وفد من «الجيش الحر» يناقش مع مسؤولين أميركيين معاودة تسليح «المعارضة المعتدلة»

TT

وفد من «الجيش الحر» يناقش مع مسؤولين أميركيين معاودة تسليح «المعارضة المعتدلة»

اعتبرت مصادر سورية معارضة أن الحركة الأميركية في الأسابيع القليلة الماضية توحي برغبة واشنطن في وضع حد لـ«سياسة الانكفاء» التي انتهجتها في التعامل مع الملف السوري، ما أدّى إلى تعاظم دور روسيا وتمدد الميليشيات التابعة لإيران. وقالت إن الأميركيين يسعون إلى «إفشال مؤتمر سوتشي» الذي تُعد له موسكو، وإن ذلك «خطوة أولى» في هذا المسار الجديد للإدارة الأميركية التي استضافت قبل أيام وفد «الهيئة العليا للتفاوض» برئاسة نصر الحريري، وتستضيف أيضاً وفداً من فصائل «الجيش السوري الحر» بدأ جولة في الولايات المتحدة تستمر أسبوعين، حيث التقى مسؤولين في الكونغرس، على أن يلتقي، بحسب معلومات «الشرق الأوسط»، مسؤولين في الخارجية الأميركية وفي مجلس الأمن القومي، وغيرهما من الإدارات والأجهزة. وقالت مصادر معارضة إن «الجيش الحر» يريد إقناع الأميركيين بمعاودة برنامج تسليح الفصائل «المعتدلة».
ويضم وفد «الجيش الحر» قياديين من أبرز فصائل الشمال السوري، بالإضافة إلى أسامة أبو زيد الناطق السابق باسم وفد الفصائل المسلحة للمعارضة السورية إلى مؤتمر آستانة، ورئيس مجلس محافظة الرقة سعد الشويش، وأحد المستشارين في الحكومة المؤقتة. وبحسب أبو زيد، فإن هذه الزيارة منفصلة كلياً عن تلك التي قام بها وفد «الهيئة العليا للتفاوض»، لافتاً إلى أن هيئات سورية - أميركية تشرف على تنظيمها بالتعاون مع الإدارة الأميركية.
وقد لمس الوفد في القسم الأول من الزيارة التي تخللتها بشكل رئيسي لقاءات مع أعضاء في الكونغرس: «توجهاً أميركياً لاتخاذ إجراءات جديدة للتصدي لنفوذ ميليشيات إيران في سوريا»، وقال أبو زيد لـ«الشرق الأوسط»: «لمسنا أن هناك خطوات قريبة وحديثاً متصاعداً داخل أروقة الكونغرس باتجاه الدفع لإقرار قوانين جديدة، للتضييق على النظام والميليشيات التابعة لطهران، وأبرزها يقضي بتصنيف هذه الميليشيات على لوائح الإرهاب».
من جهته، وصف مصطفى سيجري، رئيس المكتب السياسي في «لواء المعتصم»، وعضو وفد «الحر» إلى واشنطن، زيارتهم بأنها تأتي في إطار السعي إلى «تعزيز التعاون بين (الجيش السوري الحر) والولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب بمختلف أشكاله وأسمائه، ومواجهة التمدد الإيراني في المنطقة»، لافتا في تصريح إلى «الشرق الأوسط» إلى أن لدى «الجيش الحر» وواشنطن «أعداء مشتركين، هم (حزب الله) وإيران و(القاعدة)، و(داعش)، ونعتبر أن كل هؤلاء يعملون لصالح (رئيس النظام السوري بشار) الأسد، والقضاء عليهم في سوريا يعني إنهاء لحكم الأسد». وأوضح سيجري أنّه يتم خلال الزيارة الحالية للولايات المتحدة «البحث في آلية التصدي لهذه المجموعات، علماً بأن الموضوع قد تأخر أصلاً، وكان يستوجب التحرك سابقاً؛ لكن تعقيدات المشهد في سوريا تسببت في هذا التأخير، وأتاحت الفرصة للتنظيمات الإرهابية كـ(حزب الله) و(داعش) والميليشيات الإيرانية للتمدد». وأضاف: «قلنا سابقاً إننا لن نقف مكتوفي الأيدي أمام غطرسة المحتل الروسي»، بحسب وصفه، و«لن نسمح بتمرير مؤتمر سوتشي، وما نقوم به اليوم من اجتماعات ولقاءات يأتي في هذا السياق».
