معرض «كراش» لنانسي دبس صور ناطقة لتكنولوجيا مدمرة

إحدى الصور الفوتوغرافية التي يتضمنها معرض «كراش» لنانسي
إحدى الصور الفوتوغرافية التي يتضمنها معرض «كراش» لنانسي
TT

معرض «كراش» لنانسي دبس صور ناطقة لتكنولوجيا مدمرة

إحدى الصور الفوتوغرافية التي يتضمنها معرض «كراش» لنانسي
إحدى الصور الفوتوغرافية التي يتضمنها معرض «كراش» لنانسي

اجتياح التكنولوجيا لعالمنا مع كل ما يتضمنه من سلبيات وإيجابيات، وضعته المصورة الفنانة نانسي دبس حداد في معرضها للصور الفوتوغرافية «كراش». علامات استفهام كبيرة حول انتشار هذه الظاهرة وتأثيرها على الإنسان، ترجمتها الفنانة اللبنانية من خلال أعمالها المستنبطة من عالم المصانع والشرائط الممغنطة ولوحات الـ«كي بورد» في أجهزة الحاسوب الآلي والأجهزة المحمولة، وغيرها من الآلات الإلكترونية. فتحويل هذه الآلات إلى وجوه أشخاص تنظر إليك بعيون مبحلقة وبنظرات فيها الكثير من العتاب والخوف والحزن، كما الولادة والموت والحياة، أخرجت هذا المعرض عن المألوف، بحيث شكّل واحة فنية تنطوي على العلم والتكنولوجيا والإنسانية معاً. فنانسي التي كانت ترافق والدها في صغرها إلى مصنع للمفروشات يملكه في ضواحي بيروت، ولدتْ لديها علاقة وطيدة مع المكننة، وانطبعت في ذاكرتها إلى حد جعلها تنظر إلى الآلة من منظار فني بعيد كل البعد عن صلابة الحديد الذي يغطيها، وعن قسوة قطعها الجامدة التي تتألف منها». «كنت أتجول في أحد مناطق بيروت أثناء أزمة النفايات التي عاشتها العاصمة اللبنانية، عندما لفتتني تلّة من الآلات المرمية جانباً بعد أن انتهت صلاحيتها والمكدسة كجبل أسود»، تروي الفنانة لـ«الشرق الأوسط»، وتضيف: «سميت معرضي هذا (كراش) لأنها كلمة تعني بالإنجليزية (موت آلة الحاسوب الآلي) عندما يتوقف عن العمل فجأة، وقررت انطلاقاً من هذه الفكرة أن أعيد تدوير هذه الآلات على طريقتي بعد أن استحدثت لها عالماً ينبض بالحياة، ويملك وجهاً شبيهاً إلى حد كبير بوجه الإنسان».
أكثر من 30 صورة فوتوغرافية التقطتها نانسي دبس حداد عن قرب، مظهرةً تفاصيلها التي تنم عن تركيبة آلات تسبح في كمية من البراغي والأزرار والشرائط مستفيدة من مشهديتها هذه، لتبدو من خلال عدسة كاميرتها وكأنها سماء تتلألأ بالنجوم أو مدينة مضاءة طرقاتها وبيوتها بالأنوار الكهربائية. فيما عبثت بشاشة كومبيوتر سوداء وبلوحة مفاتيحه المفككة، لتبدو وكأنها وجوه تصرخ خوفاً من مستقبل مظلم.
«عندما اقتربت عدستي من هذه القطع الممكننة، التي حاولت تنظيفها قدر الإمكان من الغبار والأوساخ، قررت محاولة إعادة ولادتها في عالم جديد رسمته في خيالي». توضح نانسي دبس المعروفة في فن التصوير المصنعي، وتتابع: «تخيلت تلك القطع على شكل حيوان حيناً وشكل إنسان حيناً آخر، ورأيتها مرات أخرى مساحات واسعة من البحر والبر. فولدت الصور تلو الأخرى لتؤلف كياناً خاصاً بها هو بمثابة عالم يكتظ بـ(الإنسان الآلة) (روبوت)، الذي بات يغزو حياتنا اليومية بشكل أو بآخر. فطرحت سؤالاً كبيراً (إلى أين نحن ذاهبون)، وضربت على الوتر الحساس في عصرنا هذا بعد أن صار هناك من إمكانية انقراض الإنسان وحلول الآلة مكانه». اتبعت المصورة اللبنانية طريقاً واضحاً لولادة عالمها هذا متخذة من «برغ» مفكوك مربوط بسلك قصير، ليشكل نقطة البداية لعالم مجهول. ولتكر بعد هذه الصورة أخرى مختلفة تبين تكاثر هذه المخلوقات بعيون مبحلقة بالفراغ حيناً، وبالعتمة والأضواء حيناً آخر. ولتبدو في صور ذات أحجام وقياسات أكبر، وكأنها مخلوقات تتربص بالإنسان، وتنوي احتلال أرضه.
«الأقنعة» و«الشبكة» و«الولادة» و«المفاجأة» هي بعض الأسماء التي أطلقتها نانسي دبس على أعمالها المصورة هذه. «إن بعضها ترين فيها شكل حيوان ومنزل ومركبة، فيما غالبيتها ترتكز على وجود العينين فيها لتشكل المفتاح الذي معه يستطيع مشاهد الصورة فكّ رموزها وملامح عيون تلك المخلوقات التي تحاول اكتشاف ما يدور حولها».
الصعوبة الأهم التي واجهت نانسي دبس في تنفيذ أعمالها بالتقنية المستعملة في التصوير، وقالت: «إن الكاميرا وعدساتها ساهمتا، وبفضل مستواها الرفيع بالتقاط التفاصيل الصغيرة التي ساعدتني برسم تلك المخلوقات في مخيلتي». ركنت نانسي دبس إلى الأسود والأبيض مرات، وإلى ألوان أخرى كالأحمر والفوشيا والأصفر في إشارة منها إلى حالة الانبعاث من العدم (الأسود) إلى الحياة (الأبيض)، وكذلك إلى الذرية والكونية. وفي مجموعة أخرى تتألف من ثلاث صور ملونة استعارت الفنانة اللبنانية من القردة الثلاثة الحكيمة الفكرة الرئيسية لها، مع إجراء تغيير بسيط فيها تمثّل بفتح أفواهها، وكأنها تطلق صرخات تلو الأخرى سعياً وراء التغيير.
عالم مختلف بمخلوقاته وأفكاره ورموزه يتضمنه معرض «كراش» لنانسي دبس حداد في غاليري «أليس مغبغب» في الأشرفية، الذي يفتح أبوابه حتى نهاية العام الحالي.



«جائزة الشجاعة» لفتاة في التاسعة «أهدت» جدّتها عمراً جديداً

الجدّة والحفيدة الشُّجاعة (مواقع التواصل)
الجدّة والحفيدة الشُّجاعة (مواقع التواصل)
TT

«جائزة الشجاعة» لفتاة في التاسعة «أهدت» جدّتها عمراً جديداً

الجدّة والحفيدة الشُّجاعة (مواقع التواصل)
الجدّة والحفيدة الشُّجاعة (مواقع التواصل)

مُنحت «جائزة الشجاعة» إلى فتاة رأت أنَّ جدتها تعاني سكتةً دماغيةً، فطبَّقت تعليمات حفظتها من أجل إنقاذها. وأدركت صفاء حسين، البالغة 9 سنوات، من شيبلي بغرب يوركشاير بإنجلترا، الأعراض التي ينبغي الانتباه إليها بعدما تعلّمتها في المدرسة الابتدائية؛ فحصلت على شهادة تقدير من عمدة مدينة برادفورد ضمن حفل استقبال خاص. كما كُرِّمت المُساعِدة في التدريس، هيلين ماثيوز، التي أدارت درس الإسعافات الأولية خارج المنهج الدراسي.

وقال رئيس بلدية المدينة بيف مولاني: «إنه لأمرٌ عظيم أن نعترف بشجاعة صفاء والتعليم الممتاز الذي تلقّته، مما سمح لها باتخاذ إجراءات للمُساعدة في إنقاذ جدّتها. أحسنت صفاء بحفاظها على هدوئها وتقديمها المُساعدة». تغيَّبت صفاء عن المدرسة، وأقامت مع جدّتها ماري شيخ (79 عاماً)، بينما كانت والدتها في العمل.

علَّقت الصغيرة: «عندما جلستُ على سريرها، حاولت تقديم بعض الطعام لها، لكنها لم تستطع تناوله. جرّبتُ كل ما قالته السيدة ماثيوز، وكنتُ أعلم أنها أُصيبت بسكتة دماغية». وتابعت: «اتصلتُ بأمي وقلتُ لها: (عليكِ الاتصال بسيارة إسعاف. جدّتي مصابة بسكتة دماغية)؛ ففعلت ذلك». أخذت سيارة الإسعاف، شيخ، إلى مستشفى برادفورد الملكي حيث تلقَّت علاجاً مُنقذاً للحياة. أضافت صفاء: «كانت سكتة دماغية مخيفة. أشعر بالسعادة والحماسة لأن جدّتي لا تزال بيننا».

شهادة تقدير على العمل البطولي (مواقع التواصل)

بدورها، روت والدتها، عائشة شيخ (49 عاماً)، أنها تركت ابنتها مع والدتها، وبعد 40 دقيقة تلقَّت المكالمة الهاتفية. وقالت: «دعتني قائلة إنّ جدّتها في حالة سيئة وتعرَّضت لسكتة دماغية. قلتُ لها: (ماذا تعنين؟ أنت في التاسعة، كيف عرفتِ أنها أصيبت بسكتة دماغية؟)، فأجابت: (قدَّمتُ لها نوعاً من الإفطار ولم تستطع تناوله. وأيضاً كان وجهها شاحباً ولم تستطع التحدُّث. إنها بطلتنا الصغيرة. لقد أنقذتها. لم تكن لتنجو لولا ذلك». وتابعت: «ولولا الآنسة ماثيوز أيضاً التي لقّنتها الإرشادات».

أما ماثيوز فأكدت أنّ أحد أدوارها كان تعليم الإسعافات الأولية من السنة الأولى حتى السادسة: «إنه ليس جزءاً من المنهج الوطني، لكننا نعتقد أنه من الجيّد تعليم الأطفال». وأضافت أنّ أحد الأشياء التي علّمتها كانت أهمية «الساعة الذهبية» وكيفية التصرُّف خلالها: «قال المسعفون إنّ هذا ما أنقذ الجدّة، لأنّ صفاء أنجزت دورها بسرعة، ونحن فخورون بها».