بوتين: القاعدتان في سوريا لحماية المصالح الروسية

قال إن العملية العسكرية شارك فيها أكثر من 48 ألف جندي وضابط

قاعدة طرطوس البحرية الروسية (سبوتنك)
قاعدة طرطوس البحرية الروسية (سبوتنك)
TT

بوتين: القاعدتان في سوريا لحماية المصالح الروسية

قاعدة طرطوس البحرية الروسية (سبوتنك)
قاعدة طرطوس البحرية الروسية (سبوتنك)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس: إن الطيارين الروس نفذوا 34 ألف طلعة جوية، وإن 48 ألف عسكر روسي شاركوا في العمليات في سوريا، كما أكد أن القاعدتين الروسيتين في حميميم وطرطوس ستواصلان عملهما بشكل دائم، مشيراً إلى أنهما تعدان قلعتين مهمتين لحماية المصالح الروسية.
وأضاف خلال تقليده أوسمة جنوداً وضباطاً شاركوا في العملية العسكرية في سوريا: إن روسيا بأسطولها وجيشها عرضت في سوريا قدراتها المتزايدة بشكل كامل، وقامت باستخدام ناجح للأسلحة والمعدات الحديثة.
ونقلت نوفوستي، عن الرئيس الروسي قوله أن القوات الروسية المشاركة في هذه العملية نفذت المهام كافة الملقاة على عاتقها. وتابع: «نفذتم بشكل ممتاز ومحترم المهام الصعبة في الأراضي السورية، وعدتم إلى الوطن وإلى ذويكم منتصرين».
ووعد في الوقت ذاته بتقديم العون المستمر لذوي الجنود والضباط الذين قضوا خلال القتال في سوريا.
وأشاد الرئيس الروسي بالدور «الجوهري» الذي لعبته روسيا في الهزيمة التي لحقت بتنظيم داعش في سوريا، حيث خسر القسم الأكبر من مناطق سيطرته. وقال إن «روسيا قدمت مساهمة حيوية في هزيمة قوى الإجرام التي تحدت الحضارة برمتها، وفي تدمير جيش إرهابي وديكتاتورية همجية».
وتابع أن هذه القوات «كانت تنشر الموت والدمار (...) وتطمح لتجعل من سوريا والدول المجاورة لها ميداناً مواتياً لشن هجوم شامل يستهدف بلدنا».
وبدأ الجيش الروسي في 12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، انسحاباً جزئياً لقواته من سوريا إثر إعلان بوتين أن مهمتها «أنجزت بنجاح» بعد سنتين من التدخل العسكري لدعم النظام السوري.
وقال بوتين: إنه «تم القضاء على عتاد (مقاتلي التنظيم) وقياداتهم والبنى التحتية وآلاف المقاتلين» منذ بدء العملية الروسية التي شارك فيها بالإجمال «أكثر من 48 ألف جندي وضابط روسي». ويشمل هذا العدد، بحسب بوتين، طيارين وعناصر بحرية، ووحدات من الشرطة العسكرية، وعناصر استخبارات وارتباط، ومستشارين عسكريين.
وسيبقي الجيش الروسي في سوريا على مركزه لمصالحة القوى المتحاربة، وثلاث كتائب من الشرطة العسكرية، كما سيحتفظ بقاعدة حميميم الجوية وسيوسع قاعدة طرطوس البحرية.
وقال بوتين: «إنكم تدركون وتعلمون وتشعرون أكثر من أي شخص آخر بأن الجيش شهد تغيراً جذرياً خلال هاتين السنتين ونيف. تغير لأن الناس شعروا أنه بالمستوى المطلوب»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، وتابع: «فهموا كيف تعمل معداتنا العسكرية وأجهزة القيادة والتموين، وإلى أي حد باتت قواتنا المسلحة حديثة. العالم بأسره رأى ذلك، والأهم أن شعبنا أيضاً رآه».
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قد طالب أمس القوات الأميركية بمغادرة الأراضي السورية بعد إنجاز المهام في القضاء على الإرهاب. وقال لافروف في حوار مع وكالة «إنتر فاكس»: إن روسيا أكدت أكثر من مرة للولايات المتحدة أنه إذا كان هدفها في سوريا التصدي للإرهاب، فهناك مجالات إذن للتعاون، وأشار إلى أن موسكو تنطلق من أن القوات الأميركية يجب أن تغادر سوريا بعد القضاء على بقايا الإرهابيين بشكل تام. وانتقد تصريحات وزير الدفاع الأميركي التي قال فيها: إن القوات الأميركية ستبقى في سوريا إلى أن يتم تحقيق التسوية السياسية للأزمة السورية. وكرر الاتهامات للولايات المتحدة بأن وجود قواتها على الأراضي السورية غير شرعي، وقال: إن «مجلس الأمن الدولي لم يوافق على عمل الولايات المتحدة والتحالف الذي تقوده في سوريا، كما لم تدعوها الحكومة السورية الشرعية».
إلى ذلك، عبرت الخارجية الروسية أمس عن قلقها إزاء ظهور أسلحة جديدة لدى المعارضة في سوريا، وقالت ماريا زاخاروفا، المتحدثة الرسمية باسم الخارجية في تصريحات أمس: إن المسلحين في سوريا قاموا يوم 27 من الشهر الحالي باستهداف قاعدة حميميم بصواريخ، وأكدت أن منظومة الدفاع الجوي الروسي اعترضت اثنين من تلك الصواريخ ودمرتهما. كما لفتت إلى إسقاط الفصائل في إدلب مقاتلة تابعة للنظام السوري بواسطة صاروخ محمول على الكتف، وقالت: «تلقت موسكو بقلق استفزاز الإرهابيين (...) وما يثير القلق هو أن أسلحة جديدة تظهر بحوزة الإرهابيين، تسمح لهم بتنفيذ مثل تلك العمليات»، ورأت في هذه الوقائع تأكيداً على أن «تزويد هذه المجموعات في سوريا بالسلاح لم يتوقف حتى الآن». وانتقدت زاخاروفا، أمس، تصريحات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، التي وصف الأسد فيها بـ«الإرهابي»، وقالت بهذا الخصوص: «يمكن الحديث قدر الإمكان عن أخطاء النظام السوري، لكن لا أساس قانونياً لمثل تلك التقييمات».
وفي حديثها عن مؤتمر الحوار السوري في سوتشي، أكدت زاخاروفا أن العمل مستمر والتحضيرات جارية، وأنه سيتم الإعلان عن المعايير العامة للمؤتمر مطلع العام المقبل.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.