وزير سابق يتوقع «ربيعاً أمازيغياً» في الجزائر

TT

وزير سابق يتوقع «ربيعاً أمازيغياً» في الجزائر

توقع نور الدين بوكروح، وزير التجارة الجزائري سابقاً، الذي تحول إلى معارض شديد للحكم، أن «يأتي التغيير الذي ينشده الجزائريون عن طريق الربيع الأمازيغي، طالما أن الربيع العربي لم يخلف أي تأثير في بلادهم». في إشارة إلى اعتراف الحكومة بمطالب مرتبطة بـ«الأصل الأمازيغي للجزائر»، وجاء ذلك بعد نضال طويل لأنصار «الثقافة الأمازيغية».
ونشر بوكروح، أمس، وثيقة سماها «مبادرة سياسية»، تضمنت موقفاً من قرار الرئيس بوتفليقة إطلاق «أكاديمية لتدريس اللغة الأمازيغية»، واعتماد «التقويم الأمازيغي» (12 يناير/ كانون الثاني من كل عام) عيداً وطنياً وعطلة مدفوعة الأجر، زيادة على ترتيبات كثيرة صبت في اتجاه «الاعتراف بالبعد البربري الأمازيغي للهوية الجزائرية»، وهو ما ظل نظام الحكم يرفضه بشدة منذ استقلال البلاد عام 1962.
وقال بوكروح: إن «التغيير عن طريق الربيع الأمازيغي لن يتم إلا بشروط»، وهي «أن تفكّ عزلة القضية الأمازيغية من إطار مناطق معينة فقط من الوطن، وألا تقتصر على المطالبة بتعليم اللغة في المدارس، وكذلك أن تتبنى حلاً مقبولاً وعملياً لمشكلة أبجديات كتابتها، وأن تُترجم القيم الثقافية والسياسية التي تستند إليها الهوية الأمازيغية إلى مشروع مجتمع توافقي. فإضافة إلى اللغة وبالموازاة معها، يجب أن نعيد بعث هذه القيم، ونعيد لها الحياة حتى نجعل منها مراجع وقواعد لنموذج صالح للحياة السياسية والاجتماعية والثقافية».
وخاض بوكروح فيما سماه «الانتقال التاريخي»، فقال: إن الجزائريين «يحلمون بدولة القانون الحقيقية منذ 1962، منذ عهد الأتراك، ومنذ يوغرطة، ومنذ ظهورهم على وجه الأرض. فهل سيعرفونها في يوم ما؟ هذا هو التحدي الذي يواجههم في مطلع هذه السنة الجديدة، أياً كان التقويم التاريخي الذي نحدّدها به»، قاصداً بذلك التقويم الأمازيغي إلى جانب الهجري والميلادي.
وأشار بوكروح إلى انتخابات الرئاسة المرتقبة في 2019، واحتمال أن يترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، فقال: إنه «لا يزال يفصلنا عن هذا الموعد متسع من الوقت، ويكفي للتحضير للانتقال الذي، إمّا سيفتح عهداً جديداً أمام بلادنا، أو سيحكم عليها بالعودة إلى عصر الوصاية كما كانت بالأمس تحت حكم الأتراك، أو غداً تُعرَف فيه كمجرد جمهورية نفطية تكون قد دامت نحو ستين سنة».
وترشح بوكروح لانتخابات الرئاسة عام 1995 باسم «حزب التجديد الجزائري»، الذي كان يقوده. وفاز في تلك الانتخابات مرشح الجيش الجنرال اليمين زروال، الذي عاد من تقاعده ليسد فراغاً في الرئاسة، خلفه اغتيال الرئيس محمد بوضياف (1992). واستقال بوكروح من الحياة السياسية، إلى أن جاء بوتفليقة إلى الحكم عام 1999، فدعاه إلى دخول حكومته فوافق. كما اشتغل بوكروح وزيراً تحت إشراف بوتفليقة لمدة خمس سنوات، وبعد مغادرته الحكومة عاد إلى «صفته الأولى» معارضاً. وجمعته منذ أشهر قليلة ملاسنة حادة مع مسؤولي المؤسسة العسكرية، بعد أن حمّلهم «مسؤولية فرض رئيس أصبح عاجزاً عن تسيير دفة الحكم».
وذكر بوكروح في مبادرته السياسية: «ونحن نقف على مشارف سنة عالمية وأمازيغية جديدتين، يجدر بنا تذكير جزائريي الداخل والخارج بأنهم يستعدون لسنة حرجة، سيكون عليهم خلالها أن يختاروا بين ولاية خامسة من المؤكد أن عواقبها ستكون كارثية على المستوى الأخلاقي والسياسي والاقتصادي، وبين أفق جديد بكل ما يسمح به تحقيق انتقال تاريخي من وعود وآمال».
وتناولت وثيقة الوزير السابق الزيارة، التي قادت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر في السادس من الشهر الماضي، وجاء فيها بهذا الخصوص: «لقد أظهرت هذه الزيارة أمام أعين العالم الصورة المتناقضة بين بلد قديم يقوده شاب يافع، وبلد شاب يقوده شيخ عاجز يتشبث بالسلطة في صورة لا يقبلها العقل ولا الحياء. الأول خاطب الشباب الجزائري عن مستقبل العالم، بينما يحدثه الثاني عن الماضي الاستعماري، وذلك رغم أن إصراره على البقاء في السلطة هو ما يضعف البلاد حالياً، وسيدفعها غداً إلى شكل أو آخر من الاستعباد، عندما ينتهي عهد المحروقات أو عندما يتحول الدينار (العملة الوطنية) إلى مجرد أوراق يطبعها البنك المركزي».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».