رئيس الأركان الإيراني ينفي وجود شرخ بين قواته

اتهم رئيس الأركان الإيراني محمد باقري «أعداء» إيران بالسعي وراء الانقسام بين القوات المسلحة الإيرانية، وذلك في إشارة إلى خلافات بين الحرس الثوري والجيش الإيراني، فيما تعهد قائد الجيش الإيراني عبد الرحيم موسوي، أمس، بإحداث تغييرات جذرية في هيكل الجيش الإيراني، ليصبح «أكثر ثورية»، وفق أوامر المرشد علي خامنئي.
ونفي رئيس الأركان، خلال مؤتمر قادة الجيش الإيراني الذي تستضيفه العاصمة طهران، وجود أي انقسام بين الجيش والحرس الثوري الإيراني والقوات المسلحة الأخرى، قائلا إنها «تمنع الشرخ بالتدبير والدراية، وإنها في أوج الوحدة». كما تطرق إلى خطر التهديد العسكري الذي يواجه بلاده، قائلاً: «صحيح أن العقل والمنطق يقول إن حرب الأعداء ضد إيران لم تنتج سوى الأضرار، لكن يجب أن نعرف أن الأعداء لا يتمتعون بالعقل والمنطق في سلوكهم».
وأعرب باقري عن ارتياحه لرفع شعار «الجيش الثوري» من قبل قادة الجيش الإيراني، واعتبره «دليلاً على ذكاء» قادة الجيش في توقيت حساس، وتجاوباً مع مطالب المرشد الإيراني علي خامنئي على هذا الصعيد. ولفت إلى أن ارتقاء القدرات القتالية، والتنسيق بين القوات المسلحة «يحفظ إيران في الأوضاع المتوترة التي تشهدها المنطقة».
وتشهد إيران حالة من أزمة الثقة بين قوات «الحرس الثوري»، التي تعد وظيفتها الأساسية حراسة نظام ولاية الفقيه، والجيش الإيراني الذي يعد واجبه الأول الدفاع عن المصالح القومية وسلامة الأراضي الإيرانية. وفي حين يتفاخر «الحرس الثوري» بآيديولوجيته «الثورية» ومصدر مشروعيته، يستمد الجيش مشروعيته من دوره في الحفاظ على المصالح القومية الإيرانية منذ تأسيسه قبل مائة عام.
من جانب آخر، لمح باقري، في خطابه أمس أمام قادة الجيش، إلى احتمال وجود مواجهة عسكرية مع إيران، وذلك في إشارة إلى دعوة السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، الخميس الماضي، إلى تحالف دولي لمواجهة الدور الإيراني، وقال: «أعدائنا يعلمون، وهناك اتحاد آخر يهدف إلى مواجهة نفوذ إيران».
كما أشار باقري إلى عمق النفوذ الإيراني في منطقة غرب آسيا، متهماً الدول الأخرى بالسعي وراء التصدي للنفوذ الإيراني عبر إثارة الفتنة. وفي الاتجاه نفسه، حاول باقري تصنيف خطوة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، المتمثلة في نقل السفارة الأميركية إلى القدس، في إطار الخطوات التي اتخذتها الإدارة الأميركية لمواجهة الدور الإيراني. كذلك، اتهم دولاً غربية بنشر «ثقافة الترهيب» من إيران بين دول المنطقة، واعتبرها «مؤامرة ضد طهران».
كان ذلك منطلق باقري للعودة مرة أخرى إلى ضرورة رفع مستوى الردع لدى القوات الإيرانية، واصفاً جاهزية القوات المسلحة بأنها سبب في عدم تعرض بلاده لضربة عسكرية حتى الآن. وطالب بتوخي الحذر بين القوات الإيرانية في هذا الظرف الزمني والأوضاع التي تشهدها المنطقة، مشيراً إلى حاجة إيران لـ«إبداع أساليب ثورية وجهادية» لتنمية قدراتها القتالية.
وقبل مؤتمر قادة الجيش، كان الأسبوع الماضي حافلاً على الصعيد الداخلي بتحرك قادة هذه القوات. فأول من أمس، توجه قائد الجيش عبد الرحيم موسوي إلى مبنى البرلمان الإيراني لبحث الميزانية الجديدة المخصصة للقوات المسلحة. وقبل موسوي، كان رئيس البرلمان الإيراني قد أجرى مشاورات مع وزير الدفاع أمير حاتمي.
وخصصت الحكومة هذا العام نحو 11 مليار دولار، من أصل 104 مليارات دولار، للقوات المسلحة. وكانت حصة الأسد لقوات «الحرس الثوري»، التي ارتفعت ميزانيتها نحو 40 في المائة في العام المقبل. وأظهرت الأرقام التي تداولتها وكالات الأنباء الإيرانية أن ميزانية الحرس الثوري تعادل نحو 3 أضعاف ميزانية الجيش الإيراني.
ويعد الحرس الثوري قوات موازية للجيش في إيران، وتنقسم كلتا القوتين إلى 3 أقسام أساسية، هي: القوات البحرية والجوية والبرية، إضافة إلى جهاز مخابراتي مستقل تابع لكل منهما، وتشكلان هيكل أجهزة المخابرات، إلى جانب وزارة الأمن.
وفي الآونة الأخيرة، أفادت تقارير باستياء في صفوف الجيش الإيراني بسبب تراجع إمكانياته، وتهميش دوره، مقابل تطور الحرس الثوري. إلا أن مصادر مطلعة ذكرت أن عدم توازن ميزانية الجيش ونفقاته تهدف إلى الضغط عليه للتخلي عن سلاح الجو طوعاً لقوات الحرس الثوري.
ورغم أن طهران لم تؤكد أو تنفي صحة تلك المعلومات، فإن قادة الحرس الثوري أعربوا عن رغبة تلك القوات بالحصول على سلاح الجو، خصوصاً بعد رفع العقوبات عن إيران بموجب الاتفاق النووي.
بدوره، قال قائد الجيش الإيراني إن قواته تمهد لتحول الجيش على الصعيدين «القتالي والمعنوي».
وعادت الضغوط في الآونة الأخيرة على الجيش الإيراني، بعدما ترددت أنباء عن رفض وحداته قمع المتظاهرين خلال أحداث الحركة الخضراء في 2009. ويواجه الجيش مطالب منذ سنوات بتبني آيديولوجية النظام. وتقول إيران إنها تملك «الجيش العقائدي» الوحيد في العالم.
وتأكيد كبار النظام على الجانب المعنوي هدفه القضاء على إرث نظام الشاه في إيران. وفي السنوات القليلة الماضية، خضع الجيش لضغوط تسمح لقوات الباسيج التابعة للحرس الثوري بفتح مكاتب في قواعد الجيش الإيراني، إضافة إلى المجمعات السكنية للضباط. كما أصبح الانتماء لقوات الباسيج ضمن ميزات تؤهل ضباط الجيش للحصول على ترقية الرتبة العسكرية.
وأوضح موسوي أن قوات الجيش تنوي زيادة عناصر قواتها، وفق توصيات المرشد الإيراني علي خامنئي.
وفي حين شهدت ميزانية الجيش تراجعاً على مستوى سلاح الجو والبحرية بشكل عام، فإن ميزانية القوات البرية، خصوصاً تنمية عدد القوات، تشير إلى الارتفاع.
وفي 21 من أغسطس (آب) الماضي، أصدر خامنئي مرسوماً برفع رتبة موسوي إلى اللواء، وتعيينه في قيادة الجيش الإيراني، بدلاً من عطاء الله صالحي.
وكان صالحي قائداً للجيش الإيراني لفترة 10 أعوام. وتزامن تغيير قيادة الجيش مع تعيين أمير حاتمي القيادي في الجيش الإيراني وزيراً للدفاع، وذلك بعد نحو عقدين من شغل قادة الحرس الثوري لهذا المنصب.
وفي مرسوم التعيين، طالب خامنئي قائد الجيش الجديد بالتركيز على تنمية الطاقة البشرية في الجيش، والتحول «الثوري» في تنمية القدرات القتالية، إضافة إلى تعزيز الحالة المعنوية في الجيش.
كما تضمن مرسوم الفترة إشارة إلى الوضع المعيشي، وضرورة التنسيق بين القوات المسلحة الأخرى، وهو ما يشير إلى مخاوف إيرانية من تحول المشكلات الاقتصادية في الجيش إلى نقطة مواجهة مع القوات المسلحة الأخرى، وعلى رأسها «الحرس الثوري».