السلطة الفلسطينية تتهم إسرائيل باستخدام غازات سامة ضد المتظاهرين

هنية يتوقع مزيداً من القرارات الأميركية المتشددة بينها ضم المستوطنات لإسرائيل وشطب حق العودة

طفل فلسطيني يبكي خلال تشييع جنازة محمد محيسن بعد استشهاده باشتباكات مع جنود إسرئيليين في قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني يبكي خلال تشييع جنازة محمد محيسن بعد استشهاده باشتباكات مع جنود إسرئيليين في قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

السلطة الفلسطينية تتهم إسرائيل باستخدام غازات سامة ضد المتظاهرين

طفل فلسطيني يبكي خلال تشييع جنازة محمد محيسن بعد استشهاده باشتباكات مع جنود إسرئيليين في قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني يبكي خلال تشييع جنازة محمد محيسن بعد استشهاده باشتباكات مع جنود إسرئيليين في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقع مزيد من الاشتباكات بين فلسطينيين محتجين - بعضهم يرتدى زي بابا نويل - وقوات أمن إسرائيلية، في عدد من المدن، وخاصة في بيت لحم أمس، قبل يوم من بداية احتفالات عيد الميلاد في المدينة الواقعة في الضفة الغربية، في حين اتهمت السلطة الفلسطينية، إسرائيل باستخدام غازات سامة ضد المتظاهرين الفلسطينيين.
وتجمع متظاهرون يرفعون علم فلسطين أمام برج للجيش الإسرائيلي للاحتجاج على إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. واستخدمت القوات الإسرائيلية الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين. وتوجهت وزارة الصحة الفلسطينية إلى المنظمات الإنسانية والحقوقية الدولية بطلب «الكشف عن طبيعة الغازات التي تمعن سلطات الاحتلال في استخدامها بشكل مفرط، والتي أصابت العشرات من المواطنين والمسعفين والصحافيين بالاختناق الشديد والغثيان والتقيؤ وسرعة في نبضات القلب».
وقالت الوزارة الفلسطينية إن قوات الاحتلال الإسرائيلي، استخدمت خلال قمعها للمواجهات التي تدور في الضفة الغربية وقطاع غزة في الأسابيع الثلاثة الأخيرة، غازا ساما مجهولا يسبب حالات إغماء بالإضافة إلى الاختناقات. وأكد الناطق باسم وزارة الصحة في قطاع غزة، أشرف القدرة، في تصريحات للإعلام، أن الوزارة طالبت المنظمات الدولية بالكشف عن طبيعة هذا الغاز غير المعروف، وقال: «لو كنّا نعرف ما هي طبيعة هذا الغاز ما أطلقنا عليه اسم الغاز المجهول».
وطالب القدرة بقدوم طاقم خبراء علمي إلى المستشفيات الفلسطينية التي لا يزال يرقد فيها عدد من المواطنين الذين استنشقوا الغازات التي يطلقها الاحتلال على المتظاهرين. وأضاف أن وزارة الصحة الفلسطينية قامت بتحويل عينات من هذا الغاز للفحص في مختبرات أوروبية، مؤكداً أن «هذا الأمر هو خارج قدرة وزارة الصحة»، وداعياً كل الجهات المعنية لمتابعة هذه الحالات وتتبع طبيعة الغاز الذي يتم استهداف المواطنين به والكشف عن طبيعته.
وقال الناطق باسم وزارة الصحة الفلسطينية في رام الله، أسامة النجار، إنه «وفقاً للمعلومات التي تصلنا فإن الإصابات التي وصلتنا في المستشفيات جراء استنشاق الغاز غريبة وهي تصلنا لأول مرة، وتعاني من أعراض تتمثل في القيء، الصداع، تراخي الأعصاب، حرقة في العين، آلام في العظام والركبة، وغيرها من الأعراض غير المعتادة. وأضاف: يبدو أن نوعا جديدا من الغاز يستخدم في المواجهات عند الحواجز ونقاط التماس.
وقال رئيس دائرة الرصد والتوثيق في مؤسسة «الحق» في رام الله، تحسين عليان، إن استخدام أي سلاح يسبب معاناة للإنسان غير مبررة هو سلاح غير قانوني. وإن موضوع استخدام غاز مجهول «لا يزال قيد البحث في مؤسسة الحق، ونحن بحاجة إلى خبير عسكري وفحوصات من وزارة الصحة للتأكد من ذلك».
الجدير بالذكر أن المواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال، أدت منذ إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، القدس عاصمة لإسرائيل، إلى مقتل 14 فلسطينياً ونحو 3500 جريح. وقال النجار، أمس، إنه من ضمن الإصابات 400 بالرصاص الحي، بينهم 6 إصابات ما زالت في العناية المكثفة في وضع حرج. وأعلنت وزارة الصحة، صباح أمس عن استشهاد الشاب شريف العبد شلاشل (28 عاما)، متأثراً بإصابته برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، شرق مخيم اللاجئين جباليا في قطاع غزة. وواصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي عمليات الاعتقال اليومية في مختلف أنحاء المناطق الفلسطينية. وأفادت مصادر فلسطينية بأن قوات الاحتلال المرابطة عند باب القطانين، وهو أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك، منعت بالقوة مجموعة من السياح الأتراك من دخول الأقصى قبل صلاة العشاء، أول من أمس الجمعة، بحجة «الزي الموحد والأعلام التركية»، وطالبتهم بخلعها. ونقلت مصادر محلية عن شهود عيان أن الأتراك حاولوا الدخول مجدداً إلى الأقصى وهم يرتدون الملابس العادية، إلا أن القوات منعتهم مجددا، وتعمدت استفزازهم، وفي غضون ذلك اعتدت عليهم بالضرب والدفع، واعتقلت أحد الشبان الأتراك من منطقة سوق القطانين، ثم اعتقلت ثلاثة آخرون بالقرب من مركز شرطة باب السلسلة، وتستعد لمحاكمتهم. كما اعتقلت قوات الاحتلال، مصلياً آخر من أوزبكستان خلال قمع المصلين في شارع الواد بمدينة القدس بالضرب والدفع.
وأفاد الفلسطينيون بأن 7 أسرى أصيبوا، مساء الجمعة، جراء اندلاع حريق في قسم العزل في مركز الاعتقال والتحقيق المعروف باسم «المسكوبية» في القدس. وقال الناطق بلسان الشرطة الإسرائيلية المسؤولة عن المعتقل إن الإصابات كانت طفيفة، مضيفة أنه جرى السيطرة على الحريق.
من جهة ثانية، توقع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، أمس، إقدام الإدارة الأميركية على اتخاذ قرارات جديدة وخطيرة بشأن القدس والقضية الفلسطينية. ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (معا) عن هنية قوله، خلال كلمة له في مؤتمر حول القدس أمس، إن «هذه القرارات تتمثل في اعتراف أميركا بيهودية الدولة، وضم المستوطنات لإسرائيل، وإعلان شطب حق العودة للفلسطينيين».
وأضاف هنية أنه «لا يمكن أن نترك القدس أو نغادرها»، مضيفا: «مستمرون في معركة القدس حتى النهاية مهما كلفنا ذلك من تضحيات، وكل ما يقوم به الاحتلال في القدس باطل وزائل، ولا يمكن للأمة أن تتنازل عن القدس، وما نشاهده ليست انتفاضة فلسطينية، وإنما انتفاضة عربية وصلت إلى كل مكونات الأمة». وأكد أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب لن يمر أبدا، مضيفا: «لدينا مخزون استراتيجي هائل، وأن القدس واحدة موحدة لا شرقية ولا غربية هي عاصمة فلسطين الأبدية».
ودعا هنية السلطة الفلسطينية أن تتخذ مواقف واضحة ضد هذا القرار، ولا مجال للضبابية بالموقف، وترتيب البيت الفلسطيني ورفع اليد عن المقاومة والانتفاضة ومراجعة مسيرة التسوية. ووافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخميس، بالأغلبية على قرار يدين إعلان الرئيس ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.