بين المركزي والمحلي أو حجم التحويلات، بل لا بد من الاهتمام بالقدرات التدبيرية للمنتخبين والهيئات المسؤولة عن الشأن المحلي، ومراعاة الجانب الثقافي في النظر للحكومة المحلية عموما، مادام أن نقل الصلاحيات يعني نقلا للمسؤوليات، بمعنى أن الهيئات المحلية تضاف إليها مسؤوليات والتزامات جديدة وليس فقط موارد مالية».
من جهتها، استعرضت نعمت شفيق، نائبة المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، مواضيع اللقاء، وجلساته، خصوصا ما تعلق منها بدراسة الجوانب الاستراتيجية والإدارية للقضايا الضريبية المتعلقة بتحديد الاختصاصات الضريبية، وتحصيل المداخيل، وتوزيع الموارد الناتجة عن التفاعلات بين الحكومات المركزية والحكومات المحلية، فضلا عن تلك التي تطرح في إطار الاتفاقيات الإقليمية. وشددت على أنه يبقى من الضروري أن نسجل أن التركيز على جانب الإرادات في مجال التحصيل الضريبي لن يكون كافيا، لوحده، وأن علينا ألا نغفل قضايا أخرى ذات أهمية، مبرزة أن التعاون الفني المقدم من طرف صندوق النقد الدولي، يركز على التخطيط والمراقبة والتنفيذ.
وجوابا على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، تناول سؤال الدعم الفني المقدم من طرف صندوق النقد الدولي، باعتباره يرأس، حاليا، الحوار الضريبي الدولي، قالت نعمت شفيق، إن «الصندوق يرسل سنويا، ما بين 300 و400 فريق إلى جميع أنحاء العالم من أجل تقديم الدعم، مبرزة أن الصندوق لا يملي على الشعوب ما يجب أن تقوم به، بل يقدم اقتراحات، والدول هي من تتخذ قراراتها».
وتتوزع الندوة، التي ينشطها وزراء مالية ومدراء عامون للضرائب ورؤساء حكومات محلية وممثلون سامون عن المنظمات الدولية وأساتذة جامعيون، جلسات عامة وأخرى موازية، تتمحور حول طرح الأسئلة والتفكير في مسارات حلول بصدد المحاور المطروقة.



فيتنام تتحرك لاستكشاف الفرص الاستثمارية في السعودية

«مركز الملك عبد الله المالي» في الرياض (الشرق الأوسط)
«مركز الملك عبد الله المالي» في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

فيتنام تتحرك لاستكشاف الفرص الاستثمارية في السعودية

«مركز الملك عبد الله المالي» في الرياض (الشرق الأوسط)
«مركز الملك عبد الله المالي» في الرياض (الشرق الأوسط)

تتحرك دولة فيتنام حالياً لتعزيز التعاون متعدد الأوجه واستكشاف الفرص الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وقطاعَي العمالة والسياحة في السعودية، حيث تنوي تزويد الوزارات والوكالات والمدن والمحافظات والجمعيات والشركات بنشرة اقتصادية لرفع وعي الجهات المعنية لديها بالسوق السعودية خصوصاً، وأسواق منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا عموماً، وفق معلومات لـ«الشرق الأوسط».

وكان رئيس الوزراء الفيتنامي، فام مينه تشينه، الذي زار الرياض في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي للمشاركة في المؤتمر السنوي لـ«مـبادرة مستقبل الاستثمار»، قال إن بلاده تتطلع إلى جذب مزيد من الاستثمارات السعودية، خصوصاً في مجالات التحول الرقمي، والطاقة المتجددة، والحوسبة السحابية، والمدن الذكية، التي توليها اهتماماً خاصاً بصفتها جزءاً من استراتيجيتها التنموية الطموح.

وبلغت صادرات السعودية إلى فيتنام خلال العام الماضي 3 مليارات ريال (800 مليون دولار)، بتراجع 28.2 في المائة عن المستوى الذي كانت قد بلغته، في حين بلغت الواردات من هانوي 10.3 مليار ريال (2.7 مليار دولار)، بارتفاع قدره 31.9 في المائة.

ووفق المعلومات، فقد أبلغت وزارة الخارجية الفيتنامية سفارة السعودية في هانوي عزمها إصدار النسخة الرابعة من النشرة الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بهدف تعزيز التعاون متعدد الأوجه بينها وبين السعودية وكذلك دول الشرق الأوسط وأفريقيا، لا سيما في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والعمالة والسياحة.

الاستيراد والتصدير

ووفق المعلومات، فقد طالب اتحاد الغرف السعودية كل القطاع الخاص في السعودية بالتسجيل عبر رابط مخصص للاستيراد والتصدير في فيتنام ولفرص التجارة (فعالية تجارية ومعارض) خلال النصف الأول من 2025.

يذكر أن صادرات السعودية الرئيسية غير النفطية إلى فيتنام تتمثل في اللدائن ومصنوعاتها، والمطاط، ومنتجات الصناعات الكيماوية وما يتصل بها، وكذلك المعادن، بينما تشمل الواردات من هانوي الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية وأجزاءها، والوقود والزيوت والشموع المعدنية، والحديد والصلب (فولاذ).

وبنهاية العام الماضي، حققت فيتنام نمواً إيجابياً في رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر مع السعودية بلغت نسبته 21.3 مليون ريال، مقارنة بنهاية عام 2022 حيث كانت النسبة 18.3 مليون ريال.

من جهة أخرى، تقلّصت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الداخلة إلى الاقتصاد السعودي في العام السابق بـ3.1 مليون ريال؛ أي بنسبة 67.5 في المائة مقارنة بعام 2022.

وفي تلك الفترة، لم تشهد قيمة التدفقات الخارجة لشركات الاستثمار الأجنبي المباشر الموجودة في الاقتصاد السعودي أي تغيير، حيث ظلت ثابتة عند 0.0 ريال سعودي منذ 2022. نتيجة لذلك؛ وصل صافي التدفقات في 2023 إلى 3.1 مليون ريال، قياساً بالعام ما قبل الماضي، حيث بلغ حينئذ 9.4 مليون ريال.

مذكرة تفاهم

وكانت السعودية وجمهورية فيتنام الاشتراكية وقعتا في أكتوبر الماضي مذكرة تفاهم، ترتكز على تعزيز التعاون الاقتصادي في عدد من القطاعات الحيوية. كما تهدف إلى دعم التجارة الثنائية والاستثمار، مع اهتمام خاص بمجالات الاقتصاد الرقمي، والصناعة، والخدمات ذات الصلة، حيث يتمتع كلا البلدين بإمكانات كبيرة للنمو في هذه القطاعات. وتشجع مذكرة التفاهم بناء الشراكات بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص في البلدين.

وسينفَّذ التعاون في إطار هذه المذكرة عبر بناء العلاقات بين المنظمات المهنية، من خلال تنظيم المؤتمرات والندوات والمعارض والاجتماعات المشتركة، مما يعزز التنسيق بين الجهات الحكومية والمنظمات الاقتصادية.

وتشمل المذكرة أيضاً الترويج لإنشاء مشروعات مشتركة وشراكات اقتصادية، مع التركيز على دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة لتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية.

وسيعمل الجانبان على تبادل المعلومات حول التجارة والاستثمار، وتكثيف الزيارات والفعاليات المشتركة لتعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، وذلك بما يتماشى مع الأنظمة والقوانين المعمول بها في كلا البلدين.