واشنطن تنوه بنتائج مؤتمر الرياض وتدعو المعارضة السورية لـ«المرونة»

ترحيب من الجامعة العربية و«التعاون الإسلامي»

TT

واشنطن تنوه بنتائج مؤتمر الرياض وتدعو المعارضة السورية لـ«المرونة»

رحبت الولايات المتحدة الأميركية بنتائج اجتماع المعارضة السورية في الرياض، وتشكيل القوى السياسية فريقاً للتفاوض يشارك في اجتماعات جنيف الشهر الجاري، مؤكدة ضرورة تحالف الأطياف السياسية السورية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة في سوريا، داعية وفد المعارضة إلى المرونة في المفاوضات القادمة.
وقالت هيذر ناروت، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، في بيان صحافي، أمس، إن الولايات المتحدة الأميركية تعرب عن قبولها بنتائج اجتماع المعارضة السورية الثاني في الرياض، واتحاد القوى السياسية المتنوعة، في تشكيل وفد موحد للتفاوض في جولة المحادثات بجنيف التي ترعاها الأمم المتحدة.
وأكدت ناورت أن العملية السياسية يجب أن تحقق قرار مجلس الأمن 2254، بما في ذلك الإصلاح الدستوري وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة، وفقاً لأعلى المعايير الدولية للشفافية، مع جميع السوريين، بمن فيهم سوريو الشتات المؤهلون للمشاركة، مشيرة إلى أن تشكيل وفد موحد لهذه الجولة من محادثات جنيف بقيادة الأمم المتحدة خطوة إيجابية في هذا الاتجاه.
وأضافت: «تثني الولايات المتحدة على دور المملكة العربية السعودية في تنظيم مؤتمر المعارضة السورية في الرياض، كما نهنّئ لجنة التفاوض الجديدة ومنسقها العام نصر الحريري وهو يستعد للشروع في المناقشات التي يمكن أن تؤدي في نهاية المطاف إلى حل سياسي للنزاع». وتابعت المتحدثة: «نأمل أن تُبدي جميع الأطراف في المحادثات في جنيف الجدية والمرونة لإيجاد حل يمكن أن يضع حداً لهذا الصراع ومعاناة الشعب السوري. وندعو بشكل خاص النظام السوري الآن إلى الدخول في مفاوضات موضوعية في جنيف على أساس قرار مجلس الأمن 2254».
إلى ذلك، أعرب الوزير المفوض محمود عفيفي، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، عن الترحيب بنتائج «المؤتمر الموسع لقوى الثورة والمعارضة السورية»، ونوه المتحدث الرسمي بما تضمنه البيان الختامي للمؤتمر والذي أكد «التمسك بوحدة الأراضي السورية وسلامتها وسيادتها على كامل أراضيها، وشدد على الحل السياسي للأزمة السورية وفق القرارات الأممية ذات الصلة».
وأكد المتحدث في هذا الإطار أهمية توحيد صفوف المعارضة السورية قبيل اجتماعات جنيف (8) المقرر عقده غداً المقبل بهدف الانتقال إلى مرحلة المفاوضات المباشرة، وصولاً إلى «تسوية سياسية للصراع الذي تشهده سوريا على مدى السنوات السبع الماضية، وحقناً لدماء الشعب السوري الذي ما زال يعاني من تداعيات الصراع الدائر ويدفع ثمناً باهظاً لهذه المعاناة الإنسانية غير المسبوقة».
وأشار في هذا السياق إلى أن «التسوية المنشودة تقتضي وضع مصلحة سوريا والشعب السوري فوق أي مصالح أخرى، وأن على كل الأطراف المعنية بالصراع الدائر أن تعي خطورة استمرار الوضع الحالي في سوريا على الأمن والاستقرار في المنطقة».
وفي سياق متصل، أعربت منظمة التعاون الإسلامي عن ترحيبها بنتائج الاجتماع الموسّع الثاني للمعارضة السورية، الذي عُقد في عاصمة المملكة العربية السعودية، الرياض.
وقدم الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الشكر للمملكة العربية السعودية على دورها في احتضان فصائل المعارضة السورية، ورعايتها لها حتى وصلت إلى موقف موحد، يعزز مطالبها، مشيداً بخطوة «تشكيل هيئة تفاوضية خلال اجتماعات الرياض، والتي ستعمل على تمثيل الجميع».
وقال إن توحيد موقف المعارضة السورية من شأنه أن يخلق موقفاً موحداً لجميع مكوناتها ومنابرها، بالإضافة إلى تعزيز موقفها في المفاوضات، وسوف يسهم في إنجاز ما يتطلع إليه الشعب السوري.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.