مقربون من البغدادي: الوحيد الذي لم يبايع الظواهري.. وبن لادن كلفه بمشروع إقامة الدولة

زعيم «داعش» يعتمد أسلوبا وحشيا في التعامل مع من يعترضه ويهمه تجنيد الأجانب

الإعلان الأميركي عن تخصيص مكافأة مالية  نظير معلومات تؤدي إلى القبض على أبو بكر البغدادي (رويترز)
الإعلان الأميركي عن تخصيص مكافأة مالية نظير معلومات تؤدي إلى القبض على أبو بكر البغدادي (رويترز)
TT

مقربون من البغدادي: الوحيد الذي لم يبايع الظواهري.. وبن لادن كلفه بمشروع إقامة الدولة

الإعلان الأميركي عن تخصيص مكافأة مالية  نظير معلومات تؤدي إلى القبض على أبو بكر البغدادي (رويترز)
الإعلان الأميركي عن تخصيص مكافأة مالية نظير معلومات تؤدي إلى القبض على أبو بكر البغدادي (رويترز)

رغم ما يملكه من نفوذ، وجائزة أميركية قيمتها عشرة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه، لا يعرف سوى القليل عن أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، الذي تجنب الأضواء حفاظا على سلامته.
وأشاد مقاتلون من «داعش» ومنافسون للتنظيم، تحدثوا مع وكالة «رويترز»، بالبغدادي كمخطط استراتيجي نجح في استغلال الاضطرابات في سوريا وضعف السلطة المركزية في العراق بعد انسحاب القوات الأميركية، ليقتطع أرضا جعل منها قاعدة له. وأثبتت الأحداث شدته في القضاء على خصومه، ولم يبد أي تردد في الانقلاب على حلفاء سابقين لتعزيز طموحه من أجل إقامة «الدولة الإسلامية».
وخاض البغدادي معارك مع أعدائه وهزمهم، حتى الذين ينتمون لجماعات متشددة منافسة ويشاطرون تنظيمه نهجه العقائدي. أما من يسقط أسيرا من مقاتلي المعارضة أو غير المقاتلين فعادة ما يقتل رميا بالرصاص أو بقطع الرأس. وتسجل مشاهد القتل في لقطات فيديو مروعة تبث الخوف والاشمئزاز في نفوس الخصوم. وقال مقاتل غير سوري من مقاتلي التنظيم متحدثا من داخل سوريا «باختصار، بالنسبة للشيخ البغدادي كل دين له دولته ما عدا الإسلام. ويجب أن تكون له دولة ويجب فرضه. الأمر في غاية السهولة».
ووفقا للإعلان الأميركي الذي يرصد مكافأة لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه، ويحمل صورة رجل أعور بوجه مستدير ولحية مشذبة وشعر قصير، ولد البغدادي في مدينة سامراء العراقية عام 1971. وتقول مواقع جهادية إنه حصل على شهادة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية من جامعة بغداد، وبعد أعوام من القتال مع الجماعات التي تستلهم نهج تنظيم القاعدة أصبح زعيما لتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق» عام 2010.
وبعد ذلك بعام - منتهزا فرصة اندلاع الانتفاضة ضد حكم الرئيس السوري بشار الأسد - أرسل البغدادي أحد مساعديه إلى سوريا حتى يكون لتنظيم القاعدة موطئ قدم هناك. وشكل مساعده أبو محمد الجولاني جبهة النصرة التي تستلهم نهج «القاعدة»، والتي أعلنت عن نفسها سريعا بسلسلة من تفجيرات السيارات الملغومة. وأصبحت تعرف أيضا بالأكثر تأثيرا بين مختلف القوى التي تقاتل الأسد.
ولكن مع تزايد نفوذ الجولاني في سوريا ورفضه فتوى بدمج قواته تحت قيادة البغدادي، شن البغدادي حربا على جبهة النصرة، مما أدى إلى انفصاله عن تنظيم القاعدة بقيادة أيمن الظواهري.
وبالنسبة لكثيرين من أنصار البغدادي فإن هذا الانقسام لم يكن مفاجئا. وقال المقاتل غير السوري من مقاتلي «داعش» إنه عندما قتل أسامة بن لادن، مؤسس «القاعدة»، على يد قوات أميركية في باكستان قبل ثلاثة أعوام، كان البغدادي «الشخص الوحيد الذي لم يبايع الظواهري». وأضاف «كلفه الشيخ أسامة بتأسيس الدولة.. كانت هذه خطته قبل أن يقتل (بن لادن)». ويقول مقاتلوه إن البغدادي لديه العديد من المفاجآت لأعدائه. وقال أحدهم «لديه إمكانيات يخفيها حتى يحين الوقت المناسب».
تجاهل البغدادي نداءات الظواهري لترك سوريا لجبهة النصرة، ووسع عملياته في شمال وشرق سوريا عامي 2012 و2013، وفي بعض الأحيان اشتبكت جماعته مع قوات الأسد، لكنها في معظم الأوقات كانت تركز على طرد جماعات المعارضة الأخرى. ونتيجة لتعامل تنظيم «داعش» القاسي مع المواطنين السوريين أصبح له الكثير من الأعداء، وبحلول نهاية العام الماضي شكلت جبهة النصرة تحالفا مع كتائب إسلامية أخرى للرد على «داعش»، ونجح هذا التحالف في إجباره على التقهقر إلى معقله على نهر الفرات في المنطقة المنتجة للنفط بشرق سوريا.
