الجزائر: طوابير أمام «المركز الفرنسي» تثير جدلاً عشية ذكرى ثورة الاستقلال

TT

الجزائر: طوابير أمام «المركز الفرنسي» تثير جدلاً عشية ذكرى ثورة الاستقلال

أثارت مشاهد المئات من طلاب الجامعة بالجزائر، وهم يصطفون في طوابير طويلة أمام «المعهد الثقافي الفرنسي» أول من أمس، جدلا واسعا في البلاد. فالظاهر أن الطلبة جاءوا لأخذ مواعيد لاجتياز «امتحان التحكم في اللغة الفرنسية»، وهو شرط للتسجيل بالجامعات الفرنسية، لكن الحدث أخذ أبعادا سياسية وتاريخية، ارتبطت باحتفال الجزائر بمرور 63 لاندلاع ثورة الاستقلال من الاستعمار (1 نوفمبر/ تشرين الثاني).
الصور عدها كثيرون «مهينة للجزائر»، واتهم البعض المعهد الفرنسي بـ«تعمد اختيار موعد الاحتفال بذكرى الثورة، لضرب الجزائر في قلبها، وهم شبابها». وأصحاب هذا الطرح، الذي انتشر بمواقع التواصل الاجتماعي، يرون أن الفرنسيين «أرادوا إظهار الجزائري بأنه هارب بجلده من الجزائر»، على أساس أن ظروف المعيشة لم تعد تطاق وأن الأفق مسدود بالنسبة للملايين. بل ربط البعض الصور بمشاهد «الحراقة» وهم يركبون قوارب تقليدية، لقطع البحر المتوسط إلى سواحل إيطاليا وإسبانيا.
وأعلن «المعهد الفرنسي» عن تأجيل موعد التسجيل للاختبار، وأبلغ المعنيون به أنه حدد تواريخ التسجيل لاحقا، بحسب أحرف ألقاب الراغبين في اجتياز الامتحان، الذي يعد شرطا للحصول على تأشيرة الدخول إلى فرنسا. وتسبب التدافع الكبير الذي وقع بمحيط المعهد، في إغماء الكثير من الطلبة الذين بات قطاع منهم تحت جدران المؤسسة ليكونوا من الأوائل عندما تفتح أبوابها صباحا.
وصرح ناصر جابي، أستاذ علم الاجتماع الشهير، للصحافة المحلية، معلقا على المشاهد: «لم يعد هناك حلم جزائري يدفع الشباب إلى البقاء في البلاد. فما جرى بالمعهد الفرنسي شاهد على فشل سياسات النظام الحالي الذي شجع كل فئات المجتمع على التفكير في الهجرة؛ الفقير عبر القوارب، والمتعلم بتأشيرة الدراسة، وحتى المسؤول الكبير يفضل الهروب بعد تحويل أمواله وشراء عقارات في الخارج».
واحتج التجمع الوطني الديمقراطي الذي يقوده رئيس الوزراء أحمد أويحيى، على «محاولة البعض تشويه صورة الجزائر، كون شبابها تدفق على المركز الثقافي الفرنسي زاعمين أن القضية تتعلق بالتأشيرة، وعكس ذلك فإن الموضوع متعلق بمسابقة تجرى كل سنة حول اختبار لغوي للتأكد من مستوى الطلبة لمتابعة الدراسات العليا الجامعية في فرنسا، وبالتالي فالأمر ليس قضية هجرة، بل هو شباب جامعي باحث عن العلم».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.