قراصنة إيرانيون اخترقوا حسابات كبار المسؤولين اللبنانيين

«لوفيغاور» الفرنسية: طهران تهدف للتأثير على الانتخابات النيابية المقبلة

TT

قراصنة إيرانيون اخترقوا حسابات كبار المسؤولين اللبنانيين

في تحقيق نشرته «لوفيغارو» في عددها أمس، تؤكد الصحيفة أن إيران تحذو حذو روسيا في اللجوء إلى العمليات الإلكترونية من أجل «توسيع هيمنتها على منطقة الشرق الأوسط». وقد خصصت الصحيفة اليمينية ملفاً متكاملاً سمته: «لبنان، سوريا، العراق: كيف تمد إيران سيطرتها». ويتكون الملف من مجموعة مقالات وتحقيقات، واحد تحت عنوان «الهلال الشيعي» وآخر حول «الوجوه الأربعة لحزب الله»، إضافة لمقابلة مع باحثة لبنانية - فرنسية تدعى أورلي ضاهر تدور حول ما قدمه حزب الله للنظام السوري الذي يدين له بالكثير. لكن ما يلفت النظر في ملف «لوفيغارو» هو التحقيق الذي يركز على ما تقوم به إيران من اختراق إلكتروني للحسابات الخاصة بكبار المسؤولين اللبنانيين يقوم به أشخاص إيرانيون بتمويل حكومي إيراني، محددة منهم الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري ووزيري الخارجية والعدل، فضلاً عن البنك المركزي ومصارف لبنانية، وقيادة الجيش، ما يعكس وجود عملية واسعة ومنظمة.
تقوم العمليات الإلكترونية الإيرانية، بحسب ما كتبته الصحيفة، على اختراق خوادم كبار المسؤولين والوصول إلى حساباتهم وبريدهم الإلكتروني، وهي شبيهة بما يُظن أن أطرافاً روسية قامت به في الولايات المتحدة الأميركية أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية. وتقول الصحيفة إن هذه العمليات نشطت عندما قدم الحريري استقالته من الرياض في الرابع من الشهر الحالي. وينتمي القراصنة الإيرانيون إلى عملية «أويل ريغ»، وقد وصلوا إلى البريد الإلكتروني للرئيسين عون والحريري. وتؤكد المصادر المخابراتية للصحيفة الفرنسية، أنه «مع اقتراب استحقاق الانتخابات النيابية في لبنان في شهر مايو (أيار) من العام 2018، فإن الهدف واضح، وهو التأثير على نتائج الانتخابات وتوفير الدعم لحزب الله من خلال جمع معلومات حساسة عن منافسيه».
تقول الصحيفة إن القراصنة يستهدفون الحريري، وقد جمعوا مستندات ووثائق وكلمات سر يستطيعون استخدامها «في الوقت المناسب»، والغرض من كل ذلك وفق «لوفيغارو»، رغبة إيران في «تغيير المعادلات بشكل ناعم» لصالح الشيعة وحزب الله في لبنان. وتقول مصادر المخابرات إن النتيجة التي توصلت إليها هي أنه «ليس هناك عدة قراصنة منعزلين بل إنها هجمات منظمة وذات مستوى استراتيجي». وتؤكد الصحيفة أن هذه الهجمات تأتي بالرهان على أن إيران «ضالعة في اللعبة السياسية المعقدة في لبنان»، الأمر الذي أشار إليه الرئيس الحريري في خطاب الاستقالة.
فضلاً عن ذلك، تؤكد «لوفيغارو» نقلاً عن مصادرها، أن القراصنة هم من المدنيين، الأمر الذي يسمح للسلطات الإيرانية بنفي أي علاقة بهم. لكن أجهزة المخابرات الغربية حصلت على الأدلة التي تؤكد أن وزارتي الدفاع والأمن الداخلي هما الممولان لهم. ومما جاء في تحقيق الصحيفة الفرنسية أن مجموعة «أويل ريغ» بدأت نشاطها قبل عام ونصف العام، وسبق لها أن هاجمت خوادم إلكترونية في المملكة العربية السعودية. وأنه في العام 2017 سعت إلى اختراق 120 موقعاً إسرائيلياً. كما أن هؤلاء القراصنة سعوا أيضاً لاختراق خوادم خاصة بالحكومة الأميركية للحصول على معلومات خاصة بمواقف إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما حول المفاوضات التي أفضت إلى توقيع الاتفاق النووي بين طهران ومجموعة دول 5 + 1 في فيينا، ثم عملت المجموعة للتعرف على ما يمكن أن تقوم به الإدارة الأميركية لجهة فرض عقوبات على طهران.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.