تعهدات الاستثمار في كوريا الجنوبية تعكس اتجاهها وترتفع بشكل قياسي

التكنولوجيا تنتصر على الكابوس النووي

TT

تعهدات الاستثمار في كوريا الجنوبية تعكس اتجاهها وترتفع بشكل قياسي

استطاعت كوريا الجنوبية أن تسجِّل أعلى معدل في تاريخها لتعهدات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الربع الأخير من العام الماضي، بعد أن سجّلت تلك التعهدات تراجعاً خلال التسعة أشهر السابقة متأثرة بالأزمة النووية في كوريا الشمالية.
وبلغت قيمة تعهدات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) إلى ديسمبر (كانون الأول) الماضيين نحو 9.3 مليار دولار، وهو ما يجعل إجمالي قيمة تلك التعهدات خلال 2017 عند 22.9 مليار دولار، وتتجاوز هذه القيمة حجم التعهدات التي استهدفتها البلاد لهذا العام بنحو 3 مليارات دولار كما تزيد عن تعهدات 2016 بقيمة 7.7 مليار دولار.
ونقلت وكالة «يونهاب» الكورية، أمس، عن وزير التجارة الكوري قوله إن تعهدات الاستثمار بلغت مستوى قياسياً على خلفية الاهتمام بالتكنولوجيا المتقدمة والقطاعات الصناعية، على الرغم من التوتر العسكري مع كوريا الشمالية.
وكانت قيمة تعهدات الاستثمار الأجنبي المباشر في كوريا تراجعت خلال الأرباع الثلاثة والأولى من العام الماضي بمعدل 9.7 في المائة، عن الفترة ذاتها من العام الماضي، خصوصاً مع تزايد ممارسات الحمائية من جانب الشركاء التجاريين الرئيسيين للبلاد، لتنخفض تعهدات الاستثمار بواسطة أكبر شريكين تجاريين لكوريا، وهما الولايات المتحدة والصين، اللذان زاد كل منهما إجراءات الحماية التجارية.
وقال وزير التجارة الكوري في بيان، أمس، إن من عوامل جذب الاستثمار في بلاده رغبةَ المستثمرين في العمل بالقطاع الصناعي الذي يشهد «ثورة صناعية رابعة»، وتطور عملية تحديث الهيكل الصناعي للبلاد.
وأوضحت وكالة «يونهاب» أن تعهدات الاستثمار من الولايات المتحدة خلال العام الماضي مثلت 21 في المائة تقريباً من إجمالي التعهدات بقيمة 4.7 مليار دولار، وذلك بفضل الاستثمارات الموجهة لقطاعي الـ«آي تي» وصناعة القطع الإلكترونية.
كما ارتفعت تعهدات الاستثمارات اليابانية خلال العام الماضي بنحو 48.5 في المائة إلى 1.8 مليار دولار، ويتركز اهتمام اليابانيين على قطاعي الصلب والعقارات.
بينما تراجعت تعهدات البلدان الأوروبية بنحو 4.5 في المائة لتقتصر على نحو 7 مليارات دولار، وهو ما أرجعته «يونهاب» إلى عدم اليقين الذي يشهده التكتل الاقتصادي بسبب عملية خروج بريطانيا من الاتحاد أو ما يُعرَف بـ«بريكست».
كما هوَت تعهدات الاستثمار الصينية بنحو 60.5 في المائة، عند 801 مليون دولار، بسبب تضييق الضوابط على الاستثمارات الخارجية.
وتجذب الشركات الناشئة في مجال الهاتف الجوال والحلول التقنية الاستثمارات الأجنبية في ظل تطلع المستثمرين للاستفادة من الأفكار الإبداعية التي تنتجها كوريا تحت شعار الثورة الصناعية الرابعة.
وبحسب وكالة «يونهاب»، فقد زادت قيمة الاستثمارات الفعلية التي تمت بواسطة الشركات والمستثمرين الأجانب خلال 2017 بنسبة 20.9 في المائة، مقارنة بالعام السابق، لتصل إلى 82.‏12 مليار دولار.
ونقلت الوكالة عن وزير التجارة قوله: «من المتوَقَّع أن يستمر الاستثمار الأجنبي المباشر في اتجاهه الصعودي بما يعكس الاتجاه الحالي والمشروعات الواعدة... تأثير رفع معدل الفائدة وتخفيض ضرائب الشركات في الولايات المتحدة والتوتر الجيوسياسي لا يزال من عوامل عدم اليقينية المحتملة».
من جهة أخرى، كشف استطلاع للرأي نُشرت نتائجه، أمس، عن أن 61 في المائة من الكوريين الجنوبيين لا يقبلون العمال الأجانب كأفراد في المجتمع.
وأوضح الاستطلاع الذي أجرته وكالة «جي آر آي» لاستطلاعات الرأي وشمل 820 شخصاً في سبع مدن في الفترة من 31 يوليو (تموز) حتى 25 أغسطس (آب)، أن 61.1 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع يقولون إنه من الصعب قبول العمال الأجانب كأعضاء في المجتمع الكوري.
وتمثل هذه النسبة زيادة قدرها 3.6 في المائة مقارنة باستطلاع مماثل أُجرِي عام 2013، بحسب وكالة «يونهاب» للأنباء.
ويُعرف العمال الأجانب في الاستطلاع بأنهم الذين يقيمون في كوريا الجنوبية مع عقد تبلغ فترته 3 سنوات بموجب نظام تصاريح العمل.
وذكر 13.4 في المائة ممن شملهم الاستطلاع أنهم يرفضون الإقامة طويلة الأمد للأجانب أو الاستقرار في البلاد من أجل الزواج من الكوريين أو العمل.
وذكرت وكالة «جي آر آي» أن التصورات السلبية بشأن العمال الأجانب «تتنامى متأثرة بركود الاقتصاد المحلي»، مشيرة إلى «ضرورة تحسين التصورات نظرا لتحويل المجتمع الكوري الجنوبي إلى مجتمع متعدد الثقافات».



«بنك اليابان» أمام قرار تاريخي... هل يرفع الفائدة الأسبوع المقبل؟

العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
TT

«بنك اليابان» أمام قرار تاريخي... هل يرفع الفائدة الأسبوع المقبل؟

العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)

يعقد «بنك اليابان» آخر اجتماع له بشأن سياسته النقدية لهذا العام الأسبوع الجاري، ليأخذ قراراً بشأن أسعار الفائدة وذلك بعد ساعات قليلة من قرار «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي المتوقع بخفض الفائدة.

فما الذي يمكن توقعه ولماذا يعتبر قرار «بنك اليابان» بشأن الفائدة ذا أهمية خاصة؟

في مارس (آذار) الماضي، أنهى «بنك اليابان» مسار أسعار الفائدة السلبية، ثم رفع هدف الفائدة القصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة في يوليو (تموز)، مشيراً إلى استعداده لرفع الفائدة مرة أخرى إذا تحركت الأجور والأسعار بما يتماشى مع التوقعات.

وثمة قناعة متزايدة داخل «بنك اليابان» بأن الظروف باتت مؤاتية لرفع الفائدة إلى 0.5 في المائة. فالاقتصاد الياباني يتوسع بشكل معتدل، والأجور في ارتفاع مستمر، والتضخم لا يزال يتجاوز هدف البنك البالغ 2 في المائة منذ أكثر من عامين.

ومع ذلك، يبدو أن صانعي السياسة في البنك ليسوا في عجلة من أمرهم لاتخاذ هذه الخطوة، نظراً لتعافي الين الذي ساهم في تخفيف الضغوط التضخمية، بالإضافة إلى الشكوك المتعلقة بسياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي قد تؤثر على الرؤية الاقتصادية المستقبلية، وفق «رويترز».

وسيكون القرار بشأن رفع الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) أو تأجيله إلى اجتماع آخر في 23-24 يناير (كانون الثاني) صعباً، حيث سيعتمد ذلك على مدى اقتناع أعضاء المجلس بأن اليابان ستتمكن من تحقيق هدف التضخم بشكل مستدام.

ناطحات السحاب والمباني المزدحمة في طوكيو (أ.ب)

ماذا قال صانعو السياسة في «بنك اليابان» حتى الآن؟

يحافظ صانعو السياسة في «بنك اليابان» على غموض توقيت رفع الفائدة المقبل. وفي مقابلة إعلامية حديثة، قال الحاكم كازو أويدا إن رفع الفائدة المقبل قريب، ولكنه لم يوضح بشكل قاطع ما إذا كان ذلك سيحدث في ديسمبر.

إلا أن المفاجأة جاءت من عضو مجلس الإدارة تويواكي ناكامورا، الذي أشار إلى أنه ليس ضد رفع الفائدة، لكنه شدد في المقابل على ضرورة أن يعتمد القرار على البيانات الاقتصادية المتاحة.

وبينما يركز «بنك اليابان» على رفع الفائدة بحلول مارس المقبل، تشير التصريحات غير الحاسمة إلى أن البنك يترك لنفسه حرية تحديد التوقيت المناسب لهذه الخطوة.

متى تتوقع الأسواق والمحللون رفع أسعار الفائدة التالي؟

أكثر من نصف الاقتصاديين الذين تم استطلاعهم من قبل «رويترز» الشهر الماضي يتوقعون أن يقوم «بنك اليابان» برفع أسعار الفائدة في ديسمبر. كما يتوقع حوالي 90 في المائة من المحللين أن يرفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة إلى 0.5 في المائة بحلول نهاية مارس 2024.

في المقابل، تقوم السوق بتسعير احتمال رفع الفائدة في ديسمبر بحوالي 30 في المائة فقط.

كيف يمكن أن تتفاعل السوق؟

سيأتي قرار «بنك اليابان» بعد ساعات قليلة من قرار «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي»، الذي من المتوقع أن يقوم بتخفيض أسعار الفائدة. وقد يؤدي هذا التباين في التوجهات بين المصرفين المركزيين إلى تقلبات في قيمة الين وعوائد السندات.

ومن المحتمل أن يؤدي رفع الفائدة من قبل «بنك اليابان» إلى تعزيز قيمة الين. أما إذا قرر البنك إبقاء الفائدة كما هي، فقد يؤدي ذلك إلى ضعف الين، على الرغم من أن الانخفاض قد يكون محدوداً إذا قامت السوق بتسعير احتمالية رفع الفائدة في يناير بسرعة.

ما الذي يجب أن تراقبه السوق أيضاً؟

بغض النظر عن قرار «بنك اليابان» بشأن رفع الفائدة أو تثبيتها، من المتوقع أن يقدم محافظ البنك أويدا إشارات بشأن المسار المستقبلي لأسعار الفائدة ويحدد العوامل التي قد تحفز اتخاذ هذه الخطوة في مؤتمره الصحافي بعد الاجتماع.

وإذا قرر «بنك اليابان» الإبقاء على الفائدة ثابتة، فقد يتجنب أويدا تقديم إشارات حادة لتفادي حدوث انخفاضات غير مرغوب فيها في قيمة الين، مع توضيح العوامل الرئيسية التي سيركز عليها في تقييم توقيت رفع الفائدة.

من ناحية أخرى، إذا قرر «بنك اليابان» رفع الفائدة، قد يتبنى أويدا موقفاً متساهلاً لتطمين الأسواق بأن البنك لن يتبع سياسة رفع الفائدة بشكل آلي، بل سيتخذ قراراته بحذر بناءً على الوضع الاقتصادي.

إضافة إلى قرار الفائدة، سيصدر «بنك اليابان» تقريراً حول إيجابيات وسلبيات أدوات التيسير النقدي غير التقليدية التي استخدمها في معركته المستمرة منذ 25 عاماً ضد الانكماش، وهو ما يمثل خطوة رمزية نحو إنهاء التحفيز الضخم الذي تبناه البنك.

محافظ «بنك اليابان» في مؤتمر صحافي عقب اجتماع السياسة النقدية في أكتوبر الماضي (رويترز)

ومن المتوقع أن يستخلص هذا التقرير أن تخفيضات أسعار الفائدة تظل أداة أكثر فعالية لمكافحة الركود الاقتصادي مقارنة بالتدابير غير التقليدية مثل برنامج شراء الأصول الضخم الذي نفذه المحافظ السابق هاروهيكو كورودا.

ماذا سيحدث بعد ذلك؟

إذا رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة، فمن المحتمل أن يبقى على نفس السياسة النقدية حتى أبريل (نيسان) على الأقل، عندما ينشر التوقعات الفصلية الجديدة التي تمتد حتى السنة المالية 2027 لأول مرة.

أما إذا قرر البنك الإبقاء على الفائدة ثابتة، فإن انتباه الأسواق سيتحول إلى البيانات والأحداث الهامة التي ستسبق اجتماع يناير، مثل خطاب أويدا أمام اتحاد رجال الأعمال «كيدانرين» في 25 ديسمبر، وظهور نائب المحافظ ريوزو هيمينو في 14 يناير.

ومن المرجح أن يقدم تقرير «بنك اليابان» ربع السنوي عن الاقتصادات الإقليمية، الذي سيصدر قبل اجتماع 23-24 يناير، مزيداً من الوضوح لأعضاء مجلس الإدارة بشأن ما إذا كانت زيادات الأجور قد انتشرت على نطاق واسع في أنحاء البلاد.