قال المدير الفني الفرنسي لنادي آرسنال، آرسين فينغر، في عام 2010: «يوماً ما سوف أعطيكم قائمة بأسماء اللاعبين الذين وصلوا للقمة معي، وسوف ترون ذلك وتشعرون بالذهول التام». وبعد مرور 8 أعوام على تلك التصريحات، يتساءل جمهور النادي عما إذا كان المدير الفني الذي يقود الفريق منذ فترة طويلة قد فقد لمسته المميزة كمدير فني قادر على التعاقد مع المواهب الشابة، وتحويلها إلى نجوم بارزة في سماء كرة القدم العالمية.
وكان تعاقد آرسنال مع بيير إيمريك أوباميانغ وهنريك مخيتاريان في فترة الانتقالات الشتوية الماضية بمثابة تحول واضح في سياسة النادي المتعلقة بالتعاقدات الجديدة في عهد فينغر. فلأول مرة منذ صيف عام 2012، يتعاقد النادي مع اثنين من اللاعبين يتجاوز عمر كل منهما 28 عاماً. وبعدما كان فينغر هو المدير الفني الأبرز، من حيث التعاقد مع المواهب الشابة وتطوير قدراتها، مثل نيوكلاس أنيلكا وتيري هنري، تدهورت سمعته كثيراً في هذا الإطار، ربما بالقدر نفسه الذي هبط به ترتيب «المدفعجية» في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال السنوات الأخيرة.
وإذا نظرنا إلى قائمة اللاعبين الذين رحلوا عن النادي خلال الـ12 شهراً الماضية، سوف نجد أن ثيو والكوت، رغم تسجيله 108 أهداف في 397 مباراة قبل الانضمام إلى إيفرتون الشهر الماضي، وأليكس أوكسليد تشامبرلين، قد فشلا في حجز مكان لهما في التشكيلة الأساسية للفريق، وأن يصبحا الخيار الأول للمدير الفني الفرنسي في مركزيهما، منذ انتقالهما للنادي من ساوثهامبتون. وقال تشامبرلين خلال إعلان انتقاله إلى ليفربول في أغسطس (آب) الماضي: «أعلم أن قراري قد يكون مفاجأة لكثيرين، كما أن قرار الرحيل عن النادي كان قاسياً بعدما كنت جزءاً من النادي على مدى سنوات طويلة، لكني أعتقد أن هذه هي الخطوة الصحيحة للمرحلة المقبلة من تطور مسيرتي الكروية».
وبالمثل، انتقل كيران غيبس، الذي غير فينغر مركزه ليلعب في خط الدفاع، إلى نادي وست بروميتش ألبيون، مقابل 7 ملايين جنيه إسترليني، بعدما ظل يشارك كبديل خلال معظم الفترة التي قضاها مع آرسنال. لكن أبرز شيء في هذا الأمر هو فشل فينغر في الاعتماد على أي لاعب بشكل أساسي في الفريق الأول، من بين عدد هائل من اللاعبين الشباب الذين تعاقد معهم النادي خلال العقد الماضي.
وقبل أسبوع واحد من تعاقد آرسنال مع والكوت عام 2006، أعلن النادي عن تعاقده مع المهاجم التوغولي إيمانويل أديبايور، قادماً من موناكو الفرنسي مقابل 7 ملايين جنيه إسترليني. وكان أديبايور، الذي جلس على مقاعد البدلاء مع النادي الفرنسي في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا عام 2004، يمر بوقت عصيب مع نادي موناكو، ولم يسجل سوى هدف وحيد في 19 مباراة، عندما قرر فينغر التعاقد معه ليلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز. وكان قرار فينغر يبدو غريباً للغاية آنذاك، لكن المهاجم التوغولي لم يستغرق سوى 21 دقيقة فقط ليسجل أول هدف له مع المدفعجية أمام برمنغهام، لينهي ذلك الموسم محرزاً 4 أهداف في 10 مباريات.
وقال أديبايور في ذلك الصيف: «سيكون من الصعب للغاية رد الجميل لفينغر، لأنه هو الذي منحني الفرصة لكي أصل إلى ما أنا عليه الآن. أسعى للاستمتاع بما أقدمه والاستماع إلى توجيهاته دائماً». ولسوء حظ فينغر، توترت العلاقة بينه وبين أديبايور، الذي انتقل إلى نادي مانشستر سيتي بعد 3 سنوات. ورغم أن رحيل أديبايور بدا أقل أهمية، إذا ما قورن برحيل المهاجم الفرنسي تيري هنري إلى برشلونة عام 2007، فإنه كان بمثابة بداية النهاية لقدرة فينغر على التعاقد مع لاعبين صغار في السن، وإثقال موهبتهم لكي يتحولوا لنجوم عالميين، ويكفي أن نعرف أنه منذ ذلك الحين، تعاقد فينغر مع 16 لاعباً في عمر الثالثة والعشرين أو أقل، لكن لم ينجح سوى لاعبين اثنين فقط - آرون رامسي وغرانت تشاكا - في فرض أنفسهما على التشكيلة الأساسية للفريق.
وأسدلت صفقة انتقال لاعب خط الوسط الفرنسي فرانسيس كوكلين إلى فالنسيا الإسباني الشهر الماضي الستار على مسيرة اللاعب مع آرسنال لمدة 10 سنوات. وحتى رحيل المهاجم الفرنسي يايا سانوغو، الذي انتقل إلى نادي تولوز الفرنسي، في صفقة انتقال حر بعد 4 سنوات من الوجود في القائمة النهائية المرشحة للحصول على جائزة الفتى الذهبي، كان بمثابة مؤشر على أن قدرة فينغر على العثور على لاعبين موهوبين ومغمورين وتحويلهم إلى نجوم عالميين في طريقها إلى الزوال.
وقد فشل النادي فشلاً ذريعاً في كثير من الصفقات، بدءاً من أماوري بيشوف وتوماس إيسفيلد، مروراً بكارل جينكينسون وجويل كامبل وويلينغتون سيلفا وسانوغو، وصولاً إلى لاعب خط الوسط البولندي كريستيان بيليك، الذي لم يشارك في أية مباراة مع الفريق الأول بعد تعاقد النادي معه في عام 2015 مقابل 2.4 مليون جنيه إسترليني. وقد عانى المدافعان كالوم تشامبرز وروب هولدينغ أيضاً من نهج فينغر الغريب في تطوير قدرات اللاعبين الشباب. ونجح تشامبرز الذي تعاقد معه النادي قادماً من ساوثهامبتون عام 2014، وهولدينغ الذي تعاقد معه النادي من بولتون مقابل مليوني جنيه إسترليني في يوليو (تموز) عام 2016، في الظهور بشكل جديد في بداية مسيرتهما بالفريق، لكن سرعان ما اتضح أن تشامبرز لا يمتلك الخبرات الكافية، ولم يعد للمشاركة مع الفريق الأول إلا بعد الأداء القوي الذي قدمه مع ميدلسبره الموسم الماضي، الذي كان يلعب له على سبيل الإعارة، وكذلك مع المنتخب الإنجليزي تحت 21 عاماً، الصيف الماضي.
وقد تتمثل أبرز إشارة على التغير الذي طرأ على آرسنال في رفض نجم خط وسط المنتخب الإنجليزي تحت 19 عاماً ماركوس ماكجوان لتوقيع عقد جديد مع نادي آرسنال الذي انضم إليه وهو في السادسة من عمره، لكي ينتقل إلى برشلونة، الشهر الماضي.
وفي ظل تدني نتائج آرسنال، أصبح فينغر أكثر عناداً، وبات هناك شعور متنام بأن طريقته قد عفا عليها الزمن. فعلى سبيل المثال، يُعتقد أن النجم الفرنسي كيليان مبابي كان حريصاً على إتمام صفقة انتقاله إلى آرسنال في بداية موسم 2016 / 2017، وقد دخل والده بالفعل في مفاوضات مع المدير الفني الفرنسي خلال الصيف، لكن الصفقة فشلت عندما طلب والد اللاعب الفرنسي النصيحة من صديقه المقرب كلود ماكيليلي، الذي نصحه بالبقاء لعام آخر مع موناكو. ونعرف جميعاً ما حدث بعد ذلك، إذ انتقل مبابي إلى باريس سان جيرمان، وانضم إلى قائمة طويلة من اللاعبين البارزين الذين كانوا على وشك الانضمام لآرسنال يوماً ما.
التعاقد مع المواهب الشابة وتحويلها إلى نجوم ميزة فقدها فينغر
اللاعبون يرحلون الآن عن آرسنال دون ترك بصمة واضحة
التعاقد مع المواهب الشابة وتحويلها إلى نجوم ميزة فقدها فينغر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة