موسكو: الغرب يسعى لترك الرقة خارج سيطرة الأسد

قللت من شأن تحرير المدينة وانتقدت الإسراع لإعادة بنائها

{قوات سوريا الديمقراطية} داخل الملعب الرياضي آخر معاقل {داعش} في الرقة (أ.ب)
{قوات سوريا الديمقراطية} داخل الملعب الرياضي آخر معاقل {داعش} في الرقة (أ.ب)
TT

موسكو: الغرب يسعى لترك الرقة خارج سيطرة الأسد

{قوات سوريا الديمقراطية} داخل الملعب الرياضي آخر معاقل {داعش} في الرقة (أ.ب)
{قوات سوريا الديمقراطية} داخل الملعب الرياضي آخر معاقل {داعش} في الرقة (أ.ب)

لم تخفِ موسكو، أمس، عدم ارتياحها وقلقها إزاء تمكن «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة أميركياً من تحرير مدينة الرقة «عاصمة الخلافة» في سوريا، وحاولت وزارة الدفاع الروسية التقليل من شأن هذا التطور، واستغلته لتوجيه المزيد من الاتهامات إلى الولايات المتحدة والتحالف الدولي بشكل عام، بعد أن رحبت الخارجية الروسية، بخجل، بتحرير المدينة. وعلى خلفية التقدم في المعارك ضد «داعش» تستعد موسكو للمرحلة القادمة والتركيز على جهود التسوية السياسية، وبرزت مؤشرات في هذا السياق تؤكد أن موسكو متمسكة ببناء سوريا فيدرالية مستقبلاً.
وأثارت التصريحات الأميركية عقب تحرير الرقة حفيظة موسكو، وقال إيغر كوناشينكوف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية في تصريحات، أمس، إن كلام ممثل البنتاغون حول تحرير الولايات المتحدة والتحالف الدولي 87 في المائة من الأراضي التي كانت تحت سيطرة «داعش» في سوريا، أثار الدهشة في موسكو. وذهب إلى التقليل من شأن تحرير المدينة، بقوله: «تثير الدهشة كذلك التصريحات الأميركية بأن تحرير الرقة شكّل لحظة حاسمة في المعركة ضد تنظيم داعش». وأضاف أن واشنطن تظن على ما يبدو أن الإرهابيين لا يسيطرون في سوريا على منطقة، سوى الرقة، المدينة التي وصفها بأنها «ريفية، كان يعيش فيها قبل الحرب 200 ألف نسمة، ومع بداية عملية التحالف لتحريرها لم يزد عدد سكانها على 45 ألف نسمة». في المقابل سعى الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية، إلى تأكيد أهمية و«ضخامة» ما قامت به قوات النظام والقوات الروسية في دير الزور، وقال: «للمقارنة، تمكنت القوات السورية، بدعم من القوات الجوية الروسية من تحرير مدينة دير الزور وضواحيها الواسعة على ضفاف الفرات، التي كان يعيش فيها قبل الحرب أكثر من 500 ألف نسمة، خلال 10 أيام فقط».
واتهم كوناشينكوف الولايات المتحدة والتحالف الدولي، باعتماد سياسة التدمير الشامل في تحرير الرقة، وقال إن المدينة شهدت مصيراً مشابهاً لمدينة دريسدن الألمانية التي دمرتها القاذفات البريطانية والأميركية بالكامل في أثناء معارك الحرب العالمية عام 1945. وقال إن النظام السوري والقوات الجوية الروسية لم يفعلا الأمر ذاته، فلم تُدمَّر مدينة دير الزور، لتحريرها، زاعماً أن «المدينة تستقبل يومياً آلاف العائدين إلى منازلهم، ويعيدون بناء الحياة الآمنة». وفي الوقت ذاته قال كوناشينكوف إن إعلان دول غربية تخصيص تمويل عاجل لمدينة الرقة يستدعي الحذر في وزارة الدفاع الروسية. وأضاف: «لم تكد الرقة تلتقط أنفاسها