مقتل 49 بعد إسقاط طائرتهم العسكرية بصاروخ في أوكرانيا

الحادث يهدد التهدئة الهشة

مقاتلون موالون لروسيا يجمعون الذخيرة من موقع سقوط الطائرة العسكرية الأوكرانية قرب مطار لوغانسك أمس (أ.ب)
مقاتلون موالون لروسيا يجمعون الذخيرة من موقع سقوط الطائرة العسكرية الأوكرانية قرب مطار لوغانسك أمس (أ.ب)
TT

مقتل 49 بعد إسقاط طائرتهم العسكرية بصاروخ في أوكرانيا

مقاتلون موالون لروسيا يجمعون الذخيرة من موقع سقوط الطائرة العسكرية الأوكرانية قرب مطار لوغانسك أمس (أ.ب)
مقاتلون موالون لروسيا يجمعون الذخيرة من موقع سقوط الطائرة العسكرية الأوكرانية قرب مطار لوغانسك أمس (أ.ب)

أسقط الانفصاليون الموالون لروسيا طائرة نقل عسكرية أوكرانية أمس، مما أدى إلى سقوط 49 قتيلا في هجوم ينال من آمال التهدئة التي لاحت خلال الأيام الأخيرة من الاتصالات الأولى بين كييف وموسكو. ويعد هذا الهجوم الذي وقع قرب مطار لوغانسك حيث كان يفترض أن تهبط طائرة الآليوشين - 76 التي تقل مظليين، الأكثر دموية في صفوف القوات الأوكرانية منذ إطلاق عملية «مكافحة الإرهاب» في الشرق الانفصالي. وجاء قبل لقاء كان مقررا أمس بين الأوكرانيين والروس من أجل استئناف المفاوضات حول الغاز، الشق الآخر من صراع القوة بين البلدين.
وتوعد الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو على الفور الانفصاليين المسلحين الموالين لروسيا بـ«رد ملائم» على إسقاطهم الطائرة العسكرية. وقال الرئيس في بيان معلنا عن حداد وطني اليوم الأحد إن «المتورطين في عمل إرهابي بهذه الفداحة سيعاقبون، وأوكرانيا في حاجة إلى السلم لكن الإرهابيين سينالون الرد الملائم».
وسجلت أمس خسائر أخرى في صفوف القوات الأوكرانية حين نصب مسلحون موالون للروس كمينا لدورية من حرس الحدود في ماريوبول، مما أدى إلى مقتل ثلاثة عناصر وإصابة أربعة آخرين بجروح.
وقال المتحدث باسم الانفصاليين في لوغانسك فلاديمير إينوغورودسكي إن قواته «تحاصر المطار بالكامل». وأضاف أن الطائرة أصيبت بصاروخ مضاد للطيران أطلقه متمردون وسقطت في «منطقة المطار». وصرح المتحدث العسكري الأوكراني فلاديسلاف سيليزنيوف بأن جميع من كانوا على متن الطائرة العسكرية من طراز إيل - 76 قتلوا في ذلك الهجوم في لوغانسك، أحد معاقل حركة التمرد الموالية لروسيا في شرق البلاد.
وقال المتحدث: «كان على متنها طاقم من تسعة أشخاص وأربعون مظليا، وقتلوا جميعا»، موضحا أن الهجوم وقع فجر أمس. وتبنى متحدث باسم المتمردين في لوغانسك الهجوم، مؤكدًا أن الطائرة أصيبت بصاروخ مضاد للطيران وأنها سقطت في «منطقة المطار»، وفق ما نقلت وكالة ريا نوفوستي. وأظهرت صور كاميرا المراقبة في المطار شبه صاعقة سريعة في الجو عندما أصيبت الطائرة، ثم لونا أحمر متراميا بعد ثلاثين ثانية في الأفق عندما انفجرت الطائرة مع اقترابها من المطار.
