تونس: حزب «النداء» يسعى إلى استعادة قياداته «الغاضبة»

استعداداً لمؤتمره الانتخابي الأول

TT

تونس: حزب «النداء» يسعى إلى استعادة قياداته «الغاضبة»

شرع حزب «نداء تونس»، المتزعم للائتلاف الحاكم في البلاد، في الإعداد لعقد مؤتمره الانتخابي الأول وتجاوز الانقسامات السياسية التي برزت في صفوفه، إثر خلافات عميقة على مستوى تسيير الحزب وعلى مستوى علاقته ببقية الأحزاب السياسية، وبخاصة تحالفه مع حركة «النهضة» الإسلامية.
وهيمن تحالف «النداء» الذي أسسه الرئيس التونسي الحالي الباجي قائد السبسي، و«النهضة» بزعامة راشد الغنوشي، على الساحة السياسية التونسية في السنوات القليلة الماضية. وفشلت محاولات أحزاب سياسية عدة في كسر هذا التحالف الذي يُطلق عليه خصومه «ديكتاتورية الأغلبية»، وهو ما أدى إلى استقالة عدد من الرافضين للتحالف مع «النهضة» من حزب «النداء» وتشكيل أحزاب سياسية بعيدا عنه. وخلال هذه الفترة بالذات، تجري قيادات «النداء» مشاورات حثيثة لعودة بعض القيادات السياسية «الغاضبة» إلى حضن الحزب استعدادا لمؤتمره الانتخابي الأول المنتظر تنظيمه نهاية السنة الحالية.
وأشار وليد جلاد، النائب البرلماني المستقيل من «النداء»، إلى إمكانية عودة بعض الوجوه السياسية الفاعلة إلى الحزب في حال التوصل إلى طريقة «تسيير ديمقراطي» داخل الحزب وتنظيم «مؤتمر انتخابي ديمقراطي». وقال إن الحل بالنسبة إلى عدد كبير من السياسيين يكمن في لم الشمل من جديد، إثر فشل عدد من الأحزاب التي انسلخت من «النداء» في الجمع بين مختلف الفرقاء، على حد تعبيره.
وفي هذا السياق ذاته، دعا برهان بسيس المستشار السياسي لـ«النداء» إلى «استرجاع الخط السياسي المنسجم وتجاوز حالة التشرذم السياسي»، وقال إن المرحلة الراهنة تتطلب الاستقرار وتجميع الفرقاء السياسيين.
وقال المحلل السياسي التونسي جمال العرفاوي، لـ«الشرق الأوسط»، إن اقتراب المواعيد الانتخابية، خصوصا منها الانتخابات البلدية المقررة في 25 مارس (آذار) المقبل والانتخابات الرئاسية والبرلمانية سنة 2019، فرض على حزب «النداء» ضرورة رص الصفوف في مواجهة مختلف الأطراف السياسية المنافسة لا سيما حركة «النهضة» وتحالف «الجبهة الشعبية».
وتوقع العرفاوي التوصل إلى فترة هدوء سياسي داخل «النداء» لمواجهة الاستحقاقات الانتخابية، ولكن بعد ظهور نتائج المحطات الانتخابية فإن الخلافات السياسية في صفوف هذا الحزب قد تظهر من جديد.
ومنذ تأسيسه بتاريخ 16 يونيو (حزيران) 2012، مر «النداء» بمحطات كثيرة أبرزها تعيين حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس التونسي الحالي، منسقا عاما للهياكل وتحفّظ عدد من أعضاء الهيئة التنفيذية على هذه الخطوة. وخلال الانتخابات البرلمانية التي جرت سنة 2014، رفض جناح في «النداء» ترشح حافظ قائد السبسي على رأس القائمة الانتخابية في العاصمة التونسية. وانطلاقا من سنة 2015 ظهرت خلافات عدة أخرى في شكل واضح من بينها المنافسة على منصب الأمين العام للحزب بين مجموعة حافظ قائد السبسي ومجموعة محسن مرزوق الذي استقال من قيادة الحزب وأسس حزب «مشروع تونس» الذي التحق به 26 نائبا برلمانيا أغلبهم من «النداء»، وهو ما أثّر على الكتلة البرلمانية للحزب وقلّص عددها من 86 نائبا إلى أقل من 60 نائبا برلمانيا في الوقت الحالي بعد تسجيل استقالات إضافية.
وخلال السنة الماضية، ازدادت الأزمة بصفة كبيرة، إثر استقالة رضا بلحاج من الهيئة السياسية واتهام الحزب بالتخلي عن وعوده الانتخابية، علاوة على رحيل أسماء سياسية لها وزنها على غرار بوجمعة الرميلي (المدير التنفيذي السابق لـ«النداء») وخميس كسيلة (أحد مؤسسي الحزب).
ولم ينجح «النداء» منذ سنوات في عقد مؤتمره الانتخابي الأول على الرغم من تحديد تواريخ عدة في السابق. وتتمسك القيادات السياسية سواء التي حافظت على انتمائها إلى الحزب أو تلك التي غادرته بأن عقد المؤتمر يمثّل الحل الأمثل لتجاوز الانقسامات الحاصلة في أهم الأحزاب المشاركة في الحكم.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».