مخاوف في «عين الحلوة» من عودة الاغتيالات... والفصائل مستنفرة

أبو عرب لـ«الشرق الأوسط»: لن نسمح بإشعال الوضع في لبنان من المخيم

TT

مخاوف في «عين الحلوة» من عودة الاغتيالات... والفصائل مستنفرة

تفاقمت المخاوف بعد عملية الاغتيال التي شهدها مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا جنوب لبنان، أول من أمس الأحد، من عودة مسلسل الاغتيالات إلى المخيم أو انفجار الوضع الأمني فيه، مما قد يشكل شرارة لانفجار أوسع على نطاق لبنان يجاري الأزمة السياسية التي يشهدها البلد منذ استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري.
وتستنفر الفصائل والقوى الفلسطينية للتصدي لأي محاولة لاستخدام المخيم منصة للتوتير الأمني، خصوصا في ظل تواري مجموعات كبيرة من المطلوبين في أرجائه؛ وأبرزها «مجموعة بلال بدر» التي خاضت حركة «فتح» مواجهات عنيفة معها الصيف الماضي من دون أن تتمكن من إنهاء وجودها في «عين الحلوة». ويبدو أن هذه المجموعة هي التي تقف وراء عملية الاغتيال الأخيرة التي استهدفت الفلسطيني محمود حجير، كما تؤكد مصادر في حركة «فتح»، لافتة إلى أنه لا يمكن استبعاد أن يكون الهدف من العملية «توتير الوضع الأمني في المخيم». وتضيف المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «إلا أن ما يُطمئننا هو هذا التوافق بين الفصائل الفلسطينية؛ ومن ضمنها القوى الإسلامية المتمثلة في (الحركة الإسلامية المجاهدة) و(عصبة الأنصار)، على حصر الإشكالات الأمنية بمكانها ومعالجتها بشكل فوري لمنع تفاقمها وتمددها»، موضحة أن هذا ما حدث يوم الأحد الماضي.
وأشارت المصادر إلى أن إطلاق النار وانفجار بعض القنابل ليل الأحد - الاثنين، كان نتيجة عملية مداهمة اشتباهاً بوجود أحد الأشخاص المتهمين بالاغتيال في مكان محدد، لافتة إلى أن كل أصابع الاتهام تتوجه إلى «مجموعة بلال بدر» المتوارية عن الأنظار والتي لا يقوم عناصرها إلا بتحركات محدودة جدا.
من جهته، أكد قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب أن عملية الاغتيال التي تعرض لها محمود حجير، «حادث فردي ونتيجة مسألة شخصية بين المغدور وكمال بدر الذي سلم نفسه مؤخرا إلى السلطات اللبنانية» لافتا إلى أن حجير رفع عليه دعوى قضائية وتوعده بملاحقته حتى استعادة حقوقه منه، وهو ما أدّى على الأرجح إلى اغتياله. وأشار أبو عرب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «القوى الأمنية كما السياسية داخل المخيم تابعت الموضوع بدقة وعن كثب وبعناية كي لا تشكل عملية الاغتيال منطلقا لتوتير أمني معين، وقد نجحنا باستيعاب ما حصل، وقد انتهت الحادثة ليل الأحد». وقال: «حاليا الوضع الأمني داخل (عين الحلوة) ممتاز، ونحن لن نسمح بانطلاق أي شرارة من المخيم لإشعال الوضع في لبنان، كما لن نسمح لأي راغب في العبث بالأمن باستخدام المخيم لغايته هذه». وأضاف: «نحن حريصون على أهلنا اللبنانيين بجوار المخيم، أكثر من حرصنا على أهلنا الفلسطينيين الموجودين داخل المخيم».
وبالتوازي مع الاستنفار الأمني غير المعلن في المخيم، تتواصل عملية تسليم عدد من المطلوبين المتوارين في «عين الحلوة» أنفسهم للسلطات اللبنانية بعد تلقيهم وعودا بتخفيف عقوباتهم والإسراع بمحاكمتهم. ويوم أمس، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن أحد الفلسطينيين من سكان حي الطوارئ في المخيم سلم نفسه لمخابرات الجيش اللبناني عند حاجز المستشفى الحكومي لإنهاء ملفه الأمني.
ومن أبرز المطلوبين الذين سلموا أنفسهم في الأيام الماضية، كمال بدر، شقيق بلال بدر الذي يتزعم مجموعة متطرفة داخل «عين الحلوة»، إضافة إلى ابن شقيقة هيثم الشعبي مسؤول «جند الشام» في المخيم. إلا أن عددا آخر من المطلوبين آثروا في الشهرين الماضيين الهرب بعد إقدامهم على التنكر وتغيير مظهرهم الخارجي، وأبرزهم اللبناني شادي المولوي الذي قاد إحدى المجموعات التي قاتلت الجيش اللبناني في معارك طرابلس في شمال لبنان عام 2014.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.