وقد أطلع الوفد العسكري المسؤولين الأميركيين على «نتائج وقف دعم المعارضة المعتدلة، ما أدّى لتحقيق إيران والميليشيات الأجنبية تقدماً على الأرض السورية، كما على خروقات وقف التصعيد في الشمال والجنوب»، بحسب ما قال أبو زيد، الذي أضاف إنه تم إبلاغ الأميركيين بأن «المشروع الإيراني في سوريا شارف على نهايته من خلال تشكيل (حزب الله) السوري الذي سيسيطر على دمشق، وعلى الجيوب الثائرة حولها». وتابع: «كما عرضنا لخطورة ما يحضّر له في سوتشي، ولمسنا تجاوباً أميركياً كبيراً معنا في هذا الملف، وقد نبهنا من خطورة تنفيذ الرؤية الروسية في جنيف؛ خاصة أنها تتقاطع مع طرح (المبعوث الدولي ستيفان) دي ميستورا الجديد، بالتركيز على الدستور والانتخابات».
ويدفع وفد «الحر» كما «الهيئة العليا للمفاوضات» لإعادة تفعيل برنامج تسليح الفصائل المعتدلة، الذي تم وقفه في يوليو (تموز) 2017. وقد أعلن نصر الحريري عن اتصالات ومحادثات لمحاولة استئناف هذا البرنامج، وأوضح في حوار مع قناة «الحرة» الأميركية أنّه «من دون هذا الدعم ستقع الفصائل فريسة للتنظيمات الإرهابية». وأضاف أن النقاشات بين وفد المعارضة السورية وأعضاء في الكونغرس وكذلك مع مستشار الأمن القومي الأميركي، إتش آر ماكماستر، تضمنت تنبيهاً لـ«خطورة وقف برنامج الدعم» في ظل ما وصفه بحملة «بربرية» يشنها النظام السوري وحلفاؤه في الغوطة الشرقية وإدلب.
وأفادت «الهيئة العليا للمفاوضات»، في بيان، بأن الحريري التقى ماكماستر ليل الجمعة في نيويورك، وقد أكد على «ضرورة قيام واشنطن بدورها في وقف الهجمات الإرهابية على المدن والبلدات السورية، وعلى الأخص في إدلب والغوطة الشرقية بريف دمشق»، لافتاً إلى أن تلك الهجمات «تعكس استراتيجية النظام وحليفيه الروسي والإيراني في الاستمرار بالنهج العسكري وعرقلة أي حل سياسي». ودعا الحريري إلى «تفعيل العملية السياسية في جنيف، وفق بيان جنيف والقرار 2254»، معتبراً أن «ما يقف بوجه تقدم المفاوضات هو تعنت النظام وتمنّعه عن الخوض بمناقشة تطبيق القرارات الدولية». ولفت رئيس «هيئة التفاوض» إلى أن تجربة جولات جنيف السابقة أظهرت فشل موسكو في تحقيق الضغط الكافي على النظام للانخراط بشكل جدي في العملية التفاوضية، متشككاً في قدرة الروس على تحقيق أي إنجاز جديد في مؤتمر سوتشي. وكان وفد «هيئة التفاوض» قد التقى عدداً من الدبلوماسيين الأميركيين وأعضاء الكونغرس خلال اليومين الماضيين، وناقش معهم الوضع الإنساني الصعب الذي يعاني منه المدنيون السوريون. كما بحث معهم المخاطر الناجمة عن الانكفاء الأميركي خلال السنوات السابقة لصالح التقدم الروسي، الذي اعتبره وفد الهيئة «قد أفقد التوازن في المنطقة، وأطلق يد روسيا والميليشيات الإيرانية».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.