الميليشيات تواصل «حوثنة» القضاء وتربط انتهاء أزمة الغاز بالتجنيد

تحالف حقوقي يكشف أن ثلث مسلحي الجماعة من الأطفال

TT

الميليشيات تواصل «حوثنة» القضاء وتربط انتهاء أزمة الغاز بالتجنيد

واصلت ميليشيات جماعة الحوثي الانقلابية خطواتها الرامية إلى استكمال «حوثنة» القضاء اليمني في مناطق سيطرتها، في وقت ربط فيه قادتها بصنعاء انتهاء أزمة الغاز المنزلي بمستوى استجابة السكان لحملة التجنيد في صفوفها. في غضون ذلك، اتّهم تحالف حقوقي يمني الجماعة بتجنيد أكثر من 900 طفل للقتال في صفوفها العام الماضي، كما كشف عن أن نحو ثلث مسلحي الجماعة الانقلابية الموالية لإيران من الأطفال.
وأصدرت الجماعة أمس قرارا بتعيين 3 قضاة في «المحكمة العليا» التي تسيطر عليها في صنعاء، ضمن مساعيها لاستكمال «حوثنة» القضاء اليمني، وفرض نسخ موالية لها من مؤسسات الدولة. وأفادت النسخة الحوثية من وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) بأن رئيس مجلس حكم الجماعة الانقلابي صالح الصماد، عيّن 3 قضاة في «المحكمة العليا» هم: علي بن علي البعداني، وأحمد محمد فارع قاسم البعداني، وغالب ثابت صلاح، وأن الثلاثة أدوا أمام الصماد اليمين القانونية. وذكرت أن الصماد هاجم الحكومة الشرعية لجهة الإنجازات التي حققتها أخيرا في إعادة بناء أجهزة القضاء اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، وقالت إنه أمر سلطات الجماعة في صنعاء «بسرعة إيجاد حلول عاجلة لمرتبات القضاة بما يسهم في تحسين أوضاعهم المعيشية».
في غضون ذلك، عقد القيادي الحوثي المعين من قبل الجماعة أمينا للعاصمة صنعاء، حمود عباد، اجتماعا ضم عددا من أعيان المدينة ووجهاء ومسؤولي الأحياء، لحضهم على إقناع السكان بإلحاق ذويهم بمعسكرات التجنيد للقتال في صفوف الميليشيات، مقابل وعود بإنهاء أزمة الغاز المنزلي. وذكرت مصادر للجماعة أن الاجتماع الذي وصفته بـ«الموسع» برئاسة عباد «ناقش الموضوعات المتعلقة بالتجنيد الطوعي والالتحاق بالمؤسسة العسكرية». وزعم القيادي الحوثي عباد في الاجتماع أن أزمة الغاز سببها مخطط خارجي من قبل التحالف العربي لدعم الشرعية يهدف إلى تثوير السكان على حكم الميليشيات. كما وعد عباد، بحسب مصادر مطلعة في صنعاء تحدثت إلى «الشرق الأوسط» بأن جماعته «ستوفر مادة الغاز وتقوم بتوزيعها على الأحياء لإنهاء الأزمة، بحسب استجابة سكان كل حي لحملة التجنيد الطوعي».
وبحسب النسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شدّد عباد خلال الاجتماع على «أهمية دور المشائخ والأعيان في الدفع بالمواطنين للتجنيد الطوعي ورفد الجبهات وتعزيز اللقاءات بالوجهاء والعقال لإفشال المؤامرات» ضد جماعته. وكانت الجماعة افتعلت أزمة الغاز قبل أيام وحجزت ناقلات الغاز الآتية من مأرب في مدينة ذمار، لإجبار ملاكها على دفع إتاوات غير قانونية، وتسببت إجراءات الميليشيات في إغلاق محطات التعبئة، وهو ما تسبب في رفع سعر الأسطوانة (20 لترا) إلى مستوى قياسي بلغ أكثر من 7 آلاف ريال (15 دولارا) وهو سعر يساوي 7 أضعاف السعر المتداول في مدينة مأرب حيث تسيطر الحكومة الشرعية.
وعلى صعيد الانتهاكات التي تمارسها الجماعة الانقلابية، أفاد سكان بأن ميليشياتها واصلت أمس قصف القرى التابعة لمديرية طور الباحة وقرى المفاليس والهجمة والسبد التابعة لمديرية حيفان شمال محافظة لحج. وقالت المصادر إن قناصا حوثيا في منطقة الأعبوس الهجمة قتل أول من أمس طفلا يبلغ 9 سنوات بعدما أطلق عليه رصاصة في الرأس.
من جهة أخرى، اتهم مطهر البذيجي، المدير التنفيذي لـ«التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (رصد)»، أمس، الميليشيات بممارسة شتى أنواع الاستقطاب للأطفال؛ سواء بالترغيب والتعبئة الفكرية، أو بالتجنيد الإجباري. وأشار البذيجي أثناء كلمة له في جنيف على هامش اجتماعات الدورة الـ37 لمجلس حقوق الإنسان، إلى أن عملية التجنيد الإجباري للأطفال رافقها كثير من الانتهاكات؛ أبرزها «حرمان الأطفال من التعليم، والاستغلال الجنسي من قبل المجندين الأكبر سنا، وكذلك مقتل كثير من الأطفال أثناء اشتراكهم بأعمال عسكرية». وكشف التحالف الحقوقي «رصد» أن تقارير منظمات المجتمع المدني اليمني تشير إلى أن ثلث مقاتلي الميليشيات الحوثية من الأطفال، في حين أكد «التحالف» أنه رصد 902 حالة تجنيد أطفال من قبل الحوثيين خلال العام الماضي. وكشف التحالف الحقوقي عن أن «عدد ذوي الإعاقة في اليمن يتجاوز مليوني شخص، بينهم 92 ألف شخص أصيبوا بإعاقات بعد انقلاب ميليشيات الحوثي على السلطة الشرعية في سبتمبر (أيلول) 2014». وقال التحالف الحقوقي في كلمة ألقاها الناشط همدان العليي إن «ذوي الإعاقة في اليمن باتوا محرومين من أبسط حقوقهم، لا سيما بعدما توقفت أعمال وأنشطة نحو 350 منظمة خاصة بتأهيل المعاقين في نتيجة طبيعية للحرب وحكم الميليشيات المسلحة». وأكد تحالف «رصد» أن السبب الرئيسي لحدوث الإعاقة هو «الألغام الفردية المحرمة دوليا التي تزرعها الميليشيات الانقلابية»، التي اتهمها أيضا بـ«خطف الأطفال في وضح النهار من صفوف المدارس وأخذهم عنوة من أسرهم، تارة بالترغيب وأخرى بالترهيب، دون رادع، والزج بهم في الجبهات».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.