قبائل طوق صنعاء ترتب صفوفها لدخول العاصمة

TT

قبائل طوق صنعاء ترتب صفوفها لدخول العاصمة

كشفت مصادر قبلية في المناطق المحيطة بصنعاء، عن أن تحركات متسارعة تجري على الأرض بالتنسيق مع كثير من قبائل إقليم تهامة، وبعض المشايخ الموجودين في صنعاء ويوالون الرئيس السابق علي عبد الله صالح، لوضع ترتيبات وآلية للتقدم العسكري واقتحام صنعاء بدعم الجيش الوطني.
وقال عدد من مشايخ القبائل لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه التحركات التي يصعب الكشف عن تفاصيلها، تأتي في ظل أعمال القمع والقتل التي تنفذها الميليشيات الحوثية في صنعاء بعد أن قسمت المدينة إلى مربعات أمنية لمنع ورصد الآليات في كل الشوارع، ورصد أي تحركات للمدنيين، ومنع قيام أي ثورة بعد اغتيال الرئيس صالح.
وأضافوا أن العمل جارٍ لترتيب الصفوف قبل أي أعمال عسكرية تحتاج إلى دعم قوات التحالف.
ولفت شيوخ القبائل إلى أن عدداً من المشايخ الموجودين في صنعاء، انتسبوا للميليشيات الحوثية تحت تهديد السلاح، وذلك لضمان سلامتهم، وخوفاً من إعدام عائلاتهم وذويهم، بعد أن شنت الميليشيات حملة اعتقالات واسعة، وقتلت أعداداً كبيرة من القيادات، وهدمت منازلهم لرفضهم التعاون والانصياع.
وسبق هذا التحرك دعوات قيادات في الحكومة الشرعية، التي تعول على رد فعل قوي لهذه القبائل في طرد الميليشيات الحوثية بدعم من الجيش وقوات التحالف العربي، خصوصاً أن هذه القبائل لديها تجربة تاريخية في طرد الغزاة عن المدينة ومقاومة المستعمر، إضافة إلى أن لديها القدرة العسكرية في الأفراد، وتحتاج بحسب مشايخ القبائل إلى دعم عسكري يتمثل في تزويدها بأنواع مختلفة من الأسلحة، يمكنها من الدخول السريع إلى مركز العاصمة.
وقال الشيخ محمد عبد العزيز الشليف أحد مشايخ قبيلة نهم لـ«الشرق الأوسط»، إن الوضع الدموي التي تعيشه العاصمة صنعاء من قبل الميليشيات الحوثية المدعومة من «إيران»، أوجد حالة ذعر وخوف بين عموم الناس داخل المدينة، ولم تسلم من ذلك النساء اللاتي يتعرضن لعملية تفتيش واعتقال خصوصاً بعد الاحتجاجات التي قمن بها أول من أمس وتعرضن فيها للقمع والضرب والإهانة، كما جرى تفجير كثير من المنازل. وتابع: «الحالة حرجة الآن في صنعاء ولم يسبق أن عاشت العاصمة مثل هذه الحالة».
وأضاف أن كثيراً من شيوخ القبائل في صنعاء يُمارَس بحقهم جميع أنواع الترهيب والتعذيب لينخرطوا مع الحوثيين في أعمالهم، ومنهم من تجاوب خوفاً على حياته، وآخرون معزولون عن العالم ومحاصرون في منازلهم بعد أن فرضت الميليشيات طوقاً أمنياً عليهم ومنعتهم من التنقل والخروج من منازلهم أو الحديث مع الآخرين.
وبحسب الشليف، يجري التواصل مع كثير من المشايخ والأعيان، للالتفاف حول الحكومة والقيام بانتفاضة ضد الميليشيات التي حرقت البلاد، كما تجري ترتيبات مع قبائل تهامة للانضمام مع أكثر من 12 قبيلة إلى طوق صنعاء، لترتيب الصفوف ووضع استراتيجية واضحة يكون العمل فيها مشتركاً.
ولفت إلى أن قبائل طوق صنعاء تعوّل على دعم قوات التحالف العربي الذي سيكون له أثر كبير في طرد الميليشيات خلال فترة وجيزة، خصوصاً أن هناك تحركات عسكرية للجيش في كثير من الجبهات، وهذا سيؤدي إلى خلخلة منظومة الحوثيين التي لا يمكنها صد جميع هذه الهجمات.
إلى ذلك، قال أحد مشايخ القبائل الموجود في صنعاء (طلب عدم ذكر اسمه)، إن أي تحرك مخالف لتوجهات الميليشيات من قبل الشخصيات الموالية للرئيس السابق يكون مصيرهم الموت، إلا أنه مع ذلك يجري العمل بالتواصل مع المشايخ من خارج المدينة لتوصيل الصورة والتنسيق فيما سيتم من أعمال في حال تقدمت القبائل إلى مركز العاصمة.
وأشار إلى أن هناك تحركات لإخراج بعض الشخصيات البارزة وشيوخ قبائل، للانضمام مع قبائل الطوق، ليكون له تأثير مباشر وكبير على مواليه، لأن وجودهم في المدينة خطر عليهم ويمنعهم من القيام بأي شيء، مبيّناً أن الميليشيات حوّلت المدينة إلى ثكنة عسكرية لا يمكن التحرك فيها دون احتكاك مباشر وتوقيف من الحوثيين.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.