من جانبها، قالت وزارة الدفاع إن «الإرهابيين أطلقوا النار بوقاحة وخبث» على الطائرة التي «كانت تنقل قوات بديلة وكانت على وشك الهبوط في مطار لوغانسك»، مشيرة إلى رصاص «رشاشة ثقيلة».
ومع بروز خطر وقف إمدادات الغاز الروسي اعتبارًا من يوم غد الاثنين، الأمر الذي يخشاه الأوروبيون، أعلن وزير الطاقة الأوكراني يوري برودان أمس أن روسيا أعطت «موافقتها الأولية» على استئناف المفاوضات أمس في كييف.
ويأتي إسقاط الطائرة في لوغانسك بعدما تشاور الرئيس الأوكراني الجديد بترو بوروشينكو مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين هذا الأسبوع في محاولة لاحتواء أعمال العنف التي خلفت أكثر من 300 قتيل منذ أبريل (نيسان) الماضي. وأعرب الاتحاد الأوروبي أمس عن دعمه لجهود بوروشينكو. وقال الأمين العام لمجلس أوروبا توربورن ياغلند إن «الرئيس بوروشينكو يعلم أنه يستطيع الاعتماد على دعمنا»، مبديا «صدمته وقلقه» حيال إسقاط الطائرة الأوكرانية.
وأعلنت الولايات المتحدة أول من أمس أن روسيا زودت المتمردين الموالين لها في شرق أوكرانيا بدبابات وقاذفات صواريخ وعتاد عبر الحدود بين البلدين خلال الأيام الأخيرة.
وكان مطار لوغانسك الدولي شهد الأسبوع الماضي هجوما لانفصاليين تصدت له القوات الأوكرانية. وتتهم كييف والغربيون باستمرار موسكو بالتحرك خفية لدعم حركة التمرد المسلحة في أوكرانيا وتزويدها بالأسلحة.
وأعرب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوغ راسموسن عن قلقه من معلومات تفيد بأن مجموعات مسلحة موالية لروسيا في أوكرانيا مجهزة «بأسلحة ثقيلة جلبت من روسيا، بما فيها الدبابات»، وقال: «إذا كانت هذه المعلومات صحيحة فإنها ستكون تصعيدا خطيرا في أزمة شرق أوكرانيا».
من جانبه دعا رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو، روسيا إلى المبادرة نحو عملية تهدئة والمساهمة في نزع أسلحة المتمردين الموالين لروسيا ووقف تزويدهم بالأسلحة والمقاتلين الذين يدخلون إلى أوكرانيا، وذلك في مكالمة هاتفية مع فلاديمير بوتين أول من أمس. وأعلنت الرئاسة الأوكرانية الخميس أن «متمردين قادمين من روسيا استخدموا في الشرق لأول مرة دبابات».
وعلقت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية ماري هارف أول من أمس في بيان قائلة إن روسيا «ستقول إن تلك الدبابات أخذت من القوات الأوكرانية، لكن أي وحدة دبابات أوكرانية لا تتحرك في تلك المنطقة، نحن متيقنون من أن تلك الدبابات قادمة من روسيا». وحذرت المسؤولة الأميركية من أنه «إذا لم تتوصل روسيا إلى خفض التوتر، فسيتعين دفع ثمن إضافي». وتستعمل واشنطن منذ أشهر هذه العبارة في إشارة إلى العقوبات المتخذة بحق موسكو لسلوكها في أوكرانيا.



