معرض فرنسي يستكشف العلاقة بين التقاليد والتطور في الثقافة اليابانية

الاهتمام الأوروبي بالفنون الآسيوية يعود إلى القرن الـ19

زوار المعرض يتأملون قطعة كوهاي ناوا التي يتساقط منها «شتاء الزيت» من دون التناثر (نيويورك تايمز)
زوار المعرض يتأملون قطعة كوهاي ناوا التي يتساقط منها «شتاء الزيت» من دون التناثر (نيويورك تايمز)
TT

معرض فرنسي يستكشف العلاقة بين التقاليد والتطور في الثقافة اليابانية

زوار المعرض يتأملون قطعة كوهاي ناوا التي يتساقط منها «شتاء الزيت» من دون التناثر (نيويورك تايمز)
زوار المعرض يتأملون قطعة كوهاي ناوا التي يتساقط منها «شتاء الزيت» من دون التناثر (نيويورك تايمز)

رفرفت الأعلام الفرنسية واليابانية جنباً إلى جنب داخل «مركز بومبيدو» في مدينة متز الفرنسية، معلنةً انطلاق فعاليات برنامج الخريف داخل هذه المؤسسة المرتبطة بمتحف باريس للفن المعاصر. ومن بين المعارض التي يقيمها المركز واحد يتناول المعمار الياباني منذ عام 1945 حتى الوقت الحاضر، وآخر حمل اسم «جابانوراما»، ويعتبر بمثابة مسح للفن الياباني المعاصر منذ عام 1970، والذي تستمر فعالياته حتى الخامس من مارس (آذار) المقبل.
اللافت أن «جابانوراما» يبدأ من حيث انتهى معرض آخر مهم أقيم عام 1986 داخل «مركز بومبيدو» في باريس بعنوان «الفنون الطليعية في اليابان 1910 - 1970». وتضمن ذلك المعرض أعمالاً لعدد من الفنانين اليابانيين المهمين كانت تعرض في الخارج للمرة الأولى، لكن تُفحص أعمالهم باعتبارها متأثرة بالتقاليد الفنية الغربية، بل معتمدة عليها.
من جانبه، صرح أومي أوكابي، الذي كان عضواً باللجنة المسؤولة عن المعرض آنذاك، ويتولى حالياً منصب المدير الفني للمعارض داخل «البيت الثقافي الياباني في باريس» بأن: «الجمهور الفرنسي نظر إلى اللوحات اليابانية الحديثة المنتمية لمطلع القرن الـ20 باعتبارها نسخاً من الفن الأوروبي، خصوصاً الفرنسي».
أما فيما يخص «جابانوراما»، فإن العنوان الفرعي له «رؤية جديدة للفن منذ عام 1970»، العام الذي بدأت اليابان تعيد التأكيد على هويتها الثقافية، وعاونها في ذلك دفعة الثقة الجديدة التي نالتها من خلال معرض «إكسبو 70» في أوساكا. وأوضحت المشرفة على المعرض، يوكو هاسيغاوا، أن «المعرض يرمي لاكتشاف ما جرى إغفاله»، في الوقت الذي ناضلت اليابان في مواجهة قضايا معقدة تتعلق بالتراث والتحديث، ظل يجري النظر إلى ثقافتها في الغرب من خلال ثنائيات مأثورة: الزاهد المنتمي إلى الحديقة الصخرية من ناحية، والصورة المرحة لـ«هالو كيتي» من ناحية أخرى.
ويعمد المعرض إلى محاولة تصحيح مثل هذه التصورات النمطية المغلوطة، وتسليط الضوء على علاقات الجذب والشد بين التقاليد والتكنولوجيا الحديثة، والفردي والجمعي التي صاغت الثقافة اليابانية على نحو فريد. بالنسبة للجماهير الأوروبية، فإن الجديد بخصوص هذه «الرؤية الجديدة» يكمن في تفحص الفن الياباني المعاصر تبعاً للشروط التي يفرضها هو.
جدير بالذكر أن الاهتمام الأوروبي بالفن الياباني يعود إلى القرن الـ19، فقد جمع فان غوغ لوحات تنتمي لمدرسة «أوكييو ـ إه» الفنية اليابانية، بينما استوحى مونيه في رسمه «بحيرة المياه» في جيفوني من الحدائق اليابانية. ومع هذا، فإن الكثير من المؤسسات الفنية الحالية نادراً ما تعرض أعمالاً من الفن المعاصر من خارج الغرب. من ناحيتها، شهدت باريس معارض متقطعة على امتداد العام الماضي، بينها معارض في «بالاي دي طوكيو» و«لو بال» و«فوندآسيون كارتيير» و«البيت الأوروبي للتصوير». إلا أنه لم يقم معرض في باريس يتفحص الإبداع الياباني عبر الحقب والأجيال والوسائط المختلفة.
على صعيد متصل، أعلنت الحكومتان الفرنسية واليابانية عام 2016 عن إطلاق طوكيو مبادرة دبلوماسية ترمي لتسليط الضوء على الثقافة اليابانية من خلال سلسلة من المعارض والفعاليات في فرنسا عام 2018. من ناحيته، يرى مسؤول المعارض الفرنسي ـ الياباني جان كينتا غوثييه الذي يمثل الفنانين الأوروبيين واليابانيين أن هذا التعاون يحمل جانبين، أحدهما إيجابي والآخر سلبي. وقال: «أنا سعيد حقاً بهذا الأمر، فالساحة الفنية اليابانية جديرة بأن يجري تقديمها بعمق وتفصيل، لكن ثمة مخاوف من عودة الاستشراق». وأضاف: «ليس أسوأ على فنان من أن يصبح محل فضول».
التساؤل الأبرز هنا: كيف يمكن الحيلولة دون تسطيح الإطار الثقافي، مع العمل في الوقت ذاته على تشجيع جماهير أجنبية على الإقبال على غير المألوف؟
من جانبها، تتناول هاسيغاوا هذه المسألة من خلال «جابانوراما». وأوضحت أنه من خلال طرحها أعمالاً من الفن الياباني المعاصر من قبل في البرازيل وبريطانيا وألمانيا، فإنها «حرصت على النظر بدقة إلى الأعوام الـ10 أو الـ15 الماضية: ما جرى تنظيمه، ما نمط أعمال الفن الياباني المعاصر التي جرى تجميعها داخل مؤسسات عامة في أوروبا». وأضافت: «أرغب في لفت الأنظار إلى الإطار الخاص بما يسيء الناس فهمه، وإلى العوامل الاجتماعية التي تقف خلف الأعمال الفنية».
بوجه عام، ينقسم المعرض إلى ستة أقسام تعمل على بناء جسور ما بين الفن والمعمار والفيديو والموضة والموسيقى. ويحمل القسم الأول عنوان «أجسام غريبة - ما بعد الجسد البشري»، ويعرض للزائرين «فستاناً كهربائياً»، عبارة عن مجموعة متنوعة من الأضواء من تصميم أتسوكو تاناكا عام 1965، الذي يجسد العلاقة الآخذة في التطور اليوم بين المادي والرقمي.
داخل الجزء الخاص بـ«الفن الشعبي»، تسلط هاسيغاوا الضوء على عدد من الأعمال التي تحمل خلفية فكرية قوية وسمات يابانية محضة، في محاولة لدحض التصور الخاطئ الشائع عن الثقافة الشعبية اليابانية باعتبارها مبتذلة.
كما يقلب المعرض رأساً على عقب فكرة الـ«كاواي» (لفظ ياباني يعني لطيف) المرتبطة بالثقافة اليابانية، ليكشف عن إحباطات اجتماعية وسياسية عميقة. على سبيل المثال، يضم زي «كيمونو» مصنوعاً عام 2002 من نسيج «بينغاتا» التقليدي الذي تشتهر به أوكيناوا من إبداع الفنان يوكين تيرويا، الذي نشأ هناك بالقرب من قاعدة عسكرية أميركية. اللافت في الرداء أن صور الأزهار والأشجار المبهرة التي تزينه لدى تفحصها عن قرب يتضح أنها تتألف من طائرات حربية ومظلات.
أما العمل الذي يجسد رسالة المعرض على النحو الأمثل، فيتمثل فيما أبدعه الفنان شيمابوكو، وهو عبارة عن فيديو يحمل عنوان «ثم قررت تنظيم جولة في طوكيو لأخطبوط من أكاشي». ويتميز الفيديو بروح فكاهية لطيفة، بجانب كونه مؤثراً من الناحية العاطفية. خلال الفيديو، يصطاد البطل أخطبوطاً من مسقط رأسه، ويحمله معه إلى العاصمة عبر القطار فائق السرعة ـ حيث يصطحبه إلى سوق السمك ويقدمه إلى أخطبوط آخر هناك ـ وأخيراً يطلق سراحه مرة أخرى في البحر. ويبدو هذا الخط السردي ملائماً لزائري المعرض الذين يعودون في النهاية إلى بيئتهم المألوفة بعد جولة تنويرية يقومون بها عبر دهاليز ثقافة غير مألوفة لهم.
- خدمة «نيويورك تايمز»



الحجار يستعيد وهج «تترات المسلسلات» بالأوبرا المصرية

الفنان علي الحجار وأغانٍ متنوعة في حفل له بالأوبرا (دار الأوبرا المصرية)
الفنان علي الحجار وأغانٍ متنوعة في حفل له بالأوبرا (دار الأوبرا المصرية)
TT

الحجار يستعيد وهج «تترات المسلسلات» بالأوبرا المصرية

الفنان علي الحجار وأغانٍ متنوعة في حفل له بالأوبرا (دار الأوبرا المصرية)
الفنان علي الحجار وأغانٍ متنوعة في حفل له بالأوبرا (دار الأوبرا المصرية)

قدّم الفنان المصري علي الحجار مجموعة من شارات الأعمال الدرامية، التي غنّاها من قبل، في حفل احتضنه المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، الخميس، ليستعيد وهج «تترات المسلسلات» وسط حضور جماهيري حاشد.

واستعاد الفنان خلال الحفل العديد من الأغاني، التي أثّرت في وجدان محبي الدراما والغناء الأصيل، والتي قدّمها عبر مشواره الفني، وجسّدت كثيراً من المعاني والقيم الإنسانية السامية والمثل العليا.

تفاعل الفنان مع الجمهور الذي احتشد في المسرح الكبير، وبصوته المميز وإحساسه الصادق تغنى بمقدمة ونهاية مسلسلات «المال والبنون»، و«أولاد آدم»، و«رحلة السيد أبو العلا البشري»، و«اللقاء الثاني»، و«كناريا»، و«الأيام»، و«السيرة الهلالية».

جانب من حفل علي الحجار بالأوبرا (دار الأوبرا المصرية)

وعدّ الناقد الموسيقي المصري، أحمد السماحي، أن «نجاح حفل علي الحجار بعد تقديمه العديد من تترات المسلسلات يؤكد ريادته لهذا اللون الغنائي». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نجح علي الحجار وقلة من الأصوات الطربية التي تميزت بجمال الصوت وقوته في هذا النوع، في حين لم يصمد غيره من المطربين في هذا الأمر، فما يقدمه الحجار له طابعه الخاص، لما يمتلكه من إمكانات صوتية عالية، فهو يستطيع تلوين صوته درامياً، وأصبحت الأعمال الدرامية التي قدّم الحجار تتراتها علامة مميزة في تاريخ الدراما المصرية».

وأوضح: «لو تحدثنا علمياً فسنجد أن أهم مزايا صوت علي الحجار هو اتساع مساحته، والميزة الثانية تحدي صوته لقوانين الطبيعة، فهو في نهاية الستينات ويغني بإجادة رائعة وخبرة عظيمة، فما زال صوته يلمع ويمتلئ بالإبداع».

وبدأت مسيرة الحجار الغنائية عام 1977 بأغنية «على قد ما حبينا» من كلمات عبد الرحيم منصور، وألحان بليغ حمدي، وأولى شارات المسلسلات التي قدّمها كانت «تتر مسلسل الأيام» وأغاني المسلسل من كلمات سيد حجاب وألحان عمار الشريعي، كما قدّم العديد من الألبومات الغنائية مثل «متصدقيش» و«مبسوطين» و«لم الشمل» و«مكتوبالي».

علي الحجار قدّم العديد من أغاني تترات المسلسلات (دار الأوبرا المصرية)

ويرى السماحي أن «الشهرة الكبيرة التي يتمتع بها علي الحجار ألقت بعض الظلال على القيمة الحقيقية لصوته، بدلاً من أن تلقي عليها الضوء، فأحياناً أشعر أن معظم الناس من فرط ما أصبح الاستماع إلى صوت الحجار عادة وتقليداً محبباً في حياتنا اليومية، بوسعهم أن يتتبعوا ملامح الجمال في أي صوت جديد، مثلما فعلوا ذلك مع علي الحجار».

موضحاً أن «الحجار صوته أصبح جزءاً من تراثنا الفني، ويستحوذ على المستمع بملكاته وقدراته الكبيرة التي تؤكد ريادة وتفرّد هذا الصوت».

وتضمن حفل الأوبرا العديد من أغاني الحجار القديمة، مثل «يا مصري ليه»، و«عارفة»، وكذلك أغنية «يا أبو الريش»، وأغاني مسلسلات «الشهد والدموع»، و«النديم»، و«وجع البعاد»، و«الرحايا»، و«عمر بن عبد العزيز»، و«جزيرة غمام»، و«الليل وآخره»، وأغنية «بنت وولد» من فيلم «إسكندرية نيويورك»، وأغنية «في هويد الليل» من مسلسل «غوايش»، و«ذئاب الجبل»، و«مسألة مبدأ»، و«بوابة الحلواني».