لوحات بحلة تراثية في «حوار فني» مع منحوتات معاصرة بالقاهرة

رسوم محمود مرعي تتناغم وأعمال تامر رجب

لوحات مرعي ومنحوتات رجب في حوار فني بين الماضي والحاضر
لوحات مرعي ومنحوتات رجب في حوار فني بين الماضي والحاضر
TT

لوحات بحلة تراثية في «حوار فني» مع منحوتات معاصرة بالقاهرة

لوحات مرعي ومنحوتات رجب في حوار فني بين الماضي والحاضر
لوحات مرعي ومنحوتات رجب في حوار فني بين الماضي والحاضر

تجربة فنية فريدة، أقدم عليها الفنانان محمود مرعي وتامر رجب، اللذان يخوضان إقامة معرض لرسوم الأول بحلتها التراثية الإسلامية، تبرز جنباً إلى جنب مع أعمال المنحوتات الحداثية المعاصرة للثاني، عبر لغة تشكيلية متناغمة، وباستخدام الأبعاد التعبيرية عكس صاحبا المعرض انفعالاتهما الوجدانية لحظة إبداع كل لوحة أو منحوت.
المعرض الذي افتتحه أخيراً سامح صبحي، مدير عام فندق سميراميس إنتركونتيننتال القاهرة في بهوه الرئيس، ليشير حسب قوله، إلى «حرص الفندق على استضافة معارض دورية تنقل اهتمام إدارته بالثقافة والفنون، وقيمتها وأهميتها في تربية الذائقة الجمالية».
شارك في افتتاح المعرض السفير مختار عمر كبير مستشاري الاتحاد البرلماني الدولي، ورضا إبراهيم صاحب غاليري Picasso East المنظم للمعرض الذي يستمر حتى 26 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وهو يعطي لمحة رائعة عن الفن المصري المعاصر وإبداع الفنانين الشباب لنزلاء الفندق من مختلف الجنسيات.
تُظهر النظرة القريبة للوحات مرعي، أنّها مستوحاة من متون التصوف الإسلامي، وتشتبك بحس صادق مع عظمة الحضارة الإسلامية، وتغلب عليها الألوان الترابية. وتتجلى في لوحاته تفاصيل عالمه التراثي الذي اختار أن يستقي منه أعماله، فيأخذ المتلقي في رحلة تأملية صوفية إلى كتب التاريخ وحكايات وأساطير العرب.
أمّا منحوتات تامر رجب فتتناغم لونياً بين الأخضر والبني مع لوحات مرعي، وقد استطاع من خلالها أن يمزج بين التجريدية والتشخيص، ليقدم معاني دلالية حول صراع الإنسان بين ماضيه وحاضره ومستقبله. فالوجه غير مكتمل الملامح ومن دون تجويف العيون يبدو ككتلة شاخصة إلى السماء يرمز إلى الاعتزاز بالهوية، بينما تؤكد الثنايا المصقولة على الشموخ ومعاني الاعتزاز والكرامة، لكن ربما دون بصيرة. فيما تجسد منحوتة أخرى لوجه تتركز كتلته باتجاه الجاذبية الأرضية، رمزاً للخنوع وضياع الهوية ما بين الحضارات المتعاقبة التي مرت على مصر وأثرت وتأثرت بها. طوع رجب خامة البرونز مستفيداً من تأثيرات الفراغ عبر تجاويف تعبر عن فلسفته الفنية في التجريد التكويني. وهو أيضاً ما يبدو جلياً في منحوتة الطائرين التي تخطف المتلقي، الانسيابية الملحوظة لجسد الطائرين، والخطوط الكنتورية المصقولة للمنحوتة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».