من قصف التحالف الدولي، حتى تعالت التصريحات في واشنطن وباريس وبرلين من قادة رفيعي المستوي لتقديم تمويل عاجل بقيمة عشرات ملايين الدولارات واليورو، بزعم أن هذه الملايين يجب أن تصرف لإعادة الحياة السلمية في المدينة». وبعد ترحيبه بهذا الإعلان، أشار إلى أن «هذا الأمر يثير لدينا تساؤلات عدة»، واتهم الولايات المتحدة والعواصم الأوروبية برفض مناشدة روسية لإرسال مساعدات إلى من يحتاج إليها في كل المناطق في سوريا، دون تقسيم «سيئ» و«جيد». وقال إن استعجال الغرب في تقديم المساعدة للرقة الآن، يعود إلى «الرغبة في إخفاء آثار القصف الوحشي لطيران التحالف الدولي والأميركيين بسرعة، الذي دفن تحت الأنقاض في الرقة آلاف المدنيين المحرَّرين من تنظيم داعش الإرهابي».
تجدر الإشارة إلى أن الدول الغربية رفضت إرسال المساعدات التي تصل إلى النظام السوري، وتقول إنها كلها توزَّع فقط على مناطق سيطرة النظام، بينما لا تصل إلى «عنوانها الرئيسي»، أي إلى المدنيين في المناطق الخاضعة لحصار خانق من جانب قوات النظام.
من جانبه، رأى السيناتور فرانتس كلينتسيفيتش، النائب الأول لرئيس لجنة المجلس الفيدرالي لشؤون الدفاع، أن الغرب يسعى عبر تخصيص أموال للمساعدات الإنسانية للرقة، إلى إنشاء مركز جديد في سوريا خارج عن سيطرة رأس النظام السوري. ووصف في تصريحات، أمس، المساعدات الأميركية العاجلة إلى المدينة بأنها «مثال على ازدواجية معايير السياسة الأميركية في سوريا، ومثال على التقسيم ما بين (جماعتنا) و(غرباء)». وأضاف أن «الأمر لا يقتصر هنا على سعي الحلفاء لطمس آثار قصفهم الهمجي. وأعتقد أن هذا كله ينطوي على محاولة انفصالية وتحويل الرقة إلى مركز سوريا ثانية، سوريا غير خاضعة لبشار الأسد»، وعبّر عن قناعته بأن «الأموال تم تخصيصها لهذا الغرض تحديداً، أما إعادة الحياة السلمية إلى المدينة فليس أكثر من مبرر».
أما الخارجية الروسية فقد رحبت بتحرير المدينة ودعت إلى تعاون شامل متعدد الجوانب، لتفادي أي تداعيات غير مرغوبة. وقال سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي: «نرحب بأي نجاح في الحرب ضد (داعش). وفي هذا الإطار فإن ما تم إنجازه في الرقة هو بالطبع خطوة نحو الأمام. وننطلق من أنه، وبهدف التقليل من التداعيات غير المرغوب بها، من المهم التعاون الشامل والوثيق على محور الحرب ضد الإرهاب».
في شأن آخر نقلت وكالة «ريا نوفوستي» عن السيناتور كلينتسيفيتش تحذيره المعارضة السورية من التمسك ببناء سوريا «ديمقراطية لا مركزية»، وقال، إن هذا الأمر قد يؤدي إلى تقسيم البلاد. جاء كلامه تعليقاً على تصريحات عن «سوريا الديمقراطية» في بيان عقب تحرير الرقة، قال فيه إن مصير المدينة سيحدده أبناؤها، «في إطار سوريا ديمقراطية مركزية»، وفق تصريح السيناتور الروسي، وأضاف: «تلقينا في روسيا بسرور الأنباء حول تحرير الرقة بالكامل. لا شك أن هذا يقرّب الانتصار على (داعش) في سوريا. لكن مرحلة (جديدة) تبدأ الآن ليست أقل تعقيداً عن السابقة، وقريباً جداً ستطرح على جدول الأعمال مسألة بنية سوريا ما بعد الحرب».



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.