100 قتيل من الحوثيين و20 من الجيش حصيلة معارك عمران

جهود للوصول إلى اتفاق هدنة.. وهادي يتجه لإصدار قرارات رئاسية لمعالجة الأوضاع المتوترة

عناصر قبلية مسلحة تساند الجيش في حملته ضد «القاعدة» خلال اجتماع في أرحب أمس (إ.ب.أ)
عناصر قبلية مسلحة تساند الجيش في حملته ضد «القاعدة» خلال اجتماع في أرحب أمس (إ.ب.أ)
TT

100 قتيل من الحوثيين و20 من الجيش حصيلة معارك عمران

عناصر قبلية مسلحة تساند الجيش في حملته ضد «القاعدة» خلال اجتماع في أرحب أمس (إ.ب.أ)
عناصر قبلية مسلحة تساند الجيش في حملته ضد «القاعدة» خلال اجتماع في أرحب أمس (إ.ب.أ)

أكدت مصادر عسكرية يمنية أن حصيلة المعارك التي دارت في مدينة عمران (شمال) بين الحوثيين وقوات الجيش المسنودة بمسلحين قبليين، أسفرت عن مقتل أكثر من 100 من الحوثيين، و20 جنديا. في حين اغتال مسلحون مجهولون ضابط أمن، مع نجله، في مدينة المكلا بحضرموت.
وبعد يوم من تهديد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لجماعة الحوثيين الشيعية بتصنيفها إرهابية، ساد الهدوء الحذر، أمس، مدينة عمران شمال البلاد، بعد عشرة أيام من المعارك العنيفة. وقال وكيل محافظة عمران باكر علي باكر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «المدينة، وما حولها، شهدت اشتباكات متقطعة، خلال الساعات الـ28 الماضية، مع جهود تبذل للوصول إلى اتفاق هدنة بين الحوثيين والجيش قد يجري توقيعه خلال اليومين المقبلين». وأضاف باكر أن «أصوات الرصاص المتقطع تسمع في مناطق الجنات، والجميمة، والحنشات، بين وقت لآخر، وهي أقل حدة مقارنة بالمعارك العنيفة في الأيام السابقة». ودعا باكر الهلال الأحمر والصليب الأحمر إلى التدخل الإنساني، لسحب جثث قتلى المعارك، التي تعفنت في مناطق المعارك. وقال سكان بمدينة عمران إن عددا من قذائف الهاون التي أطلقها الحوثيون سقطت على مناطق مختلفة من المدينة، دون تسجيل أي إصابات.
وكان الرئيس عبد ربه منصور هادي أطلق تحذيره للحوثيين، لدى استقباله مسؤولين محليين، ومشايخ قبليين من محافظة عمران، الأربعاء. وحذر من «خلق حروب على أساس حزبي أو مذهبي أو مناطقي أو فئوي»، وعد «أمن محافظة عمران جزءا لا يتجزأ من أمن العاصمة». وذكرت مصادر قبلية، حضرت اللقاء، أن هادي أبلغهم بأن الدولة ستعد جماعة الحوثيين منظمة إرهابية، إذا لم تتوقف عن العنف. وأشارت المصادر إلى أن هادي سيصدر قرارات رئاسية خلال الأيام المقبلة، لمعالجة الأوضاع في عمران.
وقال قائد عسكري كبير بالمنطقة العسكرية السادسة إن «قوات الجيش والأمن انتصرت على ميليشيات الحوثيين، بعد فشلهم في اقتحام المدينة، وتكبدهم خسائر بشرية كبيرة». وأكد القائد العسكري الذي طلب إخفاء هويته، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، وصول تعزيزات عسكرية من وزارتي الدفاع والداخلية، لوحدات الجيش والأمن المرابطة بالمحافظة، موضحا أن أكثر من 100 مسلح من الحوثيين قتلوا وجرح العشرات، خلال هذه المعارك، فيما سقط من الجيش أكثر من 20 جنديا، وأكثر من عشرة مسلحين من رجال القبائل المساندة للجيش. وعد القائد العسكري ما يقوم به الحوثي «مغامرة طائشة، استهدفت جنود الجيش والأمن». وأعلنت وزارة الداخلية مقتل شخص، أثناء محاولته تفجير جسر، على الطريق العام الذي يربط محافظة عمران بصعدة. وأوضحت الوزارة في بيان صحافي نشره موقعها أن «شخصا يدعى مصطفى أحمد حمزة يشتبه في انتمائه للعناصر الحوثية، لقي مصرعه أثناء هذه المحاولة».
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصدر عسكري أن اللجنة الرئاسية المكلفة بإيقاف المعارك في عمران، برئاسة العميد الركن قائد العنسي، قدمت استقالتها أمس إلى الرئيس هادي، بعد فشلها في إيقاف الصراع المسلح. وذكر المصدر أن اللجنة أوضحت للرئيس هادي صعوبة الوصول إلى حل في عمران، بسبب رفض الأطراف التجاوب مع جهودها، طوال الأشهر الأربعة الماضية، إضافة إلى وجود خلافات مع قيادات عسكرية بالمنطقة السادسة، واتهامها بالانحياز للحوثيين. وتوقع المصدر أن يكلف هادي لجنة وساطة موسعة، بدلا عن اللجنة السابقة، تضم شخصيات عسكرية وسياسية وقبلية، لها تأثيرها على أطراف الصراع هناك.
وفي حضرموت جنوب شرقي البلاد، قتل، أمس، ضابط رفيع برصاص مسلحين يستقلان دراجة نارية، بمدينة المكلا عاصمة المحافظة. وقالت مصادر محلية وطبية في المدينة لـ«الشرق الأوسط» إن «مدير أمن مدينة المكلا السابق، العقيد سالمين العوبثاني، اغتيل مع نجله، بمنطقة الغليلة بديس المكلا، بعد إطلاق مسلحين الرصاص عليهما. وقامت الأجهزة الأمنية، بعملية تمشيط للبحث عن المسلحين اللذين كانت تنتظرهما سيارة، بحسب شهود عيان. ونقلت وكالة الأنباء الحكومية عن مصدر في الشرطة أن الأجهزة الأمنية تعكف حاليا على البحث والتحري للكشف عن مرتكبي الجريمة، بعد ترك المسلحين دراجتهما النارية أثناء عملية الاغتيال. وأكد المصدر أن «الأجهزة الأمنية ستتعقب منفذي الجريمة ومن يقف وراءهما حتى يتم ضبطهم جميعا وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم الرادع».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.