النظام يدخل عسكرياً إلى عفرين اليوم... باتفاق مع «الوحدات»

أحال الخلافات مع الأكراد حول السلاح والإدارة المدنية إلى «حوار» لاحق

TT

النظام يدخل عسكرياً إلى عفرين اليوم... باتفاق مع «الوحدات»

تدخل قوات النظام السوري اليوم (الاثنين) إلى عفرين، بعد نحو شهر على انطلاق العملية التركية للسيطرة على المنطقة التي تسكنها أغلبية كردية في ريف حلب الشمالي، بموجب اتفاق بين النظام و«وحدات حماية الشعب» الكردي، تجاوز خلاله الطرفان تباينات سابقة جرى الاتفاق على حلها في «حوار سوري - سوري» يُعقد في وقت لاحق.
ويعد وصول النظام إلى هذه المنطقة، أول تثبيت وجود له على الشريط الحدودي مع تركيا في ريف حلب الشمالي منذ عام 2013، وثاني وجود له على الحدود التركية إلى جانب منطقة كسب، بالنظر إلى أن معظم المنطقة الحدودية تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية» في شمال شرقي سوريا، بينما تسيطر قوات سورية معارضة مدعومة من تركيا في منطقتي شمال حلب وشمال إدلب.
وقالت مصادر بارزة في «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي لـ«الشرق الأوسط»، إن اتفاقاً توصلت إليه وحدات حماية الشعب مع النظام السوري، يقضي بدخول القوات النظامية إلى عفرين، حيث «ستنشئ قاعدة عسكرية لها تكون قاعدة انطلاق باتجاه المناطق الحدودية مع تركيا، وباتجاه الجبهات المشتعلة مع الجيش التركي وحلفائه»، وذلك «بهدف صدّ العدوان التركي»، بحسب وصفه.
وقال المصدر إن الطرفين «تجاوزا الخلافات التي حالت دون دخول قوات النظام إلى عفرين منذ شهر، رغم الدعوات الكردية للنظام للدفاع عن السيادة السورية»، في إشارة إلى أن النظام كان يشترط عودة مؤسساته إلى عفرين التي تديرها الآن هيئات مدنية كردية، إضافة إلى عودة الأفرع الأمنية التي يرفض الأكراد إعادتها، في مقابل اشتراط الأكراد أن يُحصر وجود قوات النظام على الحدود مع تركيا لمنع سيطرة القوات الموالية لأنقرة على عفرين.
وأوضح المصدر أن الطرفين «وجدا حلاً يقضي بدخول النظام عسكرياً وتثبيت قاعدة عسكرية له في عفرين، ينطلق منها إلى الجبهات، بينما أرجئت التفاصيل الأخرى المتعلقة بعودة المؤسسات الرسمية وإدارة النظام للمؤسسات الحكومية، إلى حوار سوري - سوري» بين الطرفين بعد رد الاعتداء ما سماه «الاعتداء التركي». وأشار المصدر إلى أن المفاوضات «لم تلحظ رفع أعلام النظام على المباني الرسمية»، علماً أن اتفاقات سابقة بين الأكراد والنظام قضت برفع أعلام النظام على المباني الحكومية في أحياء خاضعة لسيطرة الأكراد في حلب في بداية 2017.
وتضاربت الأنباء حتى مساء أمس حول طبيعة الاتفاق، قبل تأكيد المصدر. وكانت المعلومات تتحدث عن أن انتشار القوات النظامية السورية في المناطق الحدودية دون الدخول إلى مركز عفرين، بحسب ما أفادت شبكة «روداو» الإعلامية الكردية. كما أشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إلى أن الاتفاق الهادف لمنع التوغل التركي داخل عفرين وإيقاف عملية «غصن الزيتون» يقضي بانتشار النظام على الشريط الحدودي، بينما تدور الخلافات حول إدارة منطقة عفرين ووجود الوحدات الكردية بكامل سلاحها في المنطقة.
من جهته، أكد مصدر سياسي بارز في داخل مدينة عفرين لـ«الشرق الأوسط»، أن الاتفاق «عسكري بحت»، يتضمن «حماية الحدود ونشر المضادات الأرضية ومواجهة القوات التركية»، لافتاً إلى أن الاتفاق «لم يلحظ المؤسسات المدنية في عفرين». وقال المصدر إن وجود النظام «سيكون رمزياً في داخل مدينة عفرين»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن قوات النظام «أنهت استعداداتها منذ السبت للعبور من بلدتي نبل والزهراء إلى عفرين، على أن يبدأ دخول قوات النظام ليل الأحد أو صباح الاثنين». وقال إن القائد العام لوحدات حماية الشعب سيبان حمو «قاد المفاوضات عن الأكراد مع النظام، بينما بقي الروس بمنأى عن المفاوضات والحلول، ولم يتدخلوا بالأمر، منعاً لأن تتضرر علاقتهم مع الأتراك».
وكانت وكالة «روداو» الكردية نقلت أمس عن القيادي في حزب الوحدة الديمقراطي الكردي شيخو بلو، قوله: «الجيش السوري سيدخل إلى عفرين غداً (الاثنين)»، مشيراً إلى أن الهدف من دخول المدينة هو حمايتها والدفاع عنها.
وقال المستشار الإعلامي لوحدات حماية الشعب الكردية في عفرين، ريزان حدو، السبت في تصريح لوكالة «روداو»: «المباحثات بين الإدارة الذاتية ودمشق حول عفرين مستمرة، وسنعلن نتائجها حال التوصل إلى اتفاق».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.