لكن «داعش» ازداد قوة ولم يضعف. ويسيطر مقاتلو البغدادي على مدينة الرقة، وهي العاصمة الإقليمية السورية الوحيدة التي لا يسيطر الأسد على أي أجزاء منها، ويطبقون الشريعة الإسلامية. وفي محافظة دير الزور المجاورة شن تنظيمه حملة على مدى ستة أسابيع ضد معارضين منافسين، لقي خلالها 600 مقاتل حتفهم، واستولى على حقول نفط وبلدات على الضفة الشمالية الشرقية لنهر الفرات على بعد 100 كيلومتر من الحدود العراقية. ويقول مقاتلون معارضون إن مبيعات النفط في السوق السوداء تدر عائدات بملايين الدولارات. وفي ظل وجود المقاتلين العراقيين والعتاد العسكري الذي تم الاستيلاء عليه بعد سيطرته على مدينة الموصل العراقية، فإن البغدادي يملك الآن مجموعة كبيرة من الموارد. ويقول مؤيدوه إن هذا أمر أساسي لتحقيق هدفه بالاكتفاء الذاتي العسكري وضمان تدفق الأموال والمقاتلين والأسلحة وإمدادات الطاقة.
وتتناقض قوة البغدادي الحقيقية الواضحة للعيان تناقضا صارخا مع الظواهري المختبئ منذ أكثر من عقد، والذي يحاول أن يؤثر على الحركة الجهادية الدولية التي تنشط في معظمها بعيدا عن مخبئه. بل إن خصوم البغدادي يقولون إن نجمه في صعود، وإن نفوذه يتجاوز سوريا والعراق. وقال أحد مقاتلي جبهة النصرة في مدينة حلب السورية «إنه يتمتع بشعبية بالغة بين الجهاديين. يرون فيه شخصا يخوض حرب الإسلام»، مضيفا بمرارة أن أنصاره «لا يرون مدى الضرر الذي يسببه». وتابع «تلقى (البغدادي) كذلك رسائل مبايعة من أفغانستان وباكستان. الشيخ الظواهري يحاول لكن أعتقد أن الأوان فات». وأضاف أن جبهة النصرة ترى أن الإسلاميين في سوريا «دخلوا في حلقة من الدم لن يخرج منها أحد».
ويمثل البغدادي لأتباعه جيلا جديدا من المقاتلين الذين يعملون على تنفيذ المرحلة المقبلة من حلم بن لادن وهو الانتقال من «القاعدة» إلى إقامة الدولة. وقال مقاتل سوري «الشيخ البغدادي والشيخ أسامة يشبه بعضهما بعضا. كلاهما يتطلع للأمام. كلاهما يريد دولة إسلامية». ويذهب آخرون إلى أبعد من ذلك، إذ يقولون إن تشكيل البغدادي لـ«داعش» يجعل دور الظواهري في عملية «القاعدة» غير ذي قيمة. وقال مقاتل أجنبي «تنظيم القاعدة لم يعد موجودا. تم تشكيله كقاعدة للدولة الإسلامية، والآن أصبح لدينا ذلك. ينبغي على الظواهري أن يبايع الشيخ البغدادي».
وذكر جهادي آخر قال إنه مقرب من البغدادي أن الظواهري يتابع بلا حيلة ليرى إن كان البغدادي سيقترف خطأ. وقال «إنه ينتظر ليرى إن كان البغدادي سينتصر أم سيسقط، لكن في جميع الأحوال هو لم يعد قائدا».
ومن بين الاستراتيجيات التي ينتهجها البغدادي فتح الباب للمقاتلين الأجانب لا سيما الأوروبيين والأميركيين، حيث يوفر لهم التدريب والشعور بأن لهم هدفا. وبينما يكون هؤلاء مفيدين في ساحة القتال السورية، فإنهم قد يعودون لبلادهم في يوم من الأيام، وقد اكتسبوا خبرة القتال ليجندوا آخرين لتنفيذ هجمات لحساب البغدادي خارج الشرق الأوسط. ويتدرب هؤلاء بحيث لا يعرفون الخوف ولا الرحمة. ويقول نشطاء في عدد من المناطق داخل سوريا إن رجال البغدادي يتجولون وهم يرتدون أحزمة ناسفة.
وفي علامة على وحشيتهم، أظهر مقطع فيديو نشر على الإنترنت مقاتلين لـ«الدولة الإسلامية في العراق والشام»، بعضهم لا يتحدثون العربية في ما يبدو، وهم يعدمون عددا من الرجال. وكان رجلان يتلوان الشهادة أثناء إعدامهما.
رجال البغدادي يتعاملون بقاعدة بسيطة وهي أن من يقف في طريقهم يجب أن يباد بغض النظر عن دينه أو طائفته. وعندما سئل عن مدى جدية البغدادي، أجاب أحد أنصاره «عندما يكون لديك جيشه وعزيمته وإيمانه فينبغي على العالم أن يخشاك». وأضاف «إذا لم يخش العالم البغدادي فهم حمقى. ولا يدرون ماذا سيحل بهم في المستقبل».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.