محكمة عراقية تجدد سجن محافظ نينوى السابق

أثيل النجيفي
أثيل النجيفي
TT

محكمة عراقية تجدد سجن محافظ نينوى السابق

أثيل النجيفي
أثيل النجيفي

قضت محكمة جنح الرصافة حكماً بالحبس المشدد لمدة 3 سنوات بحق محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي، حسب ما أكدته هيئة النزاهة في العراق.
وفيما عد النجيفي الحكم الصادر بحقه بمثابة شرف له، فإن اثنين من أعضاء مجلس محافظة نينوى السابق عدا الحكم بمثابة استهداف سياسي، لعدم مسؤولية النجيفي عن إجراء اتخذه مجلس المحافظة بالإجماع، في وقتها. وقالت هيئة النزاهة، في بيان، إن محكمة جنح الرصافة المُختصَّة بقضايا النزاهة وغسل الأموال والجريمة الاقتصاديَّة أصدرت القرار «غيابياً»، مبيناً أن النجيفي «الهارب» قام باستغلال منصبه الوظيفي، وعطل تنفيذ أحكام قانونية وقرارات لجنة العزل والفكِّ التابعة للأمانة العامَّة لمجلس الوزراء.
وتابع البيان أن «قرار الحكم تضمن إصدار أمر قبضٍ بحقِّ المُدان الهارب»، إضافة إلى «منع سفره، وتأييد الحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة، والاحتفاظ للجهة المُتضرِّرة بحقِّ المطالبة بالتعويض، حال اكتساب الحكم الدرجة القطَّعيّة».
وحسب خبراء قانونيين، فإن «الحكم يستند إلى المادة 329، الخاصة بعدم تنفيذ الأوامر الحكومية، طبقاً للقانون رقم 111 لسنة 1969، التي تنص على الحبس الشديد لمدة لا تزيد على حبس سنوات»، وكذلك «القانون رقم 19 لسنة 2005، الخاص بعدم تنفيذ الأوامر الحكومية، بالإضافة إلى قرارات لجنة العزل والفك التابعة للأمانة العامة لمجلس الوزراء الملزمة التنفيذ، بوصفها لا تتناقض مع المواد الدستورية». كان النجيفي قد أصدر قراراً برفض نقل عائدية أماكن تابعة إلى الوقف السني للوقف الشيعي.
النجيفي بدوره، وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، عد تشديد الحكم «لا جديد فيه، وهو عبارة عن استهداف سياسي، لا أكثر»، مستغرباً أن «يزج القضاء نفسه في قضية واضحة وضوح الشمس، لكونها من اختصاص مجالس المحافظات، طبقاً للدستور والقانون، وبمواد ثابتة لا تقبل التأويل». وأضاف النجيفي أن «هذا ليس القرار الأول، ولن يكون الأخير، ما دام أننا لم نساوم، ولم نتأقلم مع الفاسدين الذين باتوا يفضحون أنفسهم يوماً بعد يوم، من خلال استغلال مؤسسة القضاء التي نعدها خط الدفاع الأخير عن البلد، وهو يواصل انهياره في شتى المجالات».
وفي سياق ذلك، أكد عضوان سابقان في مجلس محافظة نينوى خلال الفترة التي تولى فيها النجيفي مسؤوليته إن النجيفي لا يتحمل أية مسؤولية للقرار الذي اتخذه مجلس المحافظة في وقتها بعدم نقل عائدية أماكن تابعة إلى الوقف السني للوقف الشيعي. وقال الشيخ سالم قاسم، شيخ عشيرة البيات في الموصل، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «المحافظ السابق أثيل النجيفي مارس صلاحيته المنصوص عليها طبقاً للقانون، باستشارة مجلس المحافظة في الأمر قبل اتخاذ القرار». ولفت الشيخ قاسم إلى أنه شيعي من أهالي الموصل، وعضو مجلس محافظة سابق «ولست من مذهب النجيفي، ولكن الأحقية في مثل هذه الأمور الخلافية هي للمجلس لا للمحافظ».
من جانبها، أكدت لمياء الدباغ، عضو مجلس محافظة نينوى السابق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا الحكم غريب بسبب أن مجلس المحافظة هو من اتخذ هذا القرار وبالإجماع، ولا علاقة للمحافظ بالأمر، لأنه ليس من صلاحياته وفقاً لقانون مجلس المحافظات والمحافظات غير المنتظمة بالإقليم»، وأضافت أن «الدستور، وفي المادة 115 منه، حدد الصلاحيات، ومن بين ما أشار له أنه في حال تنازع القرارات بين مجلس المحافظة والمحافظ، فإن قرار المجلس هو الذي يمضي... ولما كان الطلب الذي وصلنا من ديوان الوقف الشيعي هو في حدود صلاحياتنا، ضمن الحدود الإدارية لنينوى، فقد اتخذنا القرار»، موضحة أن «صدور حكم بالسجن بحق المحافظ السابق أثيل النجيفي لا يمكن عده سوى من باب الاستهداف السياسي».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.