غالبية الإسرائيليين تطالب نتنياهو بالاستقالة واليمين يتهم الشرطة بتنظيم {انقلاب} ضده

المشتبه برشوته رجل أعمال ذو رصيد كبير في شراء خبرات نووية لإسرائيل

TT

غالبية الإسرائيليين تطالب نتنياهو بالاستقالة واليمين يتهم الشرطة بتنظيم {انقلاب} ضده

بعد يوم واحد من نشر توصيات الشرطة الإسرائيلية بمحاكمة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بشبهة الفساد والرشوة، وعلى الرغم من أن غالبية الإسرائيليين لا تصدق روايته وتطالبه بالاستقالة فورا وعدم انتظار قرار النيابة، تتنبأ له استطلاعات الرأي بالفوز مرة أخرى في الانتخابات، وذلك بسبب وقوف أعداد كبيرة من مصوتي اليمين إلى جانبه وقناعتهم بأن الشرطة تدبر انقلابا ضده.
ويستمد نتنياهو التشجيع من وقوف «النواة الصلبة لليمين» إلى جانبه، فيواصل مهاجمة الشرطة والتشكيك في نواياها، ويرسل إلى الإعلام كوكبة من المحامين الكبار الذين يقبض كل منهم ألوف الدولارات على «ساعة العمل»، ليدافعوا عنه ويقنعوا الجمهور بوجود مؤامرة عليه. وهو من جهته، يواصل التصرف «بشكل اعتيادي» في إدارة شؤون الحكم. وقد سافر، أمس الخميس، إلى ألمانيا للمشاركة في مؤتمر الأمن العالمي. وأصدر بيانا جاء فيه: «إنني أسافر إلى ألمانيا لأشارك في مؤتمر ميونيخ، أهم مؤتمر أمني في العالم، والذي تمت دعوتي إليه من أجل استعراض المواقف الإسرائيلية أمام رؤساء الدول ووزراء الدفاع الذين يحضرونه. وسأوضح لهم الدور الذي لعبته إيران في الأحداث الأخيرة التي وقعت في شمال البلاد، ومحاولاتها التموضع عسكريا في سورية ضدنا، وإصرارنا على إحباط هذا العدوان. سنواصل معا تعزيز قوة إسرائيل».
ويكثر نتنياهو من الحديث عن الأمن في هذه الأيام مبرزا دوره في الحفاظ عليه، ليجعل من إسقاطه عن الحكم مسألة مساس بهذا الأمن وأشبه بالخيانة القومية، مما جعل أحد المعلقين يستذكر مقولة الأديب البريطاني، صموئيل جونسون في القرن الثامن عشر: «الوطنية هي الملاذ الأخير للشرير».
وحرصت مصادر مقربة من نتنياهو على «تبييض» صفحة رجل الأعمال الإسرائيلي، المنتج السينمائي في هوليوود، أرنون ميلتشين، الذي يشتبه بأنه صاحب الرشاوى الأكبر التي دفعت لنتنياهو. فكشفوا أنه قدم خدمات أمنية كبيرة لإسرائيل من دون مقابل، ومنها «الحصول على مواد خاصة بالبرنامج النووي في ديمونة». ونقل الخبير الأمني يوسي ميلمكان عن مصادر سياسية قولها: «ميلتشن أقام، بمساعدة شركاته، منظومة مشكلة من جهات عدة، تشتري ممتلكات وفرت للمفاعل النووي الإسرائيلي العديد من الأدوات والمواد، وهو ما أتاح لإسرائيل، بحسب المصادر الإخبارية الأجنبية، تطوير سلاح نووي». ويضيف: «عمل ميلتشن تطوعا من دون أن يتلقى ثمنا، ولكنه بسبب إسهامه وعلاقاته برأس الهرم السلطوي، حصد أرباحا غير قليلة، زادت من ثروته. لقد كافأت أجهزة الأمن والسلطة في إسرائيل ميلتشن في مجالات أخرى لقاء إسهاماته، عبر سماحها له بالعمل كوكيل ورجل اتصال لشركات أميركية وإسرائيلية عقد صفقات أمنية وأخرى مع إيران في عهد الشاه، وكذلك مع تايوان وجنوب أفريقيا. ولاحقا، انتقل ميلتشن، وهو يحمل ثروته معه إلى هوليوود، لكي يحقق حلمه في إنتاج الأفلام. ولكن، في العام 1985 علمت سلطات القانون في الولايات المتحدة بنشاطات ميلتشن. واكتشفت أن شركة (ميلكو)، التي أنشأها كانت متورطة في تهريب معدات حساسة وضرورية لتطوير السلاح النووي. وتم التحقيق في الـ(إف. بي. آي)، واعتقال شريكه والمدير العام للشركة، الكولونيل ريتشارد سمايت، الذي تم إطلاق سراحه لاحقا بكفالة، وهرب من الولايات المتحدة إلى أوروبا، ومن ثم تم الإعلان عنه كمجرم هارب. بعد أكثر من عقد عاش سمايت على المعونات التي تلقاها من منظومة الأمن الإسرائيلية، التي كانت ترسل إليه مخصصات شهرية تقدر بآلاف الدولارات، عبر مكتب ميلتشن في إسرائيل. في نهاية عقد التسعينات ضاق سمايت ذرعا بحاله وقام بتسليم نفسه إلى سلطات القانون في وطنه، بعد أن توصل معها إلى صفقة قضائية. وبعد أن قضى فترة محكوميته، ألفى إلى نفسه فاقدا لكل شيء، وشعر بأنه قد تم خداعه من قبل شريكه وصديقه ميلتشن، الذي لم تجرِ محاكمته أبدا. وبعدها تفاخر ميلتشن في مقابلة معه للتلفزيون الإسرائيلي بأعماله لصالح البرنامج النووي الإسرائيلي. في هذه المرة، أثار ميلتشن، حقا، غضب سلطات القانون في الولايات المتحدة. وقررت هذه السلطات معاقبته وتجديد تأشيرة إقامته لعام واحد بدلا من عشرة أعوام، حسبما كان في السابق، وكما تتعامل السلطات الأميركية مع غالبية سكان إسرائيل. على هذه الخلفية تدخل نتنياهو لصالحه».

وفي العودة إلى رأي الجمهور في نتنياهو، فقد أجرت شبكتا تلفزيون في إسرائيل استطلاعين للرأي، نشرتهما الليلة الماضية، بعد يوم من نشر توصيات الشرطة بمحاكمته. وكلاهما يدل على أنه لو جرت الانتخابات اليوم، فإن الليكود سيحصل على أكبر عدد من المقاعد 26 - 27 مقعدا، علما بأن له اليوم 30 مقعدا، يليه حزب «يوجد مستقبل» برئاسة يئير لبيد مع 22 - 25 مقعدا (له اليوم 11 مقعدا)، ثم المعسكر الصهيوني بـ15 - 16 مقعدا (له اليوم 24 مقعدا).
ووفقا لاستطلاع القناة العاشرة، فإن أكثر من نصف الجمهور لا يصدق رواية نتنياهو بشأن التحقيقات معه. ووفقا لاستطلاع القناة الثانية، يعتقد 48٪ من الجمهور أنه يجب على نتنياهو الاستقالة فورا. وأفاد استطلاع القناة العاشرة، بأن 53٪ من الجمهور لا يصدقون رواية نتنياهو بشأن التحقيقات معه، بينما يصدقه 34٪ مقابل 13٪ قالوا إنهم لا يعرفون. وقال 71٪ بأن موقفهم من الشكوك لم يتغير بعد توصيات الشرطة، و50٪ يطالبون رئيس الوزراء بالاستقالة أو تعليق مهامه - مقابل 42٪ يريدون له أن يستمر في منصبه كالمعتاد. ووفقا لاستطلاع القناة الثانية، فإن 45 في المائة لا يصدقون نتنياهو، مقابل 30 في المائة يصدقونه. كما أجرت القناة الأولى استطلاعا، قال فيه 51 في المائة من الجمهور إنهم يصدقون الشرطة، مقابل 22 في المائة قالوا إنهم يصدقون نتنياهو. وقال 48 في المائة إنهم يعتقدون بأن نتنياهو فاسد، مقابل 28 في المائة رفضوا ذلك.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.