السلطات الإسرائيلية تُخيِّر اللاجئين الأفارقة إنفرادياً بين المغادرة بإرادتهم والطرد بالقوة

مهاجرون أفارقة يتظاهرون ضد سياسة الحكومة الإسرائيلية في طرد اللاجئين (أ.ف.ب)
مهاجرون أفارقة يتظاهرون ضد سياسة الحكومة الإسرائيلية في طرد اللاجئين (أ.ف.ب)
TT

السلطات الإسرائيلية تُخيِّر اللاجئين الأفارقة إنفرادياً بين المغادرة بإرادتهم والطرد بالقوة

مهاجرون أفارقة يتظاهرون ضد سياسة الحكومة الإسرائيلية في طرد اللاجئين (أ.ف.ب)
مهاجرون أفارقة يتظاهرون ضد سياسة الحكومة الإسرائيلية في طرد اللاجئين (أ.ف.ب)

بدأت سلطة السكان والهجرة في الحكومة الإسرائيلية، في الأيام الأخيرة، بتبليغ طالبي اللجوء المحتجزين في معسكر «حولوت» بأن عليهم المغادرة إلى رواندا، وإلا سيتم اعتقالهم في سجن «سهرونيم» الصحراوي إلى أجل غير مسمى، وبالتالي طردهم إلى الخارج بالقوة.
وقد كانت بداية هذه الجلسات مع اللاجئين المعتقلين في النقب وعددهم 886 شخصاً، وكذلك مع عدد من اللاجئين الذين تقدموا بطلبات رسمية للجوء. وأوضحت السلطة لهم أن عليهم الإعلان، خلال شهر، عما إذا كانوا ينوون مغادرة إسرائيل. وعرضت ممثلة السلطة على المهاجرين المغادرة إلى رواندا، لكن اسم الدولة التي سيتم طردهم إليها لا يظهر في الوثائق التي سلمتها لهم. ووفقاً للأمر الذي نشرته السلطة في الأسبوع الماضي، يمكن طرد كل طالب لجوء لم يقدم طلباً حتى نهاية 2017 أو تم رفض طلبه.
وخلال المقابلة، تلقى طالبو اللجوء صفحتين باللغة العبرية، تحت عنوان «ورقة معلومات للمتسلل المغادر إلى بلد ثالث آمن». وجاء فيها: «نريد أن نعلمكم أن دولة إسرائيل وقعت على ترتيبات تسمح لك بمغادرة إسرائيل إلى بلد ثالث آمن، سوف يستوعبك ويمنحك تصريح إقامة يسمح لك بالعمل في البلاد، وضمان عدم نقلك إلى بلدك الأصلي».
كما جاء في الورقة: «إن الدولة التي تستطيع المغادرة إليها، هي دولة تطورت بشكل كبير في العقد الماضي، وتستوعب الآلاف من السكان العائدين والمهاجرين من مختلف الدول الأفريقية... هذا البلد يتمتع باستقرار حكومي يسهم في التطور في كثير من المجالات، بما في ذلك التعليم والعلاج والبنية التحتية». وتوضح السلطة أنها سترتب للمغادرين وثائق سفر إسرائيلية، وتمويل تذاكر الطيران.
وتلاحظ الهيئة أنه سيتم منح 3500 دولار لكل مغادر في المطار قبل صعوده إلى الطائرة، فضلاً عن تأشيرة دخول إلى بلد المقصد. وجاء أيضاً: «عندما تصل إلى البلد الثالث، سيكون في انتظاركم طاقم من الموظفين المحليين في المطار وسيرافقونكم خلال الأيام الأولى. وسينقلك الفريق إلى الفندق الذي تم ترتيبه لك مقدماً، وهناك سيجرون لك لقاء توجيه وتعريف مع الممثلين المحليين، سيتم خلاله تقديم شرح لك عن الإمكانيات المطروحة أمامك ومساعدتك خلال الفترة الأولى من وجودك في الدولة».
المعروف أن 45 ألف لاجئ أفريقي ممن تسللوا خلال العقد الأخير، عبر سيناء المصرية، بقوا فيها، وذلك قبل أن تبني الجدار الأمني المتطور على طول الحدود مع مصر، الذي وضع حداً لظاهرة التسلل. وغالبية اللاجئين هم من إريتريا أو جنوب السودان، وقلة منهم إثيوبيون. وعلى الرغم من أن قرار طردهم جميعاً من إسرائيل يحظى بشعبية واسعة في اليمين الحاكم، وكذلك بعض القوى الليبرالية، فإن هناك أوساطاً شعبية واسعة تعمل على إبقائهم. وهذه القوى تتظاهر في الشوارع. وبينهم عشرات الأدباء والفنانين ومئات المحاضرين الجامعيين، الذين توجهوا برسائل إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يعارضون فيها الطرد ويعتبرونه وصمة عنصرية على جبين إسرائيل.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.