ناشطات أوكرانيات يحاولن إحياء مبادرة «دقيقة الصمت» تخليدا لضحايا الحرب

أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
TT

ناشطات أوكرانيات يحاولن إحياء مبادرة «دقيقة الصمت» تخليدا لضحايا الحرب

أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)

تقف خمس شابات في وسط العاصمة الأوكرانية، رغم البرد القارس، دقيقة صمت إحياء لذكرى ضحايا الغزو الروسي، في مبادرة أطلقها الرئيس فولوديمير زيلينسكي في مارس (آذار) 2022 على أن تكون جزءا من الحياة اليومية، لكن بعد حوالى ثلاث سنوات من الحرب أصبحت مشهدا نادر الحدوث.

حملت الفتيات لافتات تدعو المارة إلى التوقف للمشاركة في دقيقة صمت عند التاسعة صباحا، وهو جزء من هذه المبادرة الرسمية التي أطلقها زيلينسكي بعد أسابيع قليلة من بدء الحرب. لكن معظم الحشود الخارجة من محطة مترو غولدن غايت المركزية في كييف، كانت تمر بمحاذاتهن من دون التوقف.

وبعد انتهاء الدقيقة، طوت طالبة الصحافة أوليا كوزيل (17 عاما) اللافتات المصنوعة من ورق الكرتون المقوى في حقيبة.

وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية: «أشعر بالغضب من الأشخاص الذين لا يتوقفون، الذين ينظرون ويقرأون، وأستطيع أن أرى في عيونهم أنهم يقرأون لافتاتنا لكنهم يواصلون طريقهم».

كوزيل هي جزء من مجموعة صغيرة من الأشخاص الذين يحاولون إعادة الزخم لمبادرة زيلينسكي.

عندما لا يكون هناك تحذير من غارات جوية، يجتمع هؤلاء مرة في الأسبوع في مكان مزدحم لتشجيع سكان كييف على التوقف لمدة 60 ثانية.

وتقول كوزيل إن دقيقة الصمت هي وسيلة لمعالجة الحزن الجماعي والفردي الذي يخيم على الأوكرانيين أكانوا يعيشون قرب الجبهة أو بعيدا منها.

ويبدو أن حملة الشابات بدأت تثمر. فقد وافقت بلدية كييف هذا الأسبوع على القراءة الأولى لمشروع قانون يجعل دقيقة الصمت إلزامية في المدارس وبعض وسائل النقل العام. ويشمل المقترح أيضا عدا تنازليا يتردّد صداه عبر مكبرات الصوت في كل أنحاء المدينة من الساعة 9,00 حتى 9,01 صباح كل يوم.

وتعود الفكرة الأصلية لهذه المبادرة إلى إيرينا تسيبوخ، الصحافية التي أصبحت مقدمة رعاية على الجبهة والمعروفة في أوكرانيا باسمها الحركي «تشيكا». وأثار مقتلها قرب الجبهة في مايو (أيار)، قبل ثلاثة أيام من عيد ميلادها السادس والعشرين، موجة من الحزن.

ناشطات من منظمة «الشرف» يحملن صور جنود أوكرانيين سقطوا في المعارك خلال وقفة «دقيقة صمت» في كييف (أ.ف.ب)

وقالت صديقتها كاترينا داتسينكو لوكالة الصحافة الفرنسية في أحد مقاهي كييف «عندما علمنا بمقتل إيرا (إيرينا) قلنا لأنفسنا أمرين: أولا، كيف يمكن أن يحدث ذلك؟ أرادت إيرا أن تعيش كثيرا. وثانيا: يجب أن نكمل معركتها. لا يمكننا أن نستسلم».

وكانت تسيبوخ تريد من الأوكرانيين أن يخصّصوا دقيقة لأحبائهم أو الأشخاص الذين يمثلون لهم شيئا ما، على أساس أن التفكير الجماعي في ضحايا الحرب يمكن أن يوحّد الأمة في مواجهة الصدمة الفردية.

* الأكلاف البشرية

قال زيلينسكي أخيرا إن 43 ألف جندي أوكراني قتلوا في الحرب، رغم أن التقديرات المستقلة تشير إلى أن العدد أعلى من ذلك بكثير.

من جهتها، تفيد الأمم المتحدة بأن العدد المؤكد للقتلى المدنيين البالغ 11743 هو أقل من الواقع إلى حد كبير.

ومع ارتفاع هذه الحصيلة بشكل يومي، يحاول الناشطون غرس معنى جديد لطريقة تخليد ضحايا الحرب.

وقالت الناشطة داتسينكو (26 عاما) التي شاركت في تأسيس المنظمة غير الحكومية «فشانوي» أي «الشرف»، «لا أعرف كيف يمكن لدولة بهذا الحجم أن تخلّد ذكرى كل شخص، لكنّ ذلك ممكن على مستوى المجتمع».

من جهته، رأى أنتون دروبوفيتش، المدير السابق لمعهد الذاكرة الوطنية في أوكرانيا، أن دقيقة الصمت «لا تتعلق بالحرب، بل بالأشخاص. أولئك الذين كانوا معنا بالأمس، والذين شعرنا بدفئهم لكنهم لم يعودوا هنا... الأمر يتعلق بالحب والكلمات التي لم يكن لديك الوقت لتقولها للأشخاص الذين تحبهم».

لكن بعض معارضي الفكرة يقولون إن التذكير اليومي بالخسارة يجعل الناس عالقين في